شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
بين المسافة والظل
ما أسرع ما تتحول الكلمات..
إلى حجر يهوي في النهر!
هل نحاسب أنفسنا على ما نقوله من كلمات.
هل الكلمات هي التي تحاسبنا..
على وضعها في المكان غير المناسب لها؟!
العالم يطفح بالكلام..
والإنسان يتوعد زمنه..
ويفقد زمنه!!
لا شيء يحتفظ بتخومه،
وكل الذي بين شفاهنا كلام فقد معناه.
إننا نحلم بالكلام،
ونتعاطف بالكلام،
والكلمات تحولت إلى حجر يهوي في النهر!
* * *
أمس.. قال لي شاعر كبير:
ـ إنني أتحرك بين المسافة والظل..
حتى شعري يصبح بطاقة خبز.
وهوية معدة.
فأنتم لا تعطوننا كلمة.
وإنما كلاماً يكثّف الغثيان، ويدمي الشعور!
* * *
أمس.. قال لي مطرب..
ميزته الوحيدة أن صوته جميل:
ـ إلى متى أغني كلمات الأسى والبعد،
والفراق والغربة؟!
صوتي ((دجّنته)) هذه الكلمات.
فأصبح شيئاً كالدموع؟!
* * *
أمس.. قال لي صديق أحترمه:
ـ كل الكلام الذي في رأسك..
هو - في اعتباري - بين قدمي!
ولم أحاول أن أجعله يستطرد،
فالكلمة سلاح المناطقة،
وسلاح السفهاء.
والكلمة علاج المجروحين،
وجرح الذين يشف إحساسهم إلى درجة الالتزام بمعناها!
* * *
منعت الكلام فوق شفتي..
حريصاً أن لا أفقده من أجل كلمة قالها واحد مريض
بالسأم،
الباحثون عن اللقمة بالكلمة.. يتناسون عهد
((الطربادور))..
الشاعر الذي جعل الكلمة نغماً ناطقاً..
فوق صدر الجيتار..
ذلك كان يعني المزج بين اللقمة والإحساس،
أما القاتل حقاً:
فهو أن نفصل الإحساس عن الكلمة،
فتصبح الكلمة لقمة نأكل بها،
ونتطلع إليها حجراً يغيب في القاع!..
وما الشعور يكون...
إذا جاء شاعر فرصده كتمثال؟!
* * *
أمس: قال لي موظف مرموق:
ـ لقد سئمت من قراءة الكلمة،
إنها مرمدة باهتة..
لا روح فيها ولا طلاء..
وهي مكتظة بكلمات ملطخة بالدم..
بكلمات تتحدث عن الحرب والسلام المفقود،
الكلمة لم تعد رائعة،
الآن.. الشتائم تروّج،
والحقد يتنفس،
ويغيب وجه الكلمة الإنسانية..
وهو يعاني من اضطراب عاطفته!!
كثيرة هي الكلمات التي تتحول فوق شفاهنا،
وداخل اسماعنا إلى حجر..
يتدحرج ببطء، ويهوي في النهر.
ولكن..
نحن ضعفاء أمام شفاهنا وأسماعنا،
والكلمة مخاض..
مهما كان المخاض!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1242  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 184 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.