شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أهلاً بالصواريخ
كلمة (نفاق)، ومنها صفة (منافق)، هما اللتان تقذفنا بهما الألسنة فيما يشبه صواريخ، تجد أهدافها في أذهان الكتاب، ومنهم كاتب هذه السطور. ولن أنسى من هاتَفني ذات يوم منذ ثلاث سنوات، وكانت أول كلمة نطق بها هي: (يا منافق) وأضاف: (إلى متى، تمارسون غسل أدمغتنا بما تكتبونه من تفاهات نفاقكم، وأنتم الذين نقرأ الثناء عليهم والإعجاب بهم ثمناً رخيصاً لما تبثونه من آيات النفاق)... وقد لا يكون هذا نص ما سمعته، ولكنه في معناه وحكمه... ولم يكن هذا الذي هاتفني ورفض أن يذكر اسمه، وعجزت أن أذكر له صوتاً أعرفه فيما تسجّله الذاكرة من الأصوات. لم يكن الوحيد أو الأخير... إذ ما أكثر ما سمعت التعريض المقصود، ولكن في محاولة ذكية لتجنب التصريح، اكتفاء بأن في التعريض الكفاية تنديداً واستنكاراً بل وأحياناً (تهزيئاً وسخرية).
هذه الكلمة، هي التي لا أشك في أنها ستوجّه صاروخياً إلى أسمى، حين أجد نفسي ملزماً بأن أعبّر عن إحساس بالإعجاب والتقدير، يملأ نفسي، نحو صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز آل سعود، الرئيس العام لرعاية الشباب. وأبادر إلى إعلان حقيقة عن نفسي، يعرفها الكثيرون عني، وهي أني لم أكن قط رياضياً، ولم أهتم طوال حياتي بأي نوع من الأنشطة الرياضية، باستثناء ركوب الخيل، أيام كنت من ضباط الشرطة منذ أكثر من أربعين عاماً... وقد يحسن أن أنبّه إلى أن ركوبي الخيل في تلك الأيام لم يكن هواية، ولا رغبة، وإنما هو تنفيذ أو أداء للواجبات المقررة على أمثالي من الضباط، ومنها (الدوريّة) في (حواير) مكة بعد الرابعة أو الخامسة من الليل (بالتوقيت الغروبي). ومعي عدد من الجنود إضافة إلى (العريف).
ومن هذه الحقيقة، يمكن أن أقول إن إحساسي بالإعجاب والتقدير نحو سمو الأمير فيصل بن فهد لا علاقة له بالكرة مثلاً، أو بغيرها من الأنشطة الرياضية، بل قد لا أذهب بعيداً إذا صارحت الرياضيين جميعاً، إن هذا الإستاد ((التحفة العالمية))... استاد الملك فهد بن عبد العزيز بكل ما عرضه التلفزيون عن هندسته المتطورة، وما يتوافر فيه من المرافق والمنشآت، التي يقل نظيرها في العالم... لم يسترع انتباهي، ويستوعب اهتمامي إلاّ بقدر ما تستثير الإعجاب المنشآت والمنجزات الكثيرة، التي نحمد الله سبحانه، على أنها قد تواجدت في حياتنا وعلى أرضنا، وفي خدمة المواطنين جميعاً، بفضل الله، ثم بفضل توجيهات ورعاية خادم الحرمين الشرفين الملك فهد بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين.
إذن... فليس الإستاد، وليست الأنشطة الرياضية، ولا البطولات التي حققها هذا المنتخب أو ذاك، فيما يصفق له عشاق الكرة، ومنهم أحفادي، الذين يدهشني أنهم يتابعون المباريات ويعرفون الأبطال حين يرون صورهم في الصحف والمجلات، أو أثناء عرض المباريات (حية على الهواء) على شاشة التلفزيون.
ليس كل هذا... وإنما هو شخص، صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد فيما يفضي من تصريحات وتعليقات، أو فيما يلقيه من كلمات، في مناسبات معيّنة. منها تلك الكلمة التي ألقاها سموّه، بمناسبة منح أول الجوائز التقديرية، للأساتذة، أحمد السباعي رحمه الله، والأستاذين حمد الجاسر، وعبد الله بن خميس. كنت أجلس إلى جانب الأستاذ محمد حسن فقي، وكل منّا يصغي إلى ما ألقاه كل من الأستاذين، الجاسر وبن خميس، والأستاذ أسامة السباعي نيابة عن أبيه... ثم قبل ذلك، - على ما أذكر - الخطاب أو الكلمة ألقاها الأمير فيصل بن فهد...
كان مما سجّلتْه أو وعتْه ذاكرة الأستاذ السيد محمد حسن فقي، وذاكرتي، أن الأمير الشاب قد ألقى خطابه دون أن يقع منه أي خطأ نحوي أو لغوي، أو خطأ في مخارج الحروف كما يحدث أحياناً في مخرج أو نطق حرف (الضاد)، إذ يلفظ كأنه (ظاء). كان يلقي الكلمة من نص مكتوب دون شك، ففي مثل هذه المناسبة الكبرى، لا يحسن الارتجال... ولكن غيره كان يلقي من نص مكتوب أيضاً وقد تعثر مع الأخطاء، ولا حاجة الآن لذكر الأسماء... فقد اتفقنا - السيد محمد حسن فقي وأنا أن (الإلقاء) كثيراً ما يتسبّب في التعثّر والوقوع في الخطأ.
ومنذ ذلك اليوم، وكلّما رأيت سموه يفضي بتصريح أو تعليق - مرتجل - كنت لا أملك إلا الاعتراف بانطلاقه وتدفقه وقدرته على الإفصاح عن رأيه فيما يُسأل عنه، أو يُطلب منه النسيق عليه...
ولكن الكلمة التي ألقاها سموّه منذ بضعة أيام، عن (الإستاد) الذي أفتتحه العاهل العظيم وهي كلمة طويلة نسبياً، وكان يلقيها مرتجلاً - وأعني بدون إلقاء نظرة على نص مكتوب بين يديه - جعلتني أرفع صوتي قائلاً: (غير معقول!!! غير معقول!!!) وسألتني أم ضيا وهي بجانبي كما هي العادة: (ما هو غير المعقول؟؟؟) فلم أجبها بشيء...
وغير المعقول، ولكنّه الواقع الذي شهده الألوف أو مئات الألوف، هو أن سموّه قد ألقى ذلك الخطاب، الذي لا يقل طولاً، عن الخطاب المكتوب، الذي ألقاه في حفل جائزة الدولة التقديرية، ولكن بأسلوب أنيق، وبلغة سليمة تماماً من الأخطاء النحوية واللغوية... كأنه كان قد حفظ النص الذي كتبه عن ظهر قلب... وهو ما استبعده على وقته وذهنه مع زحمة المشاغل التي يعيشها.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :527  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 141 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.