شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
النقد في وسطنا الأدبي متأثر بمزاجية التعصب (1)
الكثيرون من أساتذة الجامعة غير المتخصصين في الدراسات التاريخية، اتجهوا إلى الكتابة التاريخية ولعل الدكتور عاصم كان البدء. هل يعني ذلك عدم وجود مؤرخين يسجلون الأحداث التاريخية؟ أم أن الكتابة التاريخية ميسرة وسهلة بحيث يستطيع التصدي لها غير متخصص؟
ـ لا أخالني أكتب تاريخاً إن كنت تعني بذلك مؤلفاتي مثل ((حارة الأغوات)) و((المناخة)) فهذه كتابات إبداعية بحتة، ولقد ذكرت في مقدمة هذه الكتب بأن هذا النوع من الكتابة يمكن تصنيفه في باب الأدب ولا تصح تسميته تاريخاً إلا أن الإبداع الذي يتخذ من السرد تقنية له، يمكن أن يستوحي التاريخ ولكن بصورة غير مباشرة، لأن الأساس في الإبداع هو التصوير الفني، سواء كان هذا الإبداع قصيدة، أو رواية، أو صورة أدبية.
ثم إن هناك حقلاً آخر توجهت - بتوفيق الله - إليه في كتاباتي وهو ((تاريخ الأدب)) وهو الميدان الذي ألف فيه الكثير من المفكرين والأدباء - كمصطفى صادق الرافعي - وأحمد أمين - وطه حسين - ومارون عبود، وغيرهم وكتابي الذي اخترت له عنوان ((المدينة بين الأدب والتاريخ)) هو مما يمكن تصنيفه في المؤلفات التي تعنى بتاريخ الأدب.
مجمع علمي متكامل
* مجمع للغة العربية بالمملكة هل تعتقدون بحاجتنا لمجمع لغوي؟
ـ لا شك أن بلادنا التي تعتبر مهبط الوحي حيث تنزلت الرسالة الخاتمة وانتشرت فوق أرضها حضارة إنسانية كونية هي في مقدمة البلاد الإسلامية والعربية التي تقوم فيها مؤسسات تخدم العلم والمعرفة، فهناك مؤسسة الملك فيصل للدراسات الإسلامية ومدينة الملك عبد العزيز للتقنية، ومراكز لنشر البحث العلمي في عدد من الجامعات، ونتطلع إلى تجربة المجمع اللغوي - ولكن بصورة أكبر أي مجمع علمي يُعنى باللغة وغيرها، ويدخل في هذا كل ما يمكن أن يثري التجربة الحضارية التي تعيشها بلادنا - ولله الحمد - كالترجمة على أسس موضوعية، والبحث العلمي الذي ينفتح انفتاحاً واعياً لا تضيع معه الهوية الثقافية للأمة، ولا تتعرض معه الأسس والثوابت لتغيير كما يتصور البعض، فالأمة لا يمكنها بعد هذه القرون الطويلة أن تضيع أصولها وتسير في بيداء لا هادي فيها ولا دليل، وأمتنا أيضاً في تاريخها الطويل عرفت الانفتاح على الثقافات الأخرى وأدوات معارفها فالانغلاق يؤدي إلى الضمور والانفتاح الذي لا يرتكز على ثوابت ولا يعترف بماض، هو ذوبان في الآخر الذي يسعى بنفسه لتأكيد هويته الخاصة بكل الصور والأشكال.
المهارات أولاً
* فكرة الجامعة الأهلية هل هي الأخرى طرحت ما مدى تأييدكم لإقامتها وإنشائها وما مدى الحاجة لها؟
ـ الأهم في نظري من الجامعة الأهلية، هو معرفة ما تحتاجه الأمة في مرحلتها الراهنة من تخصصات علمية ومطالب حضارية وهذا يحتاج لدراسة مستفيضة كما أن المهم ليس زيادة عدد الجامعات، تكمن الأهمية في ضوء معارف الطالب وثقافته في هذه الحقبة، إلى تزويد الطالب بالمهارات الأساسية كيف يكتب كتابة صحيحة، ويقرأ قراءة صحيحة وبالتالي لا بد له من أن يفكر تفكيراً سليماً.
الفتوى بدون علم
* القضايا الإسلامية أرى أنها قضايا تلح على الكاتب بأهمية تناولها ومناقشتها وطرحها باستمرار ولكن زاد عدد الذين يتناولونها في كتاباتهم فتهمشت كتاباتهم - وسؤالنا ما هي أهم معايير الكتابة المؤثرة - خاصة فيما يتعلق بقضايا الأمة؟
ـ منذ زمن طويل ذكر شيخنا الجليل ((علي الطنطاوي)) أنه لا بد من حماية الإسلام وقضاياه ممن لا يملكون المؤهلات المطلوبة للكتابة عنه، والقضية لا تقتصر على أن الباب أصبح مفتوحاً من دون ضوابط في شؤون الإسلام وقضاياه - مع التأكيد على أهمية هذه القضايا من منظور فكري وحضاري وثقافي - بل إنه أصبح البعض يتجرأ على الفتوى بغير علم، كما أن البعض لا يحمل في داخل نفسه حرمة لعلماء هذه الأمة الذين اجتهدوا وساروا إلى رحمة الله، ولهذا تجد هذا البعض يلوك بلسانه سيرة هذا السلف الصالح من أمتنا بدعوى أنه يريد التصحيح والإصلاح ولو تأمل حقيقة نفسه لانشغل بإصلاحها أولاً وأخيراً ولكفاه ذلك مطلباً، وهو إذ يسعى كما يدعي للتصحيح نجده يرتكب من الأخطاء بالتهجم على الآخرين ما يعد ضرباً من التجني غير الحميد والذي يزيد في فرقة الأمة بدلاً من أن يجمع شملها ويوحد كلماتها ويسد مواضع الثغرات في صفوفها.
تطهير ديني وليس عرقياً
* لست أدري أستاذنا الفاضل عن أي قضية تتحدث فالعالم الإسلامي يموج بالقضايا والمشاكل ولكن دعنا نتحدث عن قضية البوسنة والهرسك وهي قضية - محزنة - مبكية - مؤثرة - ماذا تعني تلك القضية من منظوركم الشخصي. ومن خلال الصمت الغربي الرهيب تجاهها؟ وهل ترون فيها كما قيل (( صليبية غربية جديدة )) ؟
ـ قضية البوسنة والهرسك هي تطهير ديني واضح وليس تطهيراً عرقياً كما يدعي البعض ((البوسنيون)) 90% أصولهم سلافية أي أوروبية محضة - والباقي من أصول تركية، ومع هذا عجزت حضارة الغرب - مع ادعائها الانفتاح وعدم التدخل في عقائد الآخرين - عجزت هذه الحضارة أن تستوعب هؤلاء القوم في كيان خاص بهم والسبب وراء ذلك أنهم ((مسلمون)) ولم تقف القضية عند استيعابهم وعدمه، ولكنها تعدته إلى محاولة التخلص منهم جهاراً وفي وضح النهار، تصور لو أن هؤلاء البوسنيين كانوا مسيحيين هل سيقف الغرب من قضيتهم مكتوف الأيدي؟ لو كان الأمر معكوساً لرأيت الأساطيل تتحرك، والبحر والجو يمتلئ بالسلاح والعتاد، ولسعى الغرب إلى تعقب القوم الذين قتلوا، والذين عذبوا، والذين استحلوا عرض النساء، ولم يرحموا بكاء الأطفال، وضعف المسنين ولحاكمهم محاكمة لا رحمة فيها، لقد جاءت قضية البوسنة والهرسك لتثبت للكثير من أنصار التغريب والمتحمسين له، أن الحضارة الغربية تتحدث عن مبادئ كثيرة ولكنها تؤمن أن هذه المبادئ من خصوصياتها، أما الإسلام فلقد كان على العكس من ذلك فهو يؤمن بحق الآخرين في الوجود، الخليفة عمر بن الخطاب رفض أن يصلي في كنيسة القيامة لم يتعد على حق الآخرين، صلى في مكان خاص حمل اسمه من بعده، هل يستطيع الغرب أن يأتي بمثال واحد كصنيع عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه - صلاح الدين الأيوبي دخل فلسطين لم تتلوث يداه بدم خصومه - هكذا يقول الكتاب الغربيون أنفسهم - والغرب يشاهد كل يوم كيف يقتل الفلسطينيون لأنهم يقاومون المحتل بالحجر، ثم يسعى الغرب للرفع من شأن الحركة الصهيونية - التي هي وراء هذه العقلية اليهودية المتعصبة، ويصف هذا الغرب أن الصهيونية حركة تحررية - ويسعى جاهداً لرفع سمة العنصرية عنها، مع أنها حركة عنصرية واضحة المعالم والأبعاد ولكنه نفاق الغرب لليهود وتزلفهم لهم على حساب المسلمين، والازدواجية في التعليم ((فبيجن - وشامير - وشارون)) ليسوا بمتطرفين في نظر الغرب - اليوم - مع أنهم بالأمس القريب كانوا مطلوبين للعدالة - ليس لأنهم قتلوا العرب والمسلمين ولكن لأنهم قتلوا الإنجليز في حادثة فندق الملك داود بالقدس وقتلوا اللورد موين)) وغيره من وسطاء السلام ودعاته.
وقضية البوسنة والهرسك كشفت حقيقة الإرهاب الذي كان الغرب بإيعاز من الحركة الصهيونية يحاول إلصاقه بالإسلام، ففي أعقاب مذبحة سراييفو الأخيرة وقف الزعيم الروسي الفاشي ((فلاديمير جيرينوفسكي)) الذي فاز حزبه المسمى ((الديمقراطي الليبرالي)) بربع أصوات الناخبين في الانتخابات النيابية الروسية الأخيرة وقف هذا الفاشي الجديد ليقول: إن جنوده سوف يحاربون المسلمين في البوسنة والهرسك تضامناً مع إخوانهم الصرب بغرض وقف الحرب وكأن المسلمين في نظره هم الجانب المعتدي، والصرب هم المعتدى عليهم ومع هذا لم نسمع المؤسسات الغربية توجه نقداً لهذا الإرهاب الذي ينطلق من منطلق ديني ومتعصب بحت - كما توجهه دوماً للمسلمين، حيث تحاول هذه المؤسسات إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام والمسلمين من دون تفريق وبتعميم ينم عن الجهل التام أو التجاهل لحقائق الأشياء.
* نعم.
ـ لقد أظهرت مأساة البوسنة الوجه الخفي للحضارة الغربية، فلقد كانت تنفي عن نفسها سمة التدين أو الانحياز إلى العقيدة المسيحية، وعند حدوث هذه المأساة وتقاعس الغرب عن تطبيق النظام العالمي على الصرب لم يكن هناك مفر من أن الغرب كان يشعر بالتعاطف مع الصرب والكروات من منطلق ديني مسيحي صرف.
النقد معضلة كبرى
* غياب النقد هل له دور في تزايد عدد الشعراء والكتاب والروائيين وما أسباب غياب النقاد؟
ـ يواجه النقد في وسطنا الفكري والأدبي معضلة كبيرة تتمثل في عملية التعصب للرأي الواحد والمنهج الواحد ولو كان هذا التعصب لمذهب نقدي هو من صنع أيدينا ونتاج أفكارنا لكانت هناك مندوحة للتشبث به والتعصب له، ولكنها مذاهب نقدية مستوردة وقوالب أدبية جاهزة يريد البعض قسراً أن يخضع لها النصوص الأدبية ويفسر الأعمال الفنية وفقاً لإجراءاتها ولا بأس من الاستفادة من مناهج الآخرين وتقنياتهم إذا ما وجدت فائدة في تطبيقها، ولكن الخطأ كل الخطأ أن يحاول البعض فرض هذه المناهج فرضاً - وللأسف فإن الذين يتصدون لهذه المناهج - لا يملكون الأدوات الحقيقية لمعرفتها فهم لم يطلعوا عليها في لغاتها الأصلية، ولا يملكون تصوراً شاملاً للسباقات الحضارية والثقافية التي أدت إلى بروزها في بيئتها الأولى من حديثهم عنها وكأنهم هم الذين كان لهم فضل الريادة في اكتشافها وهي قضية تستدعي البحث والمناقشة فواحد من هؤلاء مثلاً كانت دراسته العليا تنصب على تاريخ الأدب حيث حقق كتاباً تراثياً وقدم له بمقدمة باللغة الإنجليزية لا تتجاوز الخمسين صفحة وهو عمل يستحق الشكر عليه حيث إنه قدم كتاباً تراثياً للمكتبة العربية وإخراج مخطوطة عربية للنور لكن المفارقة العجيبة أن هذا المحقق التراثي وجدناه بعد ذلك يدعي أنه درس البنيوية في جامعات الغرب وكان يكتب أمام تخصصه اسم الكتاب التراثي ((دراسة بنيوية)) ثم استمرأ القضية، وقال: إنه المصدر الوحيد لكل المناهج الشكلية من بنيوية وأسلوبية، وغيرها، وخدع الناس بهذه الأقوال مع أنه من المعروف أن أقسام الدراسات الشرقية في الغرب لا توجد بها دراسات تتصل بالبنيوية وغيرها ولو تواضع هذا الأكاديمي قليلاً وذكر أن الدراسات البنيوية هي من اهتماماته وليست تخصصه الأصلي لكن ذلك مقبولاً منه، ولكنه ما زال يصر على هذه الدعوى ويدندن في كل مناسبة حولها.
ثم إن اطلاع البعض على ترجمات للمذاهب الشكلية التي ظهرت في الغرب وفي فرنسا على وجه أخص اطلاع يحتاجون معه للجرأة في القول بأن هذه المذاهب الشكلية كانت تدرس على أنها مذاهب أدبية برزت في فترة زمنية معينة ثم انتهت وبرز غيرها مما يمكن تسميته بموضات الأدب، وهي في هذا الأمر لا تختلف بشيء عن المذاهب الغربية الأخرى التي كانت سائدة في قرون وحقب ماضية مثل الكلاسيكية والرومانسية والبرناسية وغيرها من المذاهب الأدبية الأخرى.
ثم إنهم - أي المنبهرين - بهذه المذاهب الشكلية، لم يطلعوا على رأي النقاد الغربيين - أنفسهم - في هذه المذاهب - إبان حقبة ازدهارها - فهذا الناقد الإنجليزي المعروف جورج واشنطن يقرر في كتابه المعروف الفكر الأدبي المعاصر (Modern, Literary, Thought) ما نصه عن البنيوية أن الاهتمام البنيوي بالعقائد البشرية لا بد من أن يؤدي في نهاية الأمر إلى التقليل من شأن هذه العقائد، فليس بوسع من له اهتمام جاد بما في الالتزامات الدينية وغيرها من صدق وكذب أن يهتم أولاً بما تؤلفه هذه الالتزامات من أنماط وتماثلات فلم يؤمن الناس كما آمنوا ولم يعيشوا ويموتوا من أجل إيمانهم ولكي ينظر أحفادهم إلى معتقداتهم نظرة جمالية مستعلية كما لو كانوا لا يجيدون فيها شيئاً أهم من مجرد نمط في سجادة للعب ليس أكثر في نهاية الأمر ويزداد ذلك وضوحاً عندما ننظر إلى اهتمامها السائد بالأسطورة، حقاً من الممكن بشيء من الجهد اعتبار لفظ ((أسطورة)) ذات معنى محايد إلا أن هذا المعنى المحايد ليس بأي حال معناها الطبيعي المباشر، وحينما نتحدث ونكتب عن الأسطورة المسيحية أو الفرويدية - إنما نضع أنفسنا على الأقل في منتصف الطريق الذي يؤدي إلى الشك.
حقاً إن الشك بمعناه المباشر القفل أي بمعنى عدم الإيمان التام أو الفرض المطلق لم يعد هو الموضة الآن ويخرج واطسن بعد تقريره هنا بأن البنيوية تسعى إلى التشكيك في العقائد البشرية بجملتها لتحل هي محلها.. وهذا ينفي ما يدعيه أنصار البنيوية لدينا بأنها مجرد منهج إجرائي فقط، إنها فلسفة شمولية في الحياة، نعم يخرج واطسن بحقيقة واحدة مفادها لقد كانت البنيوية ساحة للعب ليس أكثر في نهاية الأمر.. الفكر الأدبي المعاصر ترجمة د. محمد مصطفى بدوي ص 65.
إن البنيويين في آخر الخمسينات الميلادية كانوا ينظرون إليها على أنها فلسفة شاملة للحياة - أي إيديولوجية لا تقبل الجدل - يذكر أيضاً واطسن هذا الرأي في كتابه المذكور.. فهو يقول ومن ذلك فمزاعم البنيوية عظيمة جداً إذ كانت تدعي في أوج ازدهارها - أي في أواخر الخمسينات الميلادية وما تلاها مباشرة من سنوات - أنها تفسر جميع الحقائق البشرية أو على الأصح أنها على وشك أن تفسر كل شيء، ثم يحدد واطسن رفض النقد الإنجليزي والأمريكي لادعاءات البنيويين في تلك الحقبة الماضية - بقوله ليس النقد الإنجليزي - الأمريكي مستعمرة من مستعمرات باريس ولذلك فلم يتحول الكثيرون من نقاد العالم المتحدث بالإنجليزية إلى البنيوية لم ينتجوا أكثر من مؤلفات قدموا فيها أفكار أساتذتهم من باريس.
إذا كان الغربيون - أنفسهم - وواطسن - ناقد كبير ومعترف به في الأوساط الغربية - رفضوا أن يصابوا بلوثة البنيوية وغيرها من المذاهب الشكلية فهل يريد أنصار هذا المذهب البائد أن نؤمن على دعواهم ونصم أذاننا ونحبس ألستنا لنسمعهم وهم ينقلون إلينا نتفاً مما سبق أن ترجمه بعض المهتمين بهذه المذاهب في بعض أجزاء من العالم العربي وخصوصاً - شمال أفريقيا - هذه هي معضلة النقد في ساحاتنا الفكرية والثقافية ولهذا توجه النقد من خلال استعراض البعض لعضلاته إلى التنظير وليس إلى التطبيق وإذا حدث أن حاول بعضهم أن ينزل من برجه العاجي فهو يختار بعضاً من النصوص التي توافق هواه وتسير مع توجهه ولهذا وجدنا في فترة من الفترات أن أسماء عديدة ظهرت بشكل مفاجئ لأنها لم تكن أصلاً مهيأة لذلك البروز ولكن الشللية والتوجه الآحادي أعطاهم ذلك البروز الزائف الذي سرعان ما اختفى وتلاشى.
ريادة القصة القصيرة
* تختلف الآراء حول ريادة الفن القصصي في بلادنا.. ما هي وجهة نظركم حيال هذه القصة؟
رائد القصة في الجزيرة العربية - بلا منازع - هو المرحوم الأستاذ محمد عالم أفغاني الذي كان مُدَرِّساً بمدرسة النجاح الابتدائية بالمدينة ثم بمدرسة طيبة الثانوية.. ومن مؤلفاته القصصية التي لم تنشر - كما أخبرني بذلك الأستاذ الفاضل محمد حميدة - (فصول من ورق) و(عالم الأحلام) وكان رائداً آخر معاصراً له هو الأستاذ (علي حوحو) وكان إنتاجه القصصي يحمل مسحة فرنسية بحكم ثقافة الأستاذ (الحوحو)، الذي استشهد في معركة تحرير الجزائر بعد أن غادر المدينة المنورة وأخذ من علمائها في الحرم النبوي الشريف، وعمل لفترة سكرتيراً لتحرير مجلة المنهل التي أنشأها العلامة عبد القدوس الأنصاري.
ولقد أشار إلى هذه الحقيقة البروفسور منصور الحازمي في كتابه عن (القصة) والذي ضمنه أيضاً بعضاً من النماذج القصصية التي كتبها الأفغاني و(حوحو) على صفحات مجلة المنهل، كما أن المرحوم الأستاذ عبد العزيز الرفاعي سبق له أن كتب عن الأفغاني ونتاجه القصصي، الذي يُعَدُّ البداية الأولى لفن القصة في بلادنا - رحمه الله -.
* رجال يحتلون مواقع خاصة في نفسك؟
ـ والدي - أمد الله عمره - الذي دفعني للتعليم وشجعني عليه، وعلمني ألا أذكر الناس، إلا بالخير وألا أخوض في خصوصياتهم.
ـ عبد الله بصنوي.. الذي كان يجمع بين ثقافة الأديب وأخلاق أهل العلم، وشجاعة أصحاب الرأي.
ـ أحمد الزين.. الذي أخذ بيدي إلى حلقات العلم ومجالس المحبة والذكر.
ـ شعراء يحق لنا أن نفاخر بهم في مسيرتنا الفكرية والثقافية: حمزة شحاتة وحسين سرحان وعبيد مدني ومحمد حسن فقي ومحمد هاشم رشيد، من جيل الرواد، وأسامة عثمان وعبد المحسن حليت بن مسلم ومحمد الحساني وعبد الرحمن عشماوي وجميل مغربي ومحمد المشاط ومعيض البخيتان وإبراهيم الزيد (الدكتور) وفاروق بنجر، وخالد النعمان من الأجيال اللاحقة.
* أسماء كان لها دور متميز في تقييم النتاج الشعري والأدبي في بلادنا؟
ـ عبد العزيز الربيع وعبد الرحيم أبو بكر - رحمهما الله - ثم جاء بعدهما جيل من حملة الدكتوراه الذين أعطوا اللقب العلمي ما يستحقه وهم: د. عمر الطيب الساسي ومنصور الحازمي، عبد الرحمن الشامخ، عزت خطاب، حسن الهويمل، سعد البازعي، نعيمان عبد الرحمن عثمان، وهذا الأخير لولا عزوفه عن النشر وميله إلى العزلة لأفاد الحركة النقدية في بلادنا بما يجعله حقاً الناقد الذي يجمع بين الثقافتين العربية والإنجليزية، وظهر هذا جلياً في بعض كتاباته بصحيفة الرياض قبل سنوات، حيث أثبت اطلاعه الدقيق ومعرفته الشاملة بقواعد النقد الألسني بعيداً عن ذلك الاستلاب الذي وجدناه عند البعض ممن لم يكن النقد الألسني من تخصصاتهم وثقافتهم فيه لا تتعدى قراءة ما يترجم من أعمال النقاد في المغرب العربي الذين كانوا أول من عرف هذا النوع من النقد.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :663  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 451 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج