شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
محمد عمر عرب الشاعر الموهوب (1)
بقلم حسن عبد اللَّه القرشي
الذي فقدناه:
كاللحن الجميل حين يشارف نهايته، وكالأمل الغض حين يعصره اليأس، وكالربيع الباسم الممراح حين يطويه الخريف.. مضى شاعر وجفّ قلم.. وذهب إنسان!
نعم مات الشاعر الموهوب الأستاذ محمد عمر عرب، وترك الميدان واحد من كبار الأدباء عندنا لم يتبجح عمره بالدعوى العريضة ولم ينتفج بالأستاذية وهو أستاذ. ولم تطف برأسه أو بصدره ريح الخيلاء ويعصف به الغرور وتلج به الكبرياء، بل كانت حياته قيثارة صادحة للحب والخير والجمال.
حتى شعره. إنه ينساب كماء الغدير الصافي الرقراق لا تحس فيه الضجيج والقعقعة كأنه صبغ من طبيعة صاحبه الهادئة الحنون تحس فيه الصدق الفني وتلمس فيه العاطفة الدافئة دون أن تحترق باللهب والوهج:
لمع المشيب بلمتي
وانجاب ريعان الشباب
وتحطم الأمل الفتي
وكان ريان الإهاب
وتصدعت همم وكا
نت لا تبالي بالصعاب
وثابة نحو العلى
بعزيمة تقري الصلاب
نزاعة نحو المكا
رم بالسلام وبالغلاب
واهاً على زمن مضى
وعلى أَمانيه العذاب
كانت تفيض لذاذة
أحلى من الشهد المذاب
وهكذا كان عمر عرب خلقاً أحلى من الشهد المذاب وروحاً أنيساً لطيفاً ورجولة واضحة وهمة عالية، ومات عن سبع وخمسين سنة لعلّه أَنتج فيها من الشعر ما يكفي لتكوين ديوان أرجو أن يعمل أقرباؤه وخلانه على نشره فتلك خير وسيلة لتخليد ذكرى الأديب وخير ما يبقى للقراء من عطر خيره وصادق أثره. وأنا واثق أن الشيخ محمد سرور الصبان قمين بأن يطبع هذا الديوان على نفقته الخاصة في أحسن رونق مساهمة في إمداد الأدب الحجازي بثروة نفيسة في الشعر العاطفي الرائع وتخليداً لذكرى صديقه ومواطنه وزميله وشريكه في الريادة الأدبية منذ أكثر من خمس وأربعين سنة عزاء للأدب والأدباء وللشعر والشعراء وللأخوان والأصدقاء فيك يا عمر.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
وفاء..!!
وقرأت الكلمة الرائعة الجياشة التي رثى بها السيد إبراهيم السليمان بن عقيل صديقه الفقيد الشاعر - رحمه الله - امتدح فيها مناقبه وعدد مزاياه، وفيها يقول: ((كان الصديق الأستاذ محمد عمر عرب ذا مميزات كثيرة وفيرة، كان أديباً مطبوعاً وشاعراً رقيقاً وكاتباً إدارياً عميقاً إلى أَدب نفسي جم متغلغل في الأعماق وإِلى إِخلاص فياض.
وكان مثال الموظف الكفء، النشيط في عمله المخلص الوفي وكان آية في النزاهة وغاية في عفة اليد واللسان وكان يضطلع بالعمل في ديوان سمو الأمير فيصل بروح الموظف الذي يعرف كيف يدير العمل بروح من التضحية والصبر والتفاني وصفاء السريرة ودقة الملاحظة وعميق الانتباه الخ)) قرأت هذه الكلمة ولم أعجب لما تنطق به من وفاء نادر وحس بالألم.. ذلك لأن الفقيد كان دائم التقدير لإبراهيم وكان يذكر أياديه ومؤازرته له بفخر واعتزاز ويشيد بما لقيه من عونه وتعضيده.. فلا عجب أن يلقى منه بعد مماته هذا الوفاء ممثلاً في هذا الرثاء الصادق الحار المنبثق من الأعماق.
رحم الله الفقيد رحمة واسعة وتغمده بالمثوبة والرضوان.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :2127  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 36 من 37
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.