شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الأستاذ عزيز ضياء ))
وخلال تناول طعام العشاء راق للأستاذ الكبير عزيز ضياء أن يلقي الكلمة التالية ليدلل على أن إطعام العقول بما عذب وطاب من الثقافة والآداب والذكريات العذاب ألذ وأسمى من ملء البطون وقعقعة الملاعق بالصحون فقال:
- بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
- فإني أنيب نفسي عنكم جميعاً لأتقدم بالشكر إلى الابن أو الأخ عبد المقصود خوجه، وأرجح أنه الابن سناً. أنيب نفسي عنكم لشكره على ما يتيح لنا من فرص للقاء بكم من جهة، ولأداء الواجب نحو من نقصر كثيراً في أداء واجبنا نحوهم. ومن الذين أشعر بكثير من الحسرة والأسف على أني قصرت نحوهم كثيراً الأخ الأستاذ صالح جمال، ذلك لأنه الرجل الذي لا تفوته مناسبة التفقد والاستفسار عني حتى ينتهزها، وذلك ما ينبغي أن يسمى طبع الكريم، وآسف جداً إذا لم أكن أتمتع بهذا الطبع. ثم كلمة أخرى تضاف إلى هذا الشكر للأخ عبد المقصود، وإلى الأخ صالح جمال. كلمة أخرى يهمني جداً أن تقال في هذه المناسبة، ولا أظن أن كثيرين سمعوا بها خاصة من أجيال الشباب الذين ما يزالون وراء الكرة والفيديو... إلخ. ولكن لا يذكرون ماذا كان في حياتنا منذ سنين طويلة، ما أريد أن أقوله عن الأستاذ صالح محمد جمال، وعن أخيه الأستاذ أحمد أنهما كانا الصحافة الحرة القادرة على أن تقول ما لا يقوله سواهم. وذلك بتاريخ الصحافة شيء نادر عندنا على الأقل، ولعل مما لا ينساه الأستاذ صالح محمد جمال، والأستاذ أحمد أنهما كانا يصدران جريدة الندوة، وجاءت المناسبة التي يتاح لنا فيها أن نقول شيئاً لم يكن يتاح للكثيرين أن يقولوه. ولم نجد إلاَّ الندوة وإلاَّ الأستاذ صالح محمد جمال، والأستاذ أحمد محمد جمال. فلا بأس من أن أقول أني بعثت إليه بسلسلة من المقالات في موضوع ما يزال في الأذهان، ولكنه تأبى عليه الظروف أن يسطع، وأن ينتشر، وأن يعلم به الناس.
- والموضوع كان بعنوان "الطاعة لأولي الأمر والشورى عليهم".
- كتبت هذا المقال بإحساس من ظن في ذلك الوقت أن نشره سيدعم فكرة وجود مجلس الشورى، ولعلكم تلاحظون أن عنوانه "الطاعة لأولي الأمر". فأنا أقدم للمقال بهذه الكلمة، ثم أضيف "والشورى عليهم". ولعلها المرة الأولى التي استشهد فيها أي كاتب بالقرآن الكريم وبحادث شباب الصحابة في غزوة أحد عندما عارضوا أو أقول تشبثوا بأن يخرجوا للغزو، لأنه قد فاتتهم غزوة بدر، وأكثروا من الكلام في الموضوع بينما كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في البقاء في المدينة، وفي الدفاع عنها. ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحس أن شباب الأنصار وغيرهم الذين فاتتهم غزوة بدر يصرّون على الخروج للغزوة، فلم يكثر الكلام معهم، وأدرك أنهم شبان، وأن الأولى به صلى الله عليه وسلم أن يدخل مجلسه، أو غرفته، أو مكانه. وعندما خرج من المجلس حدث أن كبار الصحابة التفتوا إلى هؤلاء الشبان وأخذوا يعنفونهم تعنيفاً على معارضتهم رغبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيه. فأحسوا بالحرج وخجلوا واحتاروا ماذا يفعلون؟ فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يخرج وقد لبس لباس الحرب، فنهضوا يرجون أن يعفو عنهم وأنهم لن يعارضوا فكرة البقاء في المدينة، والدفاع عنها بسككها وبيوتها. ولكنه من جانبه قال الكلمة التي معناها ما كان لنبي لبس لامته أن يخلعها أو يتركها حتى يقاتل.
- وخرجوا جميعاً لغزوة أحد شباباً وشيباً والغزوة تفاصيلها معروفة، فقد قتل فيها عم النبي صلى الله عليه وسلم سيدنا حمزة، وفيها كُسرت ثناياه صلى الله عليه وسلم، وفيها توهم كثيرون أنه قُتل، وفيها كذلك قامت هند بنت عتبة بشج صدر حمزة بعد أن قتل، وانتزعت قطعة من كبده وأكلتها لتشفي غليل حقدها عليه، لأنه هو الذي قتل عدداً من أقاربها. والغريب الذي يستوقف القارئ فعلاً أن القرآن الكريم بالرغم من موقف هؤلاء الشبان وشعورهم بالخطأ والإِثم نزلت الآيات تأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يعفو عنهم، وأن يستغفر لهم، وأن يشاورهم في الأمر. قال تعالى: فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر.
- ونلاحظ هنا أن شاورهم في الأمر جاءت بصيغة الأمر وهي في تقديري لا تختلف عن عبارة أقم الصلاة وآتِ الزكاة. هذا المقال بعنوان "الطاعة لأولي الأمر والشورى عليهم". كان فيما أظن في سلسلة من المقالات توالت وتتابعت لعلها أربعة نشرها الأستاذ صالح محمد جمال، وأخوه الأستاذ أحمد محمد جمال، وما تزال عندي نسخ هذه المقالات التي يحق لي بشيء من التواضع، أو الغرور أن أفخر وأعتز بها. وأن أقدم الشكر الجزيل للأستاذ صالح محمد جمال بهذه المناسبة الكريمة، وأن أتطلع إلى صحافة تستطيع اليوم أو غداً أن تقول ما يجب أن يقال، وما ينبغي أن يقال وهو الأهم. ومعذرة للأستاذ صالح محمد جمال على أني لم أكن أعلم أنه كان يعاني وأنه عاد بعد إجراء عملية على ما أظن، وهذا مما يؤكد غفلتي فمعذرة.. والشكر على كل حال.
- والسلام عليكم ورحمة الله.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :600  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 9 من 230
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.