المساء متوقف.. |
أفرط في تشذيب غرور الساهرين، |
وأشاح عن هدهدة الذين يمضون الليل. |
وحدهم في انتظار عودة النفس إليهم. |
وتنسحب عقارب الساعة.. |
إلى كل مكان مليء بالزحام أو بالضجة، |
أو حتى بالتأمل والتحديق. |
فيركض الوقت، |
ولكن هذ الوقت يبدو بليداً.. |
ثقيلاً كزجاجة طافحة بالرمل. |
حينما يبقى الساهر منقوعاً تحت النجوم ينتظر! |
فماذا ينتظر.. |
هذا الإنسان الساهر وحده؟! |
عن عصا الساحرة في حكاية ((سندريللا))... |
وقد أضاع كل إنسان عيونه في الوقت الذي كان يفتش فيه.. |
عن ((مقاس)) حذاء تلك التي تواجدت في الهروب دائماً! |
لقد أصبح الكثير في هذا العالم: |
يركض حافياً، |
ويفكر حافياً، |
ويحب حافياً!! |
فهل كان - إذن - |
ينتظر عودة الإيقاعات.. |
إلى الحاسة في أذن ((بيتهوفن)) بعد موته؟! |
لقد انتشر ((النغم)). |
أصبح النغم موجوداً في ألعاب الأطفال، |
وفي قرعات طبول الحرب، |
وفي الانقلابات العسكرية.. |
مثلما هو موجود في مشاعر الساهر. |
وحده تحت نجمة.. |
يترقب عودة ((جودو))!! |
* * * |
أم ينتظر ((مطر العمر في توهج المسافة)).. |
بينما المسافة أصبحت هي القدر المكتوب؟! |
يبحث عن التوهج.. |
فلا الغيث ينهمر.. |
لكن العالم كله مجلود بالقوة.. |
مسفوح بالصدمة.. |
متمنطق بالخوف من نفسه. |
الإنسان لم يعد هو هذا العالم.. |
بل الإنسان يبقى في داخل العالم. |
محكوماً بالمصالح، |
وبالضربة القاضية!! |
* * * |
في انتظار الفرح.. |
تتوقف ريشة الرسام، |
ويجف حبر الشعر، |
ويبح صوت الشادي، |
والوقفة بعد منتصف الليل.. |
لعلّ هذا الإنسان يعترف: أن الناس يزرعون احتجاجهم |
في حدقتي عينيه، |
ويديرون ظهورهم.. |
وهو لا يملّ إنتظار الفرح، |
وإنتظار الحقيقة.. |
أو يستغرق في مزيد من خرافات الجبل الذي يلد فأراً |
للعالم! |
* * * |
لعلّ الإنسان يكتشف.. |
أن فكرهُ مدعوّ إلى الاقتناع.. |
بضرورة الاقتران بخاطرة وهمية، |
أو بعبارة متروكة من قديم الزمان.. |
حتى يستطيع أن يرتاح! |
لعلّه في انتظار عروس الخرافة.. |
كما تلك الملامح التي رسمها مرة الفنان الفرنسي ((بول جوجان))
|
.. لفتاة من تاهيتي، |
فأعطاها عصير إحساسه، |
وسكب فيها فنه.. |
لكن دائنيه استطاعوا أن يقهروا ذلك الفيض.. |
في نفسه ومن وجدانه، |
وباعوا تلك اللوحة في مزاد علني بمبلغ سبع شلنات!.. |
وفي ذلك المساء المتوقف. |
بعد سرقة لوحته الأجمل وبيعها بالبخس.. |
سهر حتى الصباح، |
فإذا أمامه لوحة أخرى رسمها. |
لوجه الفتاة ذاتها.. |
حشد فيها ألمه وفقده، |
وأعطى منها تعبيراً جديداً: |
فقد رسم وجه الفتاة، |
وترك هذا الوجه بلا عينين.. |
فكأنه يقول: |
أنتم خسرتم أثمن شيء في الإنسان. |
وأهم شيء، |
وهو الرؤية، |
وستكون هذه اللوحة. |
شاهداً ضد ممارستكم للبخس في الحياة! |
* * * |
والعين تبقى هي ((التوضيح)) المطلوب لأية ملامح، |
والعين تعني الرؤية، |
وتعني البعد، |
وتعني العمق، |
وتعني أيضاً: دفقة الحنان! |
تعطّش هذا الإنسان إلى عين ((نفسه)).. |
إلى تلك الاستكانة المنسرحة خلف صورة الأمل، |
أو الإصرار على المحافظة على الحب.. |
الأنبل والأنقى.. |
يصبح هو الخفقة، |
والانتظار، |
والوعد في أماني الإنسان.. |
برغم تحديد ((وظيفة)) الإنسان في الحياة!! |