شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الوجه الآخر... هو وجهه الواحد:
ـ إستضفته في مجلة ((سيدتي)) يوم كنت أحاور شخصيات مُلْفتة، أو ذات تاريخ، عبر أسئلتي التي أقدمها تحت عنوان: ((الوجه الآخر)).. وقد بادأني - قبل جوابه الأول - قائلاً وهو يضحك:
ـ أنت تعرف وجهي الآخر.. ألست الرجل بهذا الوجه الواحد الذي لا يتبدل، ولا يطيق الأقنعة؟!
ـ قلت له: بلى... والمقصود هنا خصوصياتك، وفلسفتك من خلال تحليقك مع الكلمة!
ـ قال: إسأل يا ((سيقور))، وسأجيبك إملاءً، كالعادة، وأنت (تُدَوْكِر) الحديث، وتبخره بعطر العرض، وعود!
* * *
ـ من أنت؟!
ـ إنسان عربي مسلم، أعيش بالناس وللناس، متفائل... سلوتي أحلام اليقظة!
ـ هل أنت الرجل الذي ركض إلى أسرار التاريخ، أم أن التاريخ هو الذي جذبك؟!
ـ التاريخ، التراث... حين ركضا إليَّ ركضت إليهما. تقابلنا بأنه قد كُتِب، وتعارفنا على أنه يجب أن يُفْقه. فالتاريخ الاستقراء لا حاجة إلى تغييره، والتاريخ الفقه في حاجة إلى استنباطه وتفسيره. لأن الحدث ليس هو التجسيد لواقع الحال و التشخيص له. من هنا تبدو الرواية صادقة، ولكن الصدق معها والصداقة لها أن تفقه وأن تستنبط منها الدوافع التي أحدثتها.
ـ هذا العصر الذي ولدت فيه.. هل رضيته، أم تمنيت الميلاد في عصر آخر؟!
ـ ما زلت شديد الرضا عنه، لأنه لم يحمِّلني القلق، ولم يُسقطني في بؤرة الشتات الفكري. فمهما اعتصم المثقف بما هو لديه، فإن تلاحق الأفكار وزحمة التذكير بها لا بد وأن تحدث انفصاماً ما بين ماضيه وحاضره.
رضيت الماضي، ولا أجفو الحاضر على قسوته، ولا زلت أتفاءل بالمستقبل.
ـ ماذا عنيت في عنوان كتابك وعمودك اليومي: ((تمر وجمر))؟!
ـ لم أعْتَن، وإنما هو العناء... أتذوَّقه، أعيش ألمه، فكل ما أكتبه نفثات الصدر.. الرموز فيه فضح لحقيقة واقعة، والإيضاح فيه رمز لأمل مستقبل. فكل ما أعني به، أو كل ما يسلطه العناء هو ما أتحرى به الصدق مع نفسي، ومع الناس، وللناس.
ـ ولكننا نريد تفسيرك لاختيار تمر، وجمر، ومواءمتهما معاً؟!
ـ العربي، وفي الصحراء بالذات وهو الذخر لهذه الأمة، يعيش على التمر وعلى الجمر التمر غذاؤه، والجمر تدفئته.. - فقد يحسن الجمر في سهولة العيش والإضاءة.. بنما لا ينكر العرب أنه قد اكتوى بالجمر.. فرقة، وجهلاً، وشظفاً.. فالتمر مادة في حياتنا، والجمر مدد لحياتنا.
ـ متى يبدأ الرجل في تزوير عمره الحقيقي؟!
ـ ذلك لا يحدد في وقت، فهو حين يعشق يذهب في إعلان الشباب، وحين يموت العشق، يموت الكذب ليصدق الإعلان عن العمر الحقيقي، وحين يعود الشيخ طفلاً جديداً يفرح كالطفل.. يعلن عن سنه الحقيقي.. فكما الشباب يكذب في سني عمره، فإن الطفل يتكاذب.. يعلن أنه أكبر من عمره.
ـ وهل زوَّرت أنت في عمرك يوماً؟!
ـ لو لم أكن عاشقاً عذرياً، لأجبرتني الرغبة في أن أزوِّر، ولكن العشق إذا كان نظرة، فابتسامة، فسلاماً، فكلاماً.. دون وعد بلقاء، فإنه لا يحتاج إلى تزوير. حين تنقطع الزَّوْرة فلا تزوير.. مع أنني عشقت كثيراً!
ـ متى تزوجتَ؟!
ـ تزوجت اثنتين.. الأولى عام 1346هـ، فافترقنا، وقد أنجبت بنتاً ماتت بعد، ثم تزوجت أم أولادي التي تعيش معي الآن في شهر رجب عام 1348هـ.. فأنجبت منها 12 ولداً، البنات ست، والأبناء ستة.. أعيش لهم، وقد عشت بهم، فأسأل الله أن يصلحهم لي وبي، كما يصلحهم لوطنهم إن شاء الله.
ـ ما هي حكاية الزوجتين.. وهل اختيارهما لم يكن برضاك؟!
ـ قد يكون الأمر بَيْنَ بين.. فليس هناك القسر، وليس مني الرضا كالرضا، تزَّوجت الأولى لأنها من عزوتي، فقنعت بها ولم أَجْفها يوم كانت تعيش معي.
ـ ولماذا طلقتها؟!
ـ لأبي وزوجه دور كبير.. قنعت أن أكون معهما، فحين أصبت بذات الرئة لم يجدا منها العناية، فكان الطلاق.
ـ والثانية؟
ـ رشحها لي خاطبان. جار لأهلها، والسيد ماجد عشقي، رآها تصحب أخاها الصغير إلى المدرسة، فقال لي: إن أردت الزواج، فعليك بأخت (عبد الرحمن داعوس)، وتمَّت الخطبة، وكانت الوليمة: ((شاتان))، وكان المهر 20 جنيهاً أي (300 ريال مجيدي)، فأنجبت، وكانت أقدر مني على تربية أولادها، وأحرص على تعليمهم.. فقد كنت أعيش التلهِّي.. أخلص من جد العمل إلى الهزل في السهرات.. أما هي فالثبات على تنشئة الإنبات.. ففضلها على الأطفال أكثر، وعنايتي بالرجال أكبر!
ـ أسماء أبنائك وبناتك؟
ـ قد لا يستحسن ذكر أسماء البنات، كما كنا من قبل، ولكن كنت من قبل لا أستوحش من ذكر أسماء الأمهات والأخوات البنات، فبناتي هن حسب سن الميلاد: خديجة، هند، أسماء، عائشة، عفاف، سميرة.. أما الأبناء فهم: حسين، فيصل، فريد، سامي، سعود، أحمد.
ـ من من البنات ومن الأولاد أقرب إليك؟!
ـ القربى لا تستديم الزمن كله.. تارة واحدة، وتارة واحداً.. كل ذلك يأتي لا من تصرفي وحدي، وإنما من تصرف البنت أو الابن. إن النجاح أو استمرار السعادة في البيت عامل من عوامل التقريب، والآن أعيش القربى مع إبن لا أسميه، وبنت لا أسميها، لأني حريص على أن لا أسيء إلى البقية.
ـ ماذا علمت أبناءك وبناتك؟
ـ كلمة أستعيرها من الصديق عبد العزيز ساب، قال: أنت علمتنا الحب، فأنا سعيد بأني لم أجزع من أي خلاف وقع بين الأبناء، ثم علمتهم أن يكونوا رجالاً، وأن تكون البنات أمهات، حتى أني - وكل منهم ومنهن يعيشون ويعشن بعيداً عني - لم أسألهم يوما عن ما ملكوا أو ما استهلكوا.
ـ وكيف عاملتهم؟
ـ بالحنان والعطف أطفالاً، وبالصداقة حين كبروا.
ـ وماذا يتعلم الجيل المعاصر.. من الجيل القديم؟
ـ زحمة الحياة، والقلق المتسعِّر، والسّعار المشتعل.. أحدث الفصام بين الجيلين، وشر من ذلك أحدث الفصام في بعض الأسر!.. ولكني أتفاءل حينما أعتقد أننا نمُرُّ بمرحلة الصهر، فسيعود الجميع إلى علاقة طيبة يعرف بها الجيل الجديد قيمة الجيل القديم... فالجيل القديم أب - سواء كان بالولادة، أو بما بناه من العلم وبما رسَّخ من الآمال - فالجفوة طارئة، والصفوة قادمة.
ـ بمعنى أنك لا تخاف على جيل المستقبل؟
ـ الخوف لا بد منه.. فإنه إذا ما ترسَّخ دعا إلى المقاومة لطرده. فأيما إنسان لا بد وأن يشعر بالخوف، ولا تكمل إنسانيته، ولا تُبنى حياته إلا إذا استطاع مقاومة الخوف.. فهذه المقاومة بناء للشخصية، يبني بها المستقبل. أنا لا أكره أن يتسلط الخوف إذا كان يدق ناقوس الخطر، لنعمل على إيجاد المقاومة.. فالعيش الهنيء بلا خوف: نوم، استكانة.. أما الشعور بالخوف فإنه يأتي بالتحرك ضده لينتصر الإنسان.
ـ أعز أصدقائك.. وأقربهم إلى نفسك؟!
ـ في الماضي: أستاذي السيد حسين طه، وزملائي محمد سالم الحجيلي، ومحمد أياس توفيق، يرحمهما الله ومحمد نيازي.. وفي التالين: السيد ياسين طه، ومحمد عمر توفيق ومحمد إياس توفيق، وعبد الله عبد الرحمن الجفري، وعبد الله الماجد، و... ((ماسحة البلاط))!
ـ من هي ماسحة البلاط؟!
ـ تلك إحدى بنات الثلج.. كتبت مقالاً عنها، أصبح في مجموعة كتابي ((صُور)). عرفتها كلها بالنظرة العشواء، وما ذقت بعضها بعضاً بالعفة العذراء. أحيتني وهي القاتلة وأسعدتني وهي المُشْقية. حين عرفت أنها أم طفل جعلت نفسي أباها، وجعلتها أمي!.. كم أود أن أراها تغتسل بالثلج، ليفوح عطر الياسمين.. فالجمال عندي ليس البياض المُورِّد، وإنما هو البياض المُزَعفَر بصفرة الياسمين.
ـ ما هو العلم الآخر الذي حاز اهتمامك، وودت لو درسته. ولماذا؟
ـ هو علم الهندسة.. لأني صاحب خيال، والمهندس حين يلبسه الخيال يُعمر. إن الهندسة عملها يكسب جماله من اسمه.. كأنما هندس تعني هندم. فالهندمة زخرف المهندس، وإذا زاد على العلم الخيال بشيء من الذوق.. أصبح المهندس فناناً.
ـ ما الذي جمع فيك: المؤرخ، والنسابة، والأديب، والعالم، وكاتب الكلمة المجنحة؟!
ـ طفولة البداوة، وعشق الكلمة من فرسان القبائل، وحب التراب الذي نشأت فيه، جرَّني كل ذلك إلى أن أعشق ((البطل))... فالبطل مفتاح التاريخ، والتاريخ لأي أمة هو صانع بطلها، وإن كان البطل يضيف إلى التاريخ صناعة جديدة في تاريخ جديد، هو منه، هو به، ولن يكون إلا إذا كان البطل عاشقاً مُدْنفاً لماضيه وحاضره ومستقبله.. فحينما يخلو البطل من عشق ذلك يصبح باطلاً!
ـ ما هي قضيتك الخاصة كإنسان؟
ـ وقد أصبح الشيخ طفلاً، فإن قضيتي أن أتمنى أن أُحرم مما كنت أتمنى الوصول إليه من قبل، فاليأس إحدى الراحتين.
ـ وقضيتك العامة؟
ـ هي ليست ما أتظاهر به من التنديد بإسرائيل وأعوان إسرائيل.. وإنما هي التنديد الذي لا أستطيعه بما عليه العرب الآن. إن التنديد بالأعداء هو رفع المسؤولية عن الأصدقاء!. قضيتي هي قضية الشعب العربي كله الذي لم يَنَمْ من هول ما هو فيه، وإن تناوم مما يفعله بعض منْ هم فيه!
ـ الحب في الزواج.. هل هو عِشْرة، أم عاطفة، أم تعود؟!
ـ ليس لذلك قانون.. قد يكون الزواج حباً لرؤية سابقة، وقد ينمو بالمعاشرة كما قد يموت بها.. فالأحوال تتعدد.
ـ ما رأيك في الزواج هذه الأيام، والعلاقة بين الشاب والشابة داخل بيت الزوجية؟!
ـ الزواج الآن يتعثر بعراقيل، ليس منها غلاء المهور، وإنما منها: صعوبة السكن، والإسراف في الحفلات، والتباهي في ذلك، وغلاء الأثاث.. وكل هذا يمكن التعادل به أو تعديله، ولكن الغيرة المصطنعة في الشباب، تراه يجفو بنت بلده لأنه لا يرضى عن سلوكها، مع أنه لو تحرَّى لعرف أنها على طُهْر وعفَّة، ولكنه وقع فيما وصفه الدكتور رشاد رشدي في بعض رواياته، قال على لسان الفتاة تقول لخطيبها حين انفصل عنها: ((أنتم يا رجَّالة تتزوجون زوجات غيركم، وتتركون زوجاتكم))! إن هذا من الغفلة بمكان.. فهو حين يتزوج الأجنبية لا يعرف عنها شيئاً، فحين عرفها معرفة سطحية، لم ينغِّصه الشك الذي عاشه مع بنات أرضه. عملية فيها الفصام حدث منها الخصام، فالشاب أصبح خصم نفسه، ومن هنا، وبهذا الفصام، كثر الطلاق.. عمل لا بد له من توعية، ولعلّ الصدمات فيه التوعية الأكبر.
ـ عقلك أم قلبك.. تريده الذي ينتصر بك في مواقفك الإنسانية؟!
ـ في موقفي مع الناس أرجو أن يتوازن عقلي مع عاطفتي، بل أفضل أن تنتصر العاطفة، أما مع نفسي.. فحالة أريد أن ينتصر بها العقل في علاقتي مع الأسرة، وتارة أريد أن تنتصر العاطفة في تعلُّقي بالأسرة.
ـ دور المرأة في حياتك.. ما هو، وإلى أي مدى؟!
ـ المرأة كما قلت أكثر من مرة هي: الأم، والأخت، والبنت.. هي بكل ذلك عندي قدِّيسة.. يخدع الرجل نفسه إذا ظن أنه يكدح في سبيل العيش أكثر من كدْح المرأة في توطيد المعيشة، فالرجل جالب العيش، والمرأة تصنيع العيش. كنت أقول أن الأمومة غريزة، والأبوة رغبة.. فإذا بي أسمع هذا الكلام بالحرف الواحد في أحد الأفلام! فالأمومة يجب أن تحترم، والأبوَّة يجب أن تتعقل!
ـ ماذا تسمي الجيل الجديد؟
ـ أسميه ((الجيل القرفان)).. ينعم بالترف، ويعيش بالقرف.. أو هو الجيل المتعثر أمام الرغبات.
ـ ماذا تريد أن تُنبت الأرض؟!
ـ أريد أن ينبت فيها الحب والوئام.. فالأرض لا تنبت نباتها إذا لم يكن فلاحها يحبها.. ومن الغريب أن الأرض تحب ابنها الإنسان، وقليل من الإنسان من يعشق أرضه.. العشق المُعمِّر.. العشق المُؤمِّن، يبذل نفسه في الدفاع عنها.
ـ وماذا تريد أن ينبت عقل الإنسان؟!
ـ إن عقل الإنسان من العصر البدائي إلى العصر المدني الآن قد أنبت ما عمَّرت به الحياة، وما اعتلت به الحياة.. كأنما كل ما هو الآن تنمية للعقل لتبرز منه أعاجيب.. فعقل الإنسان قد انفتح أمامه الطريق بالعلم، وبالتجربة، فهو حين عرف أن إبراز مكنون ما في الطبيعة هو معالجتها بقانونها، أصبح الأسلوب، عظيم الإنتاج.
ـ في أي جهة من الرأس.. يكون العقل؟!
ـ أنا لا أستطيع التحديد بالتعريف العلمي، ولكني أعرف أن المخ مركز العقل، وقد جار العلماء على القلب فقالوا: إن الدماغ هو مركز الحب.. فالمخ عجب العجائب في هذا الإنسان.
ـ لو طُلب منك أن تتنازل عن قلبك لإنسان.. فلمن تعطيه؟!
ـ سؤال تصعب الإجابة عليه.. لأن قلبي عزيز علي، ولأني لا أجد من هو أعز مني ليأخذ قلبي، إلا إن كانت ماسحة البلاط!
ـ من هو الشاعر الذي تحب قراءة شعره، ولماذا؟!
ـ المتنبي وأبو نواس بالأمس، ونزار قباني، وعمر أبو ريشة، وشوقي اليوم.. فالمتنبي تفوق بالطموح، يعلمنا أن نكون الطامحين. ونزار جعل من الشعر القيد انطلاقاً، ومن النثر الانطلاق قيداً!
ـ أين تجد قمة الحب؟!
ـ في الأمومة.
ـ وأعمق من الحب؟
ـ التضحية في سبيل الحب.
ـ وأقوى من الحب؟
ـ الموت.
ـ من هي أشهر امرأة؟!
ـ في التاريخ الإنساني ((مريم))، وفي التاريخ الإسلامي ((خديجة بنت خويلد))، وفي التاريخ المصري شجرة الدر.
ـ من هي أجمل امرأة في حسك؟!
ـ المحترقة.. كانت أول حبي، وما زالت كل حبي، رغم ماسحة البلاط.
ـ من هي أجمل امرأة في رأيك؟
ـ أمي.
ـ وأقوى امرأة؟!
ـ أم حبيبة بنت أبي سفيان التي آمنت رغم أنف أبيها، وهاجرت وهي من عِلْية القوم، فأنعم الله عليها بأن تكون أم المؤمنين.
ـ وأحقر امرأة؟
ـ إمرأة لوط.
ـ أهم ما تطلبه أنت كرجل من الأنثى؟!
ـ الحنان.. عن حب أو رعاية.. فالطفل أنا قد فَقَدت أمي، فأصبحت عاشق الحنان .. مصنوع الحنان.
ـ لو أردت أن تختار أعلى قمة جبل.. فما هو ذلك الجبل، ومن تنادي عليه من فوقه؟!
ـ إنه جبل حراء.. وأنادي: واإسلاماه.. واعروبتاه!!
ـ كيف ترى الروابط الأسرية في المجتمع العربي اليوم؟
ـ ليست على ما ينبغي.. الأب يبتعد عن أبنائه بمشاغله أو برغباته، والأمهات ابتعدن، فأصبح الطفل هو ((إبن البزَّازة))، والمطبخ سندويتش في الثلاجة. إن الأسرة قد استوردت معيشتها الآن من ما هو واقع في الغرب.
ـ من هي الشخصية التي فتنتك في التاريخ الإسلامي؟
ـ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أبو بكر الصديق)):.. لأن هذا الإنسان البكَّاء الذي لم يكن ذا عضل، قد صنع في ثلاثين شهراً أعجوبة الدهر: وحَّد الأمة بعد الرِّدة، ووضع قواعد الفتح فهو صانع الفتح العظيم.
ـ وفي التاريخ العربي الحديث؟
ـ عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود.. حيث رد الاعتبار إلى جزيرة العرب.
ـ وفي العالم؟
ـ كُثْر .. على القمة غانْدي.
ـ أين تقف القوة من الحق؟
ـ القوة نصير الحق، ولكن الحق قد يخذلها إذا كان أصحابها من المُبْطِلين.
ـ من هو المؤرخ؟
ـ المؤرخ اثنان: إبن خلدون، وأبو خلدون (ساطع الحصري).
ـ من هو الفدائي؟
ـ الجندي المجهول يوم الكرامة.
ـ ما هو تعريفك للسياسة؟
ـ الكذبة الكبرى!
ـ كيف تطبَّق العدالة اليوم؟
ـ حين اجتمع جمال الدين الأفغاني بالفيلسوف البريطاني ((هربرت سبنسر)) سأله الفيلسوف: ما هو العدل؟.. فقال جمال الدين: يوجد العدل حين تتعادل القوى!
لقد فُقِد العدل الآن بظلم الأقوياء للضعفاء (والظُلم من شِيَم النفوس، فإن تجد ذا عفة فلِعلَّةٍ لا يظلم)!
ـ هل نحن أمة رومانسية.. أم أمة درامية؟!
ـ حين كنا رومانسيين تفوَّقنا، لأن الحب والغزل كانا فروسية.. وحين تراكمت المآسي، أصبحنا أمة درامية.. نبكي على المسرح ونضحك في الشارع!
ـ الكاتب الذي تريد أن تقرأ له ويستهويك؟!
ـ هما اثنان.. فواحد لا أعرفه، ولكنه يُصبح المعرفة لي بما يجيد فيما يكتب، والثاني أعرفه صادقاً فيما يكتب، لا يسرق ما كتب غيره ينشره على الناس.. فالكاتب الصادق من معارفي هو الخفي عني.
ـ والكاتب الذي احتقرته بعد أن قرأت له مرة واحدة؟
ـ واحد أسميه هو ((لويس عوض))، وواحد لا أسميه.. الذي ما زال يسخر بالقرَّاء.. ينشر عليهم سرقاته.
ـ هل أنت راضٍ عن نفسك؟!
ـ لست مغروراً حتى أرضى عن نفسي، ولكني ولله الحمد حيث أثق بنفسي أتمتع ببعض الرضا، لا كُله.
ـ ما هو مصدر قوتك؟
ـ قلتها.. إذا شتمك قوي فليس ذلك سبًّا يُغضبك، وإنما هو تسخير، وإذا سبَّك ضعيف فذلك إستجداء ترحمه.. أما إن سبَّك النديد فتلك شتيمة أقاومها.. فالاحتمال هنا قوة، والضعف أمام الضعيف قوَّة!
ـ وما هي نقطة ضعفك؟
ـ نقطة ضعفي عند الوارثين: أني لا أحفل بالمال!
ـ ومصدر خوفك؟
ـ مِنْ عجز الشيخوخة.
ـ ما هي هوايتك الآن؟
ـ الكتابة والقراءة.. أستقرئ ما يُقرأ، فلا زلت عاشق الكتاب.
ـ ما هي الكلمة التي تقولها بصوت مرتفع.. ولمن؟
ـ يا أمان الخائفين.. ويا مُخيف الآمنين.. أتحدى بها قوة الظلم، وظلم الأقوياء.
ـ والكلمة التي تهمس بها، وفي أذن من؟!
ـ أهمس بها في أذن صديق أستجديه قائلاً: ((لا تجفو شيخوختي، فالشيخ الطفل في حاجة إلى صداقتك))!
ـ ما الذي عكس المفاهيم والمعايير في عصرنا هذا؟
ـ السعار إلى المال.
ـ لو أردت أن تُعِّبر لأنثى جميلة عن شعورك.. ماذا ستقول لها؟
ـ كان محمد عمر توفيق يُمَازحني، حين كان يسمع مني: إذا رأيت الجميلة، أقول ما شاء الله، تبارك الله أحسن الخالقين!
ـ متى تفقد المرأة اهتمامها بالرجل؟
ـ حينما تسترجل.
ـ ومتى يفقد الرجل اهتمامه بالمرأة؟
ـ حينما تسقط الفحولة!
ـ الصوت الذي تحب سماع غنائه.. ذكراً وأنثى؟
ـ كان في القديم ((أم كلثوم))، وجديداً الآن ((فيروز)) و ((ياسمين الخيام))، أما الرجل فلم يتغير.. فهو محمد عبد الوهاب في القديم من أغانيه.
ـ الأغنية التي تفضلها دائماً؟
ـ من أم كلثوم ((سَكَتِّ والدمع أتكلم))، ومن فيروز أغنيتها عن القدس، ومن ياسمين الخيام ((أرض الفيروز))، ومن عبد الوهاب ((الهوى والشباب والأمل المنشود ضاعت جميعها من يديا))!!
ـ ما هو اليقين؟
ـ اليقين هو اعتناق الحب، ومقاومة الباطل.
ـ أكمل معنا العبارات الآتية الناقصة:
ـ سيرة بطل: كتاب لي.. أصدرته قبل أعوام، والقصد منه توعية القارئ والسامع بسَيَر أبطال الإسلام الذين صنعوا التاريخ، وجعلوا منه الأمة العربية.. الأمة الوسط والوسيط.
ـ التراث العربي: يحتاج إلى تجديد العرض له، وحبذا لو يفصل في كتب الجيب، وحبذا مرة أخرى لو يُجرَّد من العنعنات، لأن وقت القارئ لا يطيق إتساع التطويل وطول التراجم.
ـ شعوري أنني جَدْ: يعطيني السعادة حين أرى الحبيبة من الأحفاد، والذكي من الأبناء.
ـ التوازن بين الحقوق والسياسة، والحقوق المعاشية هو: في كفاءة الذين يملكون القوة في إدارة السياسة وتنظيم العيش.. فالكفاءة هي التي تصنع التوازن، فالقوة بلا كفاءة.. لا شيء.
ـ المرأة العربية اليوم: أبعدت نفسها عن مسئولية الأمومة!
ـ من هو ((أبو رغال)) هذا العصر؟!
ـ أبو رغال مضى وانتهى، وإبن العلقمي سقط، ويوسف خنفس انتهى، ولكن... إبتدأ الآن أبو رغال آخر، لا يقود الأعداء لهدم بناء الأمة، وإنما هو الذي يقود للأعداء دماء الأمة!
ـ من أين ترعف السيوف؟!
ـ حين يصون الفؤاد رعافه، وتستبيح رعاف الأعداء.
ـ بطاقة.. لمن تبْعثها، وماذا تكتب له فيها؟
ـ إلى إنسان لا أعرفه، وأريده أن يعرفني.
ـ إلى زعيم يُعلِّم شعبه صناعة الموت.. لا يقود المعركة وراء الخط، وإنما يتصدر المعارك!!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :841  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 422 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.