شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الإعلام وتسمية الأشياء بأسمائها
بغض النظر عن الأسباب التي فجّرت مخزون الحقد، أو الأحقاد الطائفية في لبنان فاندلعت هذه الحرب الشرسة المجنونة، لتقترب من عامها الحادي عشر، فإن ما يتعذّر تجاهله والاغضاء عنه، هو أن الطائفة المارونية الكتائبية، كانت منذ البداية وحتى اليوم، هي التي أسفرت عن وجهها الطائفي الصريح، واستوعبت حلبة الصراع الدموي بينها وبين الفلسطينيين أولاً ثم بينها وبين الطوائف الأخرى وإذا كان لها ما يمكن أن يذكر فيقدّر فهو صراحتها في المواجهة، وعدم محاولتها تبرير اعتدائها وعدوانها، بأي مبرر سوى تحقيق هدفها، وهو أن تكون هي المهيمنة والمسيطرة على مقدرات لبنان بجميع طوائفه، وهي التي تمارس بالمدفع والرشاش وحمامات الدم، القضاء على الوجود الفلسطيني بجميع أشكاله.
ثم هي صريحة أيضاً، في رفض الانتماء العربي، أو البقاء في الخيمة العربية، ولم تحاول قط أن تخفي انحيازها السافر وتعاونها المكشوف مع العدو الإسرائيلي، وقد يصعب أن نمحو من الذاكرة، ترحيبها بقوات الغزو والاجتياح، ليس فقط، بعدم مقاومة هذا الاجتياح، بل فوق ذلك، بالأفراح والليالي الملاح، والسهرات الراقصة، في نفس الوقت الذي كان فيه العدو يمطر بيروت الغربية، وسكانها، بنيران قذائفه وقنابله العنقودية، من البر والبحر والجو. فيقتل العشرات والمئات، ويدمّر وينشر الخراب والدمار، بتلك العشوائية الحقيرة، التي تركت المدينة أنقاضاً، والحياة فيها جحيماً، وساحة رعب وإرهاب.
ومذبحة صبرا وشاتيلا، كانت وحدها، الشاهد الأعظم، على أبشع وأحقر إفراز الحقد وعلى أن الإنسانية خرافة لا وجود لها في ضمير أولئك الذين ظلوا يمارسون الذبح.. ذبح النساء والأطفال والرجال يومين متتاليين، لا لغرض سوى شفاء غليل هذا الحقد المتأصّل في النفوس. وقد وجد فرصته في تواطؤ العدو الإسرائيلي الجبان.
واليوم.. في صيدا، يشهد العالم، كيف تسفر المليشيات الكتائبية عن وجهها وكيف تواصل ما انقطع بانسحاب إسرائيل، بل تتجاوز حتى أبشع ما كانت تمارسه قوات العدو من أعمال القمع، فتصلي المدينة بنيران قذائفها، فتشرّد عنها سكانها من الطوائف الأخرى ويسقط القتلى والجرحى بالعشرات، ولا غرض أو هدف، إلا شفاء الغليل.. وتحقيق الهدف المبيّت القديم، وهو أن تكون المارونية الكتائبية، وحدها هي المهيمنة، والمسيطرة على مقدرات لبنان بجميع طوائفه، مع القضاء على الوجود الفلسطيني بجميع أشكاله أينما وجد وحيثما يكون.
يحدث هذا.. كل هذا.. وهو معلن ومكشوف، أعلنته هذه الميليشيات صراحة، كما أعلنت رفضها الصريح للانتماء العربي، واعتمادها المطلق على إسرائيل، ومع ذلك، نجد أجهزة الإعلام في العالم العربي، تتحاشى تسمية الأشياء بأسمائها، تتحسّب فلا تذكر أن الميليشيات المارونية الكتائبية هي التي تقصف وتقتل وتتواطأ مع إسرائيل في أعمال التخريب والتدمير، وفي ملاحقة سكان المخيمات من الفلسطينيين العزّل.. تتحاشى أن تقول إن هذه الميليشيات، هي التي تفتك بالمسلمين، وهي التي تنكّل بهم، وهي التي تحقق ما عجزت عن تحقيقه قوات الاحتلال طوال ثلاث سنوات.
كلاّ.. لا أكتب هذا تحريضاً، أو حتّى لمواجهة العدوان بالعدوان.. وإنما أكتبه لنواجه الحقائق، ولنحاول - مجرد محاولة - أن نقول لهذه الميليشيات، إن مستقبلها على المدى الطويل في هذه الأرض العربية من حولها، هو نفس مستقبل إسرائيل.. مستقبل جسم غريب، يستحيل أن يتقبله الكيان العربي، ويستحيل أن يتعامل معه أو يتعايش في سلام.. وكما تعتمد إسرائيل على البندقية والرشاش والمدفع لتضمن الوجود والأمن، فلا بد أن تعتمد الميليشيات الكتائبية على نفس الوسائل.. وهذا لن يعني شيئاً، سوى الصراع الذي عاشته إسرائيل نيفاً وثلاثة عقود من السنين، ولا بد أن ينتهي في يوم ما لا يهم أن يكون بعيداً.. لا يهم أن يجيء ولو بعد مائة عام.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :550  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 57 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

سوانح وآراء

[في الأدب والأدباء: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج