شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
رسائل أدبية السَّيدان - هشام ومحمد علي حافظ - (مُنْتَدى العينيَّة)
قصة الكفاح الشريف في عالم الكلمة والتي كان أبطالها أولئك الرجال الكبار في طموحهم، النبلاء في مواقفهم، الصادقين في أقوالهم، قصة الأخوين اللذين حملا كتاب العلم سوية في حلقات الدرس بمسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودفعهم ذلك النور الذي يشع من بين الروضة الشريفة، والمقام الطاهر الذي تصغر عند أبوابه كل النفوس التي تأخذها مباهج هذه الدنيا الفانية فتسير مختالة - فالنفس البشرية من الضعف - أحياناً - حيث تظن - نفسها - أنها مركز هذا الكون وقطبه ودائرته، نعم - أيها الأصدقاء هناك يتجسد التاريخ حياً، وتتحدث الأرض عظمة، ويشع النور، فتنعم به نفوس أحبت فصدقت في ذلك الحب، وحملها ذلك الحب إلى عالم يمتلئ صفاء وطهراً ونقاء.
مسيرة آبائكم الكرام نسباً وعلماً وسلكاً بدأت من هناك وعلى بعد خطوات من باب السلام والمنارة ((الرحمانية)) و ((سقيفة رصاص)) و ((زقاق الخياطين))، هناك في شارع ((العينية)) حيث تخطو الأقدام متأدبة، وحيث حياة القوم الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حقهم: إن الناس يكثرون، وتقل الأنصار، حتى يكونوا كالملح - في الطعام، فمن ولي منكم أمراً يضرّ به أحداً، أو ينفعه، فليقبل من مُحْسنهم، ويتجاوز عن مُسيئهم رواه البخاري، نعم في ذلك الشارع الذي كان لا تطأه قدم من أقدام أهل البلد الطاهرة قبل أن تلقي السلام على سيد ولد عدنان، وصفوة الله من خَلْقه - عليه صلوات الله وسلامه، هناك وُلدتْ بالعزيمة القوية والصادقة للسَّيدين علي وعثمان حافظ الصحيفة التي لن نجد صحيفةُ تزاحمها في الاسم الذي تحملُهُ، ولا تدانيها شرفاً في الشِّعار الذي يحتضن ذلك الاسم العزيز على كل نَفْس مُؤمنة، واليوم بعد مرور ما يَقْرُب من ستين عاماً تكون افتتاحية الصحيفة في عيون القوم الذين أكرمهم الله بالجوار وخصهم بالقرب هو الدعاء نعم أيها الأخوة الكرام، إنهم ليستفتحون الصفحات المطوية من الصحيفة الغراء والعزيزة على نفوسهم بالدعاء بالرحمة والسكينة والغفران لرجال فتحوا أبواب منازلهم سواء في المناخة أو قباء والعنبريّة نعم لقد كانت قلوبهم تتَّسعُ لحب الناس فأحبهم الناس، وعز عليهم فرقهم، وللفراق ألم، وللبعد جوى، ومع هذا الفراق الذي فرضته ظروف الحياة، وذلك البعد الذي لم يكن لجفوة، فإن القوم في بلد المصطفى عليه صلاة الله وسلامه وما جاورها من حواضر تسكنها - قبيلة حرب العريقة - لا يملون من الحديث عن ((رجلين)) هما علي وعثمان حافظ نشرا الكلمة مكتوبة في طرس، والحرف منحوتاً على صخر، والشعر مَهْموساً في أندية ترتفع فيها قامات الرجال شامخة، تلك القامات التي تزينها العمائمُ من تيجان العرب ومناط عِزِّهم.
هذا تاريخ وعيته عن والدي الذي طواه الثرى، وضمت ذرات جسده الربوة الطاهرة فيما ضمت من قوم كان همهم من هذه الدنيا أن يجمع الله لهم بين السِّتْر وحسن الخاتمة. وهل الحياة في جوهرها - لو تأملنا غير ذلك؟ وهل المسافة بين المهد واللحد سوى عمل بر وكلمة ذكر وصنيع إحسان.
السيدان الناشران، إن كلمة المسلمين أحوج ما تكون في حاضرها، إلى أن تكون متماسكة، وحضارتهم وفكرهم الإنساني يبحث عن منبر عالمي ((باللغات الحية)) يحمله للأمم في أصقاع الأرض، نعم منبر يتجاوز ما يختلف فيه المسلمون من فروع ليصل إلى الجوهر النفيس الذي تحمله شريعة الإِسلام ومبادؤها ومثلها الرفيعة إلى منبر تتجسد من خلاله السماحة والرفق الذي تبدى في أخلاق المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وصحابته - رضوان الله عليه - والتابعين، إلى منبر يتحاور فيه الناس بلغة حضارية مهذبة، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - وصحابته أمثلة رفيعة في تعاملهم مع الآخر، وما كان ذلك ليتحقق لولا أن أخذوا أنفسهم بجهاد النفس، وتزكية الباطن، والتغلب على هوى النفس وإثرتها، ذلك الهوى الذي لولا يقين صادق وأفق واسع، ورؤية شاملة لسيطر على حياة الناس فأدخلها في نفق مظلم، وكيف ترى العين ضوء الشمس إن لحقها أذى، وكيف يستسيغ الفم طعم الماء إن لم يكن الجسم، صحيحاً.
إن الأمة الإسلامية، أيها الأعزاء، في انعطافاتها التاريخية هذه لا تحتاج إلى أكثر من كلمة رقيقة صادقة تنأى بها عن مواضع الألم، وثغرات الفرقة، ومنحدرات الصراع، وصدق الله القائل في كتابه العزيز وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (الأنفال:46) وأعظم به من قائل تقدس عن النظائر والأشباه حيث وصف خلق خاتم الأنبياء والمرسلين بقوله الكريم فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (آل عمران:159).
 
طباعة

تعليق

 القراءات :690  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 309 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

جرح باتساع الوطن

[نصوص نثرية: 1993]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج