شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الدكتور أبو بكر أحمد باقادر ))
ثم أُعطيت الكلمة للدكتور أبي بكر أحمد باقادر:
- الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته "عيون تعشق السهر" وكأني به يصف الحضور، ففي الواقع أود في هذه المداخلة التي لم أكن مستعداً لها أن تكون حول ثلاث نقاط، النقطة الأولى حول الاثنينية، والنقطة الثانية حول المحتفى به، والنقطة الثالثة حول الجمهور، وأرجو أن أربطها بشكل شخص غريب عن هذا المجتمع، وغريب عن ثقافته، ويلاحظ ما يجري ويريد أن يعطي له معنى؛ بمعنى أننا لو تخيلنا زائراً من كوكب آخر، أو من قطر آخر، أو من ثقافة أخرى ورأى هذا الجمع، فما هو الفهم الذي يستطيع أن يفهم به هذا التجمع، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار عديداً من المستويات التي ينبغي أن نأخذها؟ فنحن نعيش في القرن العشرين أو في نهايته، نعيش في مدينة تعج بالحركة، وبالتصنيع، وبالتجارة واسمها يتردد في كثير من المحافل الدولية بأنها مدينة حيوية، حتى قيل في فترة من الفترات أنها أكثر مدن العالم غلاء في الأثمان، خاصة من ناحية السكن، فكيف ولماذا يجتمع عدد كبير من الناس، وبصورة تكاد تكون موسمية على وتيرة معينة، وفي مكان ما؟ ويبدو لي بأن الإِجابات على هذا ستكون كما يلي: إن احتفاءنا بأنواع معينة من الممارسات أصبحت تأخذ شكلاً لا أريد أن أقول مؤسسياً، وإنما إن استعرنا بعض ما كان في التاريخ من مجالس علم على شكل صالونات كانت تزدهر بها عصور من الزمان قديمة، وأن هذا الشكل استطاع أن يواكب العصر وأن يدخل فيه جميع إنجازاته لأن جدة شابة وفتية، ولكن في نفس الوقت يؤكد على حب ما هو غني وخالد في ذاته، وبوجه الخصوص الفن، والأدب، والشعر، والرؤى الجميلة على الرغم من أنها وليدة عصرها، إلاَّ أنها تتعدى الزمان.
- أقول بأن هذا الجمع الذي يأتي من خلفيات مختلفة، ومن زحمة أشغال مختلفة استطاع صاحب الصالون، ليس فقط أن يشكل ويجعل لتجمعهم نوعاً من الحركة الدؤوبة والمتكررة، وإنما استطاع أيضاً أن يجمعهم على معانٍ، يستطيع الشخص الغريب الذي ينظر إليها في شكلها الثقافي، وفي شكلها الوفير التي تتكرر أن يلاحظ اهتماماً بنقل هذه الصالونات من العصور الوسطى بجميع جماليتها إلى العصر الحديث من ناحية التأكيد على توثيقها، وبسطها بالوسائل الإِلكترونية الحديثة، حتى تصبح في الواقع وثائق تاريخية، وربما لن تستغرب إذا أتى زمن ربما لن يطول كثيراً، ويحتاج الدارسون لها للتعرف على بعض الجوانب الخاصة لشاعر، أو أديب، أو مفكر، أو مثقف، احتفلت به مؤسستنا هذه.
- ومن الملاحظات الأخر التي لاحظناها هذا المساء، أن الشاعر باعطب كان نجماً في صالون آخر لا نعرف مراسيمه، أو على الأقل بعضنا لا يعرف لا مراسيمه ولا طريقته في التجمع، لكن لا شك أنه ذو صبغة مؤسسية بمعنى أنه يأخذ شكلاً دورياً يجتمع إليه الناس، وأن العلاقة بين هذه الصالونات ليست علاقة جذر مقطوعة، وإنما هنالك نوع من التواصل، ومن ثم حين ينتقل شخص ما تفيأ ظلال صالون من تلك الصالونات، إنما ينتقل مباشرة إلى صالون آخر لا يجد ما يعوقه. وفي الواقع أن هذه التركيبة المؤسسية بكل أبعادها الجميلة أصبحت منتدى، يمكن للشخص أن يقابل فيه من يريد بلا موعد.
 
- وفي الواقع من خلال عين هذا المراقب الخارجي، نشهد تكوناً تاريخياً لا شك أنه كان منذ أعوام طويلة. لكن معناه الرمزي ربما لن يتضح إلاَّ في المستقبل، وأرجو أن لا يكون المستقبل البعيد جداً. وقبل أن أختتم كلمتي أود أن أعبر عن سروري لحضور هذا التكريم، وهذه الأمسية خاصة وأنني تعرفت على الشاعر باعطب من خلال حدثين بسيطين جانبين. الحدث الأول هو أن أحد أبنائي الذين كانوا يدرسون في جامعة الملك عبد العزيز، وتخرجوا فيها، وبدأوا يشتغلون في الحياة العملية. زارني اليوم وأخبرني بأنه ما زال مغرماً بكتب الأدب والشعر، فقلت له: ولكنك بذرة تمت وزرعت في كلية العلوم الاجتماعية فقال: لكنني درست في فترةٍ ما على يد أحمد سالم باعطب.
 
- وكانت تلك أول مرة أسمع فيها هذا الاسم فعجبت من مصيرنا نحن الأساتذة نخلد أحياناً برغم عن أنفسنا، ورب مهنٍ عديدة تعود على أصحابها بقطوف ومكاسب مباشرة، لكن قدر من يشتغلون بالتعليم أن يكون محصولهم، وما يجنونه من مكرمات أبداً وخالداً.
 
- أما المعرفة الأخرى، فكانت نتيجة قراءتي لموضوع نقدي لأحد الأدباء هو الدكتور بدوي طبانه في أحد الصحف المحلية عن ديوان جديد للشاعر المحتفى به، وقرأت ذلك النقد فإذا بي في رؤى تختلط فيها المعاني النبيلة والشاعرية الجذابة، بقضايا عصرنا، وبما يعتوره من مشاكل، ومن نبض بالحياة.
 
- أكرر شكري لمضيفنا جميعاً، وهو في الواقع مضيف جدة لأنه على الرغم من أن جدة تحفل بالعديد من الجوانب. إلاَّ أن عنصر الفكر، والأدب، والفن هو واحد من أهمها، وكم من مدن ازدهرت، ثم اختفى على الأقل لمعانها وازدهارها من التاريخ، لكن مثل هذه المجالس، ومثل جلسات العلم خاصة إذا وثقت، فإنها بالتأكيد تأخذ طريقها إلى الخلود وبصورة مباشرة. فمن منا لا يتذكر جلسات ولادة وابن زيدون؟ ومن منا لا يتذكر صالون مي زيادة؟ وصالون عباس محمود العقاد؟ وما زلت أكرر في النهاية أنها "عيون تعشق السهر"، وعيون تعشق الفكر والحب والجمال. والسلام عليكم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :498  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 74 من 230
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج