شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
علاقة العرب مع الشعوب الإسلامية في ظل المتغيرات الفكرية
لقد أفرزت أحداث سبتمبر قضايا عدة وكان من أهمها - من وجهة نظر شخصية - محاولة الكشف عن المدى الذي وصلت إليه علاقة العرب مع الشعوب الإسلامية فالعرب هبوا لتحرير أفغانستان من الاحتلال السوفيتي في بداية الثمانينيات الميلادية وكان ذلك بمباركة أمريكية وغربية ولم يكن ذلك حباً في العرب ولا تقديراً لدورهم - فهذا شيء لا تتفهمه العقلية المادية الغربية التي لا تؤمن إلا بلغة المصالح - إنما كانت هذه المباركة المؤقتة لإضعاف الإمبراطورية السوفيتية والحيلولة بكل الوسائل الممكنة بينها وبين الوصول إلى المياه الدافئة، وعندما اندحرت القوات السوفيتية انتهى الدور العربي في أفغانستان من وجهة النظر الأمريكية - إلا أن اتخاذ خطوة إزاء الوجود العربي هناك تأخر قليلاً فتفكيك الإمبراطورية السوفيتية أوجد واقعاً جديداً أرادت من خلاله أمريكا الوصول إلى منابع النفط في بعض الجمهوريات الإسلامية التي استقلت عن السوفيت ولهذا عاد الغرب وبارك الوجود العربي المتحالف مع بعض القوى الأفغانية الإسلامية حتى تستطيع إمدادات النفط أن تأتي عن طريق أفغانستان وبالتالي يكون ذلك بمثابة عقاب لدول إسلامية أخرى في المنطقة ولم يستطع الغرب لجم التطلعات الأفغانية العربية وجاء موسم جديد أطلقت عليه أمريكا مسمى الإرهاب وكان الموسم الذي شهد فيه العرب داخل أفغانستان وخارجها رياحاً هوجاء وعواصف مدمرة وبرز من تحت السطح عداء دفين للعرب لدى بعض الفئات الأفغانية فنقلت كاميرات التلفزيون كيف كان الجنود الأفغان يركلون جثث القتلى بأرجلهم ويسطون على ما في داخل ملابسهم ثم يتركونهم في العراء ولا يكلفون أنفسهم عناء حثو القليل من التراب عليهم وذلك إمعاناً في إذلالهم أمواتاً بعد أن استفادوا من وجودهم استفادة مؤقتة وبهذا تساوت عقلية بعض المنتسبين إلى الإسلام مع العقلية الغربية الراغبة في الانتقام والباحثة عن السيطرة ومفهوم السيطرة والهيمنة هو مفتاح العقلية الغربية لمن يرغب في المعرفة والبحث والتقصي.
نعم... لقد أخطأ العرب خطأ جسيماً في البقاء هناك بعد أن تحقق الاستقلال للبلد المسلم وكان الخطأ الأكبر هو دخول العرب هناك في تحالفات مع الفئات المتقاتلة التي أضاعت فرصة ثمينة لبناء وطن واحد بعيداً عن النعرات والعصبيات المتعددة إنه يمكن تفهم الحماس الموجود لدى العرب والنابع من أن الإنسان العربي هو الذي حمل هذه العقيدة الصافية إلى بقاع الأرض ولا تزال العقيدة الإسلامية والرسالة المحمدية تجمعان أمماً وشعوباً من أعظم الأمم والشعوب تباعداً في الأوطان واختلافاً في الحضارات والثقافات وتنوعاً في الألسنة واللغات، هل توجد - كما يقول المفكر الإسلامي المعروف أبو الحسن الندوي - رحمه الله - مجموعة بشرية تختلف في الألوان هذا الاختلاف وتتحد في العقيدة والغاية والنفسية هذا الاتحاد؟ لقد مضى ما يقارب من أربعين عاماً على هذه الكلمات التي تفوه بها هذا المفكر الذي يحمل هو شخصياً مع أخوة لنا في شبه القارة الهندية حباً كبيراً للعرب ولقد كانت الدولة العثمانية المسلمة في عصورها الأولى حريصة - أيضاً - كل الحرص على مشاعر العرب ونشأت علاقة قوية بين الشعبين التركي والعربي لمدة تقارب سبعة قرون - إلا أن حركة التتريك - كادت أن تُنسي العرب قروناً طويلة من الحب والوئام واجتماع الكلمة.
اليوم - نسمع - أن دولة إسلامية مثل جمهورية البوسنة تبيع سلاحاً للكيان الإسرائيلي ويأتي هذا في أكثر الأوقات شدة على الشعب الفلسطيني خاصة والأمة العربية عامة ومعلوم الموقف العربي ومؤسساته المالية في دعم كفاح الشعب البوسني لنيل استقلاله بينما كانت إسرائيل تبارك عنصرية وفاشية عصابة السفاح الصربي سلوبودان مليوسيفتش لأنه لا يختلف عن مجرمي الحرب في إسرائيل أمثال بيغن وشامير وشارون ولا يعلم المرء دوافع هذه السياسة الجديدة للجمهورية الإسلامية التي شهدت تطهيراً عرقياً شبيهاً بالتطهير العرقي الذي تشهده فلسطين العربية منذ نصف قرن من الزمن إلا أنه يمكن القول بأن انسياق بعض الزعامات العربية - وبابتسامة غربية صفراء - لاحتلال بلد عربي آمن في التسعينيات الميلادية أدى إلى فقدان كثير من البلاد العربية للثقة المطلوب توافرها في شعوب يجمعها الدين واللغة والمصير الواحد وعندما بدأت هذه الثقة تسري من جديد في الجسم العربي نجد أن الأحداث الأخيرة أوجدت ما يمكن أن يطلق عليه أجواء عدم الثقة بين الأمة العربية وبعض الشعوب الإسلامية وإذا كان هذا يدخل في باب المؤامرة الغربية فإنه يمكن القول بأن اختراق المجد العربي والمسلم أصبح من السهولة بمكان ولم تعد لديه المقاومة المطلوبة لداء عرفه منذ زمن بعيد.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :709  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 347 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج