شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحضارة ليست مادونا أو جاكسون!!
تحدثت بشيء من الأسى والحزن في موضوع ((ابنة الجيران)) عما آلت إليه أخلاقيات بعض شبابنا وتوارد إلى الذهن المكدود شيء من الماضي الذي كان يحرص فيه الآباء وبشيء من القسوة أحياناً على أن ينشئوا أبناءهم تنشئة فيها من قيم الشهامة والنخوة وسلوكيات الاستقامة الحميدة ما يبعدهم بهداية الله وتوفيقه عن مواطن السوء والتردي الخلقي الذي أضحى يضرب بأطنابه في بعض مجتمعاتنا الإسلامية والعربية والتي يفترض فيها أن تكون أنموذجاً صالحاً لما ينبغي أن تكون عليه الحياة الفاضلة والمتمثلة لمبادىء دينها الحنيف الذي وصف نبيه الكريم في آيات من الوحي البليغ والمعجز بقول الله عز وجل وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (القلم: 4).
وإذا كنا أخفقنا في أن نجاري الغرب في تقدمه المادي وعلى وجه أصح ذلك التقدم النافع والصالح الذي لن يكون بطبيعة الحال قد تكونت مفاهيمه العلمية في نوادي الرقص واللهو ولم يكن مرتبطاً بحال من الأحوال فيما عرف في الستينيات والسبعينيات الميلادية بثورة الجنس وتقاليع الهيبز، ولم يتأسس في الحقبة اللاحقة من خلال رقصات ((مايكل جاكسون)) أو ((مادونا)) ولكنه تكون وتأسس في مختبرات العلم ومؤسسات المعرفة التي ترصد كل جديد ونافع، وبعض من علماء الغرب لا يعرف غير مختبره وبيته، ولا يذهبن الوهم أو الخيال بالبعض بأن هذا النفر من علماء الغرب قد قطع جذوره بدينه وتراثه، فهم متمسكون بتراثهم الديني وشعائره، وكثيراً ما ضربت مثلاً بأستاذ الحداثيين العرب ((ت. س. أليوت)) مبدع قصيدة الأرض اليباب الذي كان مسيحياً متشدداً وفي قصيدته المشهورة مواضع للتأثر بديانته الكاثوليكية.
وإننا كثيراً ما صفقنا ونصفق في بعض مجتمعاتنا العربية لكل مارق عن الدين، ناشر للخلق السيّىء تحت مسمى براق وخادع وهو الإبداع، وكان كاتب جاهل ومغمور ويعيش حالة من الانفصام الشديد في شخصيته هاجمني وشتمني لأنني لم أر إبداعاً في خبز محمد شكري الحافي حقاً، ولكنني وجدت صوراً مفرزة للسلوك البشري في ضعفه، وترديه وشذوذه وانحطاطه.
أعود للقول إذا كنا لم نستطع أن نجاري الغرب فيما هو إيجابي للإنسانية في مسيرتها الطويلة، فإن إخفاقنا في إبراز السلوك الحسن، وتقديم الصورة المثلى لما يجب أن يكون عليه الإنسان في ارتقائه وسموه قولاً وفعلاً، مع أن تعاليم ديننا الحنيف بوسطيتها واعتدالها تعد منجماً لا ينفد للسلوك الإنساني الرفيع.
إن إخفاقنا في هذا الجانب لهو أشد وأنكى من تخلفنا المادي وتأخرنا عن ركب الحضارة، وتعثرنا في مسيرة التقدم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :648  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 355 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.