شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
سطر....بدفء "العيد"!
● مدخل:
● إن منظراً رائعاً يجذبك.. لتتأمله "ليلة العيد"!
تأمل نفسك، كمرآة على وجوه الناس، الفقير منهم والغني.
أنت مثلهم - إذن - تركض، وتجري، وتفتش عن الفرح!؟
أنت مثلهم... تتلفت نحو صبابة من صفاء النفس والروح، لترتفع بك من ذلك الانغماس النفسي والذهني في شؤون وشجون العمر!
(1)
إن منظراً رائعاً يجذبك... لتتأمله "ليلة العيد":
في العيد... تطوف رغبة أولى /أثيرة على كل الرغائب.. فيها مقياس المعنى والروح الذي يتفوق على مقياس المادة، وطغيان الذات.
في العيد... ترف القلوب جذلى بترنيمة خيرة... صداها من أعماق الناس، ومن أفئدتهم، وعفويتهم.
في العيد... البسمات ينبوع محبة وفرح!
النظرات جناحا حمامة بيضاء تصفق بمعنى السلام في مجتمع الناس.
السلام ينادي بالتآخي، وبالتسامح، وبالصلح الخير... وينبذ الكراهية والأحقاد، ويصل الرحم، والأصدقاء.
في العيد... هناك الآلاف من المشردين في الخيام، وفي الغربة...
مئات السنابل الإنسانية على شكل أطفال...
وآلاف "الأرحام" التي تتفتح من خلال أمومة العالم... والعالم يشردها ويقتلها!
في العيد... الحب يعزف أنشودة الصفاء الإنساني... ذلك الذي يجمع الناس كلهم في مناسبة واحدة.. يتألفون فيها ويتآلفون!
والناس يفتشون الآن عن الحب في زحام الماديات، وسهولة القتل، وكثافة الأخذ، وتواضع العطاء!
(2)
إن منظراً رائعاً يجذبك.. لتتأمله "ليلة العيد":
في الزمن القديم، قبل أن تصبح "الضحكة"سلعة تباع بالقطعة في "سوبر ماركت" المصالح، والضرورات،
والاحتياج...كنا لا نفرق بين الأب وطفله في "ليلة العيد"!
كلاهما يشعر بالفرح...
كلاهما تتساوى في نفسه الرغائب، والتعبير عن الفرحة....
إنك لن تجد فرقاً كبيراً بينهما... كل واحد منهما ينتقي حذاء جديداً، والحذاء هو "أبرز" قطعة في الملابس، بل هو "أشهر" قطعة، قبل أن يصبح أغلى، ومن خلاله يعرف الناس ذوقك!
أما في الزمن الجديد... فما زالت قيمة الحذاء ترتفع، ولكن.. ليست في مناسبة العيد فقط، وإنما طوال العام... بينما العالم يواصل البحث - مازال - عن قيمة الإنسان!
وفي الزمن الجديد... لم يعد الأب يدري بالكثير والأهم مما يريده ابنه.. لقد اتسعت المسافة بين الجيلين بشكل خطير!
لم يعد الأب يدري ما يريده هو ليحصل عليه، أو ليفوز به!
وفي الزمن الجديد... أندرس الزمن القديم تماماً، فلم نعد نحفل بالزيارات لـ"المعايدة" في أيام العيد... بينما آباؤنا وأجدادنا يقسمون الأحياء، والحواري في العيد إلى أيام!
كانوا يخصصون كل يوم لحيٍّ، أو لحارة... يدخلون البيوت، ويقدمون التهنئة، ويتناولون القهوة، ويأخذون حبة حلوى!
الأجمل الذي ينتشر كضوء...
هو في غرس تلك الابتسامة الصادقة التي تدل على المحبة، وعلى تماسك المجتمع وتلاحمه.
وفي الزمن الجديد... هل يمكن أن نحصي عدد الناس في الحارة، أو في "الحي"، ونحصي عدد الذين لم يبرحوا بلادهم، ولم يسافروا قبل نهاية رمضان... لقضاء العيد في أوروبا أو حتى في دولة عربية؟!
في الزمن الجديد... تصطدم بالأقفال التي غلقت الأبواب الموصودة.
وفي الزمن الجديد، يعلو صوت "فيروز" في الغربة، مختلطاً بالريح وبالنسمة:
ـ "لا تندهي... ما في حدا، لا تندهي"!
(3)
إن منظراً... يجذبك، لتتأمله أيام العيد:
أصبح الكثير منا يرى أهله، وأصدقاءه بواسطة البطاقة. إما بطاقة تهنئة بالبريد المفتوح، وإما بطاقة دعوة إلى زفاف... فتكتشف في سهرة الزفاف أن هناك العشرات من أصدقائك الذين لم ترهم من سنوات، أو لم تعد تعرف سحناتهم!
والأغرب من ذلك كله... أن "كل" الناس يحسون بهذه الأخطاء، أو بهذا التقصير، ويتحدثون عنه بألم، ويشجبونه بحماس، ثم "يمارسون" نفس الخطأ، ونفس التقصير!
"كلنا" نتحدث عن هذا التقصير الذي تسبب فيه التغير الاجتماعي، فنسترجع أيام زمان، وصفاء أيام زمان، وحلاوة أيام زمان.. وياليتها تعود بعفويتها!
ثم... إذا بنا "كلنا" نمشي ولا نلتفت، ولا نحاول أن نعدل الخطأ، أو نمحو التقصير!
"كلنا" نمارس، نفعل... فنحن ننفس، ولا ننفد!
(4)
إن منظراً... يجذبك، لتتأمله أيام العيد!
ـ وسؤال حائر: كيف نستعيد الجوهر، ونستبقي جذور تلك المحبة التي نخاف على فقدها حيناً، وننعاها حيناً آخر... إذا لم نبادر نحن بسلوكنا، وبتواصلنا، وبعلاقتنا، وبحميميتنا ، إلى المحافظة على كل ما يجعلنا أكثر قرباً، وأكثر إنسانية، وأكثر تودداً وتراحماً!؟
ترى ما الذي يركض هناك، ويترك خلفه الغبار؟!
ما الذي يمشي وئيداً، ويدعك ترقب كل خطوة؟!
إنها مواكب بشرية... تحدس أن أعماقها تربة للإنسانية، ولقيمها، ولشرائعها!
وتعبر بك تلك المواكب...
وتعبر أنت بنفسيات الناس، ورغائبهم، وطباعهم...
ويجرفك ذلك كله كالسيل... لتكون من الراكبين، أو الراكضين حتى اللهاث، أو لتكون من المتئدين حتى التبلد، والذهول!
إنك لا تدري من أصبحت...
في غمرة التغير الزمني، وفي لحظة استبدال منظر من الحياة مكان منظر آخر!
ولا تدري من أنت... سوى أن تكون بشراً، طموحاً حيناً!
إنك تسابق نفسك، وزمنك، ويومك... لتصحو بعد كل مناسبة في وقفات عمرك على "فرملة" شديدة، تقول لك:
ـ تبقًّى من صبرك كذا، ومن فلوسك كذا، ومن إنسانيتك كذا.
أشياء كثيرة تنضب فيك وتقحل.
إنه الزمن بالفعل!
وتقول لك "الفرملة":
ـ طرأ عليك مرض جديد اسمه كذا، وزادت نسبة الاندفاع إلى المال، أو إلى البروز، أو إلى الامتلاك بمقدار كذا، وتولدت لديك مشكلات أخرى لابد أن تفكر في حلها... فاضحك ولا تكتئب، فالحشرات أصبحت لديها مناعة ضد المبيدات... وأنت - الإنسان - أكرم من الحشرات وأعظم، ولكن المبيدات التي تترصدك، والتي تفكر فيها أنت أصبحت تتفوق على مناعتك!
وتتحول الحياة إلى تكريس ذهني ونفسي يغمرك... لتفكر تماماً، كما كان الفقير يفكر في الرغبة الأولى، وكما سيفكر الغني في الرغبة التالية.. لأن رغباته لا حدود لها!
(5)
وأتوقف في هذا العيد... أجيل النظر، ولا أطيق التحديق!
لا أقدر أن أحدق في قطع الرحم... من الذين استأثرت أغراضهم بعقولهم، ومن الذين انكفأت تفاهاتهم على عواطفهم.
ومن الذين تلوثت نفسياتهم بمصالحهم الذاتية!
لا أقدر أن أحدق في بوادر التفكك في البنية الاجتماعية الأسرية.. حتى إذا تلفتنا قليلاً لم نجد سوى الفراغ، والأصداء، والصدأ!
لا أقدر أن أحدق في ساحات "بطولة" الأمة العربية والإسلامية... لئلا أرى الخيول العربية تترنح في الفراغ، وفي الغبار، وفي الطعن من الخلف!
لابد أن يتلعثم فرحي!
وفي إنسان العين سؤال!
هاأنذا.. أقف، وأدق على صدري!
وهذا فجر العيد يلوح... إجابة فرح - أتمنى - تخرس كل سؤال موجوع!
هاأنذا... أخبئ لحناً جذلاً بين الشفتين، ولا أدري... متى نغنيه!
(6)
تساقطي - إذن - أيتها الأقفال المصنوعة من تعب الروح، وخرس الصدق، ومن ضياع المحبة!
ليكن عيدنا بوابة فرح... تستقبل مواكب الشمس، وتترنم بأغنية تفك انحباس اللحظات الأثيرة/ الحميمة، وتنثرها رشة عطر وطيب!
وكل عام وأنتم بخير!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :813  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 51 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

محمد عبد الصمد فدا

[سابق عصره: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج