شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تاريخ مجيد ويوم أغر
في زخم الحوادث المؤلمة والمبكية التي تمر بها الأمة الإسلامية تمر ذكرى مولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا النبي الخاتم الذي أخرج الله به هذه الأمة من ظلمات الجهل والجاهلية إلى نور الإيمان وصفاء العقيدة ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ومن الاقتتال على شاة وبعير إلى بذل الروح والنفس في سبيل تحرير الإنسان من أنانيته وعصبيته المقيتة التي دعاها الإسلام بأنها (منتنة) ليحل محل ذلك عبادة الخالق - وحده - والتحرر من تلك الدائرة الضيقة إلى دائرة أكثر شمولاً وإنسانية.
لقد كان صلى الله عليه وسلم خيراً عميماً على بني قومه منذ أن كان - صلى الله عليه وسلم - طفلاً - احتضنه شعب بني هاشم الذي توارث الأدلة على ولادته فيه خلافاً للرأي الشاذ والغريب الذي نقله بعض المؤرخين المحسوبين على الأمة العربية والإسلامية - نقلاً عن المستشرقين الحاقدين - بأن ولادته كانت خارج مكة ولهم في ذلك مآرب.
لقد ورد في مختصر سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - للإمام الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد عبد الوهاب - رحمه الله ما نصه: (اخرج ابن عساكر عن جلهمة بن عرفطة قال: قدمت مكة وهم في قحط فقالت قريش: يا أبا طالب اقحط الوادي واجدب العيال، فهلم فاستسق فخرج أبو طالب ومعه غلام كأنه شمس دجن تجلت عنه سحابة قتماء حوله أغيلمة فأخذه أبو طالب وألصق ظهره بالكعبة ولاذ بإصبعه الغلام وما في السماء قزعة، فأقبل السحاب من هاهنا، وهاهنا، وأغدق واغدودق، وانفجر الوادي وأخصب النادي والبادي وفي ذلك يقول أبو طالب:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه
ثمالُ اليتامى، عصمة للأرامل
تطيف به الهُلاك من آل هاشم
فهم عنده في نعمة وفواضل
وفي المصدر العلمي نفسه والذي حققه فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام - رحمه الله - قال مقاتل: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أبي طالب يدعوه إلى الإسلام، فاجتمعت قريش إلى أبي طالب يريدون بالنبي سوءاً فقال: أبو طالب حين تروح الإبل، فإن حنت ناقة إلى غير فصيلها دفعته إليكم، وأنشد أبو طالب:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم
حتى أوسد في التراب دفينا
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة
وابشر وقرَّ بذاك منك عيونا
ودعوتني وزعمت أنك ناصحي
ولقد صدقت وكنت ثم أمينا
وعرضت دينا لا محالة أنه
من خير أديان البرية دينا
لقد تركنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وأن الأمة مدعوة في هذه اللحظات الحاسمة من تاريخها إلى التمسك بروح الدين الإسلامي في سماحة ويسر ومحبة ومن دون غلظة أو جفوة أو قسوة، ولقد جنى أصحاب الفهم القاصر للدين الإسلامي وحصره في مسائل ظاهرية تاركين جوهره وروحه ومقاصده السامية دفع هذا - بدون ريب - كثيراً من شباب الأمة إلى الارتماء في أحضان المذاهب والتوجهات الغريبة فخسرت الأمة بذلك شيئاً كثيراً ويفترض فينا أن نبتعد عن هذا التشدد وننبذ قاموس الكراهية لتحل محله مفردات الحب والوئام وبهذا يتحقق جمع الشمل والتئام الكلمة، وتكون بذلك الغلبة لأمة الإسلام كما وعدها بذلك رب العزة والجلال:
وأختم بأبيات مهداة على طيبة الطيبة في اليوم الأغر والشهر المبارك من أحد شعرائها الذين أصاخوا لآيات الكتاب المبين مرتلة في منازلهم بين العوالي، وقباء، وقربان:
أنا المدينة من في الكون يجهلني
ومن تراه درى عني وما شغلا
تتلمذ المجد طفلاً عند مدرستي
حتى تخرج منها عالماً رجلا
فتحت قلبي لخير الخلق قاطبة
فلم يفارقه يوماً منذ أن دخلا
وصرت سيدة الدنيا به شرفاً
واسمي لكل حدود الأرض قد وصلا
ومسجدي كان، بل ما زال أمنية
تحبو إليها قلوب ضلت السبلا
فكل مغترب داويت غربته
مسحت دمعته حولتها جذلا
وفي هواي ملايين تنام على
ذكري وتصحو على طيفي إذا ارتحلا
تنافسوا في غرامي... ارسلوا كتباً
وأنفقوا عندها الركبان والرسلا
أنا (المنورة) الفيحاء ذا نسبي
إذا البدور رأتني أطرقت خجلا
 
طباعة

تعليق

 القراءات :722  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 369 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج