شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
من أوراق "هدباء"
[­ حمل الزهور إليَّ... كيف أردُّه
[ وصبايَ: مرسوم على شفتيه
[ وبدون أن أدري... تركت له يدي
[ لتنام كالعصفور بين يديه
[ سامحته، وسألت عن أخباره
[ وبكيت ساعات على كتفيه!!
[• هذه هي ((هدباء نزار قباني))... تقدم للقارىء العربي، ضمن منشورات أبيها لعام 2000 م:
سيرة ذاتية ثانية للشاعر/ العصر - نزار قباني، تحت عنوان ((من أوراقي المجهولة)).
[ ولم أكن قرأت خبراً - أي خبر - عن إصدار هذا الكتاب الجديد في طبعته الأولى الصادرة في نيسان (إبريل) من هذا العام، فالأحياء يفقدون ذاكرتهم عن الأموات غالباً... لكن ((الصديق العزيز جداً إلى نفسي)): التقط لي نسخة من هذا الإصدار أثناء مروره من لندن، فإذا بي أمام ((نزار)) الحبيب وجهاً لوجه.. بعد أن طويت صفحة عمره، ولكن لن تطوى صفحات شعره الخلاّق، ونثره الشاعري، ولو حاول الكارهون له... ذلك أن ((نزار قباني)) كما وصفته ابنته الكبرى ((هدباء)) في مقدمتها لهذا الكتاب الجديد:
[- لم يترك بيتاً لم يدخله.. ولم يترك حديقة لم يجلس تحت أشجارها.. ولم يترك امرأة لم يزرع في شَعرها قصيدة.. ولم يترك طفلاً لم يلعب معه.. أهداها ديواناً من شعره وعلَّمها: كيف تكتشف أنوثتها... هكذا كان هو والشعر: وحدة حال))!
[ وعندما قرأت مقدمة ((السيدة هدباء))، قلت:
[- لقد ترك لنا ((نزار)): ابنة أديبة قادرة على تطريز الشعر لو أرادت!
[• وتقصُّ علينا ((هدباء)) في مقدمة سيرة أبيها الذاتية الثانية: كيف عاش ((نزار)) للشعر وحده، ومات عندما توقف عن الكتابة... وقالت عن أبيها:
[- ((لم تُجافِه الكتابة من قبل إلا مرة واحدة، ولمدة ستة أشهر.. تعذَّب خلالها كثيراً (خلال حرب لبنان) واستعاد بعدها عافيته الشعرية، لكنه هذه المرة استسلم لقلبه المريض فصرتُ أحرص على أن أضع أمامه الأوراق والدفاتر الملونة والأقلام، وأرجو منه الكتابة... أن يكتب ذكرياته مع الشعر))!
[• فمن الذي استطاع أن يرسم وجه ((نزار قباني)) / الشاعر المبدع؟!
[ هو الذي كان يرسم وجهه بيديه - كما قال - إذ لا أحد يستطيع أن يرسم وجهه أحسن منه... وتمادى وكشف الستائر عن نفسه بنفسه قبل أن: (يقُصّه النقاد، ويفصِّلونه على هواهم، وقبل أن يخترعوه من جديد)... ورغم كل ذلك، وما قدمه ((نزار)) من صراحة متناهية، وما رسمه من ((بورتريه)) لملامح وجهه ووجه الشاعر فيه... فقد اعتدى النقاد عليه، بل وكانت ((غاراتهم)) حتى على شخصه بعد شعره، وفي كل ذلك.. قال ((نزار)) في سيرته الذاتية الثانية:
[- ((أنا شاعر مكشوف على الجهات الأربع، كمنارة البحر ولا يمكن لأحد أن يتهمني بالسرية أو الباطنية... كما لا يستطيع أحد أن يدّعي أنه شاهدني على خمسين عاماً متنكراً في الشارع العام، أو على ورق الكتابة))!
[• وسألته يوماً: هل أنت جاد بإعلانك الطلاق البائن للقصيدة السياسية؟!
[ ولم يجبني مباشرة، ولكن حواراً اندلع عن اكتشافه: حقيقة الخوف على القصيدة من الهزائم السياسية العربية اليومية، وكان من الصعب على"نزار" - كما قلت له - أن يتقهقر إلى نهداته القديمة وهو بذلك الإكتئاب في وجدانه، ومن الصعب - أيضاً - طلوعه بقصيدة الغزل: يرقص السامبا والرومبا كما كان يفعل في الشباب!
[ لقد قَهَرَنَا هذا العصر، فاضطررنا أن نرقص على الحبل حيناً، ونُشوى على السُّفود حيناً آخر... حتى نواصل الرقص الدائم على أنانيتنا و آهاتنا!
• • •
[• و.... سيبقى "نزار قباني": شاعراً لهذا العصر، وشاعراً/ عصراً، وشاهداً على كل ما ارتكبه (إنسان) القرن العشرين ضد نفسه.... رحمه الله!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :692  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 509 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.