خلاصة الحياة!؟ |
[• لندنٌ.. تمطرني ثلجاً |
[ وأبقى باشتهائي: بدوياً |
[ لندنٌ.. تمنحني كل الثقافاتِ |
[ وأبقى بجنوني: عربياً |
[ لندنٌ.. تمطرني عقلاً |
[ وأبقى: فوضوياً!! |
|
[• شربْتُ من صوته الذي ينجو من مرضه: كلمات من الحب.. قطرات من العافية.. إطلالة من الأمل.. بارقة من الغيث.. ضحكة من الشمس التي تفتتح "إضاءات" جديدة! |
[ هكذا ولَدت اللحظات الأولى التي دخلتُ فيها على شاعر الحب/ نزار قباني في مستشفى (st tomas) بلندن... فكانت هذه اللحظات الأولى هي: النظرة العميقة المتأنية (المحتضنة) |
له التي أراه فيها - وجهاً لوجه - للمرة الأولى بعد أن عشْته: شاعراً/ عصراً، بهياً زاهياً. |
[ وبعد أن غاص شعره في تلافيف ضلوعنا وعلّمنا البوح، وسكب اللذة: خفقة في قلوبنا. |
[ وبعد أن حَرَّضتنا مزاميره - بقوة - على الغناء (للعروبة) حتى حلول اللحظة الأليمة التي حولوا فيها (العروبة) إلى: تهمة، وقضبان، وآهة وجع! |
[ انحنيت على شَعْره الأبيض بنقاء ابتسامته. |
[ وقبَّلت - هنا - الحرية، والعشق، والمواويل، والحزن العربي، ونصوص الشعر، وطقوس الحب. |
[ و..... قبَّلت: لا حدود "الإنسان" حين يغرس بذرة الحنان، وجذور الولاء للحرية أبداً! |
[ وتصاعد صوته المتعَب بالمرض وبالوحدة.. وقال لي: |
[ - أخيراً التقينا يا عبد الله! |
[ - قلت له: حق للحياة أن تكون الآن أجمل يا شاعر العمر. |
• • • |
[ كمتبتِّلٍ في محراب شعره على امتداد عصر كامل ممهور باسم "نزار قباني" |
[ إستأذنته: أن يمنحني هذه البارقة من جنون رؤيتي لإبداعه شعراً ونثراً. |
[ وأن يغدق عليَّ من عبقرية اتساع الليالي العربية بذلك الحلم العريض من عناق المطر لرمال الصحاري وغموضها!! |
[ فلما دخلتُ عليه في "مشفاه": كان المرض يغادره أو يكاد، وهو يلوح بابتسامة مشاعة إلى ابتداء الحياة. |
[ كأنه كان ينادي على حصيلة تجربته في أصداء العمر. |
[ ورأيت هذا "الباقي: بدوياً باشتهائه... عربياً بجنونه" وهويتشكل من ألوان قوس قزح قصائده! |
[فمرة هو يبدو: ضوء روح. |
[ ومرة: يتصاعد نغماً كمعزوفة الفؤاد. |
[ ومرة: يحتمي بنجوى القلب. |
[ وما زال عربياً - سمعْته - ينادي على "فاطمة" في غيوم لندن لتشرب معه: الغيم، والحزن، والشعر... طالباً منها: (حتى تصيري امرأة.. واتركي الباقي عليَّ)!! |
[ هذا الشاعر/ الفلاح.. هو الذي غرس الحلم في صدورنا، وسقاه من مطر كلماته التي امتازت في شعره بتجدد الصور... وأطلق كل بيت شعر: عصفوراً يغرد الحب في اللامدى من مناخ الحرية! |
• • • |
[• جعلت موضعي: قبابة كرسيه الذي اتخذه بجوار النافذة.. يطلُّ على هذا النهر الممتد، كأنه يتواصل مع التاريخ، والحِقَبْ، والعصور. |
[ كان يشير هذا الشاعر/ النهر الممتد المتواصل مع جذوره العربية من امرؤ القيس، والمتنبي، وعمر ابن أبي ربيعة، حتى الشريف الرضي. |
[ وتركض نظراتي خلف إشارة أصبعه المسددة إلى النهر، وهو يقول لي: |
[ خلاصة الحياة ياصديقي: تجمَّعت في معاشرتي لها.. مع انسياب مياه هذا النهر وتهاطل حبات المطر، وكل خرائط دروب دنياي. |
[ تجمعت على شكل شرايين المحبين لي الذين كانوا يتَّصلون بأهلي من شتى أنحاء الكرة الأرضية من كل الوطن العربي بلا استثناء... وكانوا - فقط - يلحُّون في الإطمئنان على صحتي، حتى إن البعض كان يسأل بلهفة: |
[ - قولوا لنا إنه بخير.. فقط هذا يكفي! |
[ الله يا "نزار"... نعم، صار يكفي أن يحبنا الناس، وأنت بهذا الإجماع! |
[ قلت له وأنا أكفكف دمعة حب تآخت مع دمعة حبه: أم كلثوم.. كانت أقوى من الجامعة العربية، فحقَّقت الوحدة العربية بغنائها، وجمعت العرب ليلة واحدة في الشهر. |
[ ونزار قباني: كان أقوى من الاستعمار الذي فرَّق بين الأمة العربية، |
فحقق الصمود والمقاومة بشعره!! |
|