شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
في انتظار الفرح دائماً
المساء متوقف..
أفرط في تشذيب غرور الساهرين،
وأشاح عن هدهدة الذين يمضون الليل.
وحدهم في انتظار عودة النفس إليهم.
وتنسحب عقارب الساعة..
إلى كل مكان مليء بالزحام أو بالضجة،
أو حتى بالتأمل والتحديق.
فيركض الوقت،
ولكن هذ الوقت يبدو بليداً..
ثقيلاً كزجاجة طافحة بالرمل.
حينما يبقى الساهر منقوعاً تحت النجوم ينتظر!
فماذا ينتظر..
هذا الإنسان الساهر وحده؟!
عن عصا الساحرة في حكاية ((سندريللا))...
وقد أضاع كل إنسان عيونه في الوقت الذي كان يفتش فيه..
عن ((مقاس)) حذاء تلك التي تواجدت في الهروب دائماً!
لقد أصبح الكثير في هذا العالم:
يركض حافياً،
ويفكر حافياً،
ويحب حافياً!!
فهل كان - إذن -
ينتظر عودة الإيقاعات..
إلى الحاسة في أذن ((بيتهوفن)) بعد موته؟!
لقد انتشر ((النغم)).
أصبح النغم موجوداً في ألعاب الأطفال،
وفي قرعات طبول الحرب،
وفي الانقلابات العسكرية..
مثلما هو موجود في مشاعر الساهر.
وحده تحت نجمة..
يترقب عودة ((جودو))!!
* * *
أم ينتظر ((مطر العمر في توهج المسافة))..
بينما المسافة أصبحت هي القدر المكتوب؟!
يبحث عن التوهج..
فلا الغيث ينهمر..
لكن العالم كله مجلود بالقوة..
مسفوح بالصدمة..
متمنطق بالخوف من نفسه.
الإنسان لم يعد هو هذا العالم..
بل الإنسان يبقى في داخل العالم.
محكوماً بالمصالح،
وبالضربة القاضية!!
* * *
في انتظار الفرح..
تتوقف ريشة الرسام،
ويجف حبر الشعر،
ويبح صوت الشادي،
والوقفة بعد منتصف الليل..
لعلّ هذا الإنسان يعترف: أن الناس يزرعون احتجاجهم
في حدقتي عينيه،
ويديرون ظهورهم..
وهو لا يملّ إنتظار الفرح،
وإنتظار الحقيقة..
أو يستغرق في مزيد من خرافات الجبل الذي يلد فأراً
للعالم!
* * *
لعلّ الإنسان يكتشف..
أن فكرهُ مدعوّ إلى الاقتناع..
بضرورة الاقتران بخاطرة وهمية،
أو بعبارة متروكة من قديم الزمان..
حتى يستطيع أن يرتاح!
لعلّه في انتظار عروس الخرافة..
كما تلك الملامح التي رسمها مرة الفنان الفرنسي ((بول جوجان))
.. لفتاة من تاهيتي،
فأعطاها عصير إحساسه،
وسكب فيها فنه..
لكن دائنيه استطاعوا أن يقهروا ذلك الفيض..
في نفسه ومن وجدانه،
وباعوا تلك اللوحة في مزاد علني بمبلغ سبع شلنات!..
وفي ذلك المساء المتوقف.
بعد سرقة لوحته الأجمل وبيعها بالبخس..
سهر حتى الصباح،
فإذا أمامه لوحة أخرى رسمها.
لوجه الفتاة ذاتها..
حشد فيها ألمه وفقده،
وأعطى منها تعبيراً جديداً:
فقد رسم وجه الفتاة،
وترك هذا الوجه بلا عينين..
فكأنه يقول:
أنتم خسرتم أثمن شيء في الإنسان.
وأهم شيء،
وهو الرؤية،
وستكون هذه اللوحة.
شاهداً ضد ممارستكم للبخس في الحياة!
* * *
والعين تبقى هي ((التوضيح)) المطلوب لأية ملامح،
والعين تعني الرؤية،
وتعني البعد،
وتعني العمق،
وتعني أيضاً: دفقة الحنان!
تعطّش هذا الإنسان إلى عين ((نفسه))..
إلى تلك الاستكانة المنسرحة خلف صورة الأمل،
أو الإصرار على المحافظة على الحب..
الأنبل والأنقى..
يصبح هو الخفقة،
والانتظار،
والوعد في أماني الإنسان..
برغم تحديد ((وظيفة)) الإنسان في الحياة!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1124  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 186 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.