شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الشعر والشعراء.. في المدينة المنورة (1)
رئيس نادي مكة الثقافي الأستاذ إبراهيم فوده، إنه حسن الظن جداً بذكاء من يدعوهم لحضور أمسيات النادي بحيث يتوقّع أن يكفي مجرد توجيه الدعوة، ليتاح لهم الحضور في الموعد الذي يحدّده وهو الساعة الثامنة. أو لعلّه قد اطمأن إلى أن النادي قد حقق من الشهرة فبلغ الحد الذي يجعل الاهتداء إلى موقعه في مكة، مسألة سهلة لا تحتاج إلى جهد من أي نوع، بل لا تحتاج حتى إلى لافتة واحدة - فضلاً عن لافتات - تساعد المدعو على معرفة هذا الموقع.
فيما يختص بذكائي شخصياً، فإني أبادر إلى الاعتراف طائعاً مختاراً، بأني من أشد خلق الله غباء في معرفة المواقع في أي مدينة من مدن المملكة، ولولا أن الله يسخّر لي السائق الجيد الذي يعرف كيف يصل إلى المنزل أو المصلحة التي أريد الوصول إليها، لكانت حوادث (ضياعي) ومتاعب الأهل والولد، في العثور عليّ - ربّما في أقسام الشرطة - أكثر من أن تحصى.
أذكر أني كنت أسكن منطقة الكندرة - والمصيبة أني كنت أقود سيارتي بنفسي - وبعد أن فرغت من عملي في البنك الأهلي التجاري، ارتفقت السيارة واتجهت إلى منطقة الكندرة قاصداً منزلي بالطبع، فإذا بي في متاهة لا أول لها ولا آخر.. أزقة ومنعطفات، ومطبّات، وحفر ومناطق مظلمة لا يضيئها إلاّ مصباح السيارة.. وأخيراً لم أر بأساً في أن أقف بالسيارة عند (فوّال) أو بقّال لا أذكر الآن.. وحرصت على أن أترك السيارة، وأن أتجه إليه راجياً أن يخبرني أين أجد (منزل عزيز ضياء).. حملق الرجل، ورفع حاجبيه، ثم استجمع أعصابه، ليقول: (منزل عزيز ضياء؟) قلت، وأنا واثق أنه لم يسمع قط بهذا الاسم، فضلاً عن منزله.. وكدت أتركه لأعود إلى السيارة، وأمري إلى الله.. ولكنّه قال: (يا عمّي أنت عزيز ضياء).. قلت: (فعلاً أنا هو.. ولكن..) وقبل أن أواصل إيضاح الموقف، قال: (بيتك.. هل تريد بيتك؟) قلت (هو ذاك.. أريد بيت عزيز ضياء).. فإذا به يفرقع ضحكة عالية وهو يقول: (أنت يا عميّ أمام بيتك الآن.. انظر خلفك).. ونظرت وكان البيت هناك فعلاً.
أما الابن الأستاذ محمد سعيد طيب فقد تورّط يوماً، في التطوع لنقلي إلى منزلي بعد الساعة الثانية عشرة ليلاً.. فأنذرته بأني لا أعرف كيف أصل إلى موقع منزلي.. ظنّها دعابة.. ولكن جولة الساعة والنصف التي ظل يقوم بها معي في سيارته للاهتداء إلى المنزل، أقنعته بأني فعلاً لا أعرف كيف أصل إلى منزلي في الليل.. ولا في النهار.
وللقارئ بعد ذلك أن يتصوّر حالي، في محاولة الاهتداء إلى موقع (نادي مكة الثقافي).. وأعترف أن الذي شدّني وحتّم أن أحضر الندوة التي دعا إليها الأستاذ إبراهيم فوده، هو أنها أمسية لشعراء المدينة المنورة.. فقد بدا لي أن أكفّر عن تقصيري المتلاحق، الذي بلغ حد الجحود بالنسبة لذلك الجوار الطاهر، الذي ولدت في أحد أزقته، وقضيت فيه أسعد وأجمل أيام الطفولة واليفع وفترة من الشباب، ثم شاء الله سبحانه، أن أعيش بقية العمر وحتى اليوم، في مكة أولاً ثم في جدة هذه الأيام.. ثم عن تقصيري أيضاً، بالنسبة لشعراء المدينة، وفي مقدمتهم الأستاذ هاشم رشيد الذي أهداني كل ديوان أصدره من دواوين شعره فلم أجد الوقت لدراسة هذا الشعر، لأن الدراسة بالمفهوم الذي أتصوّره، بالنسبة لشاعر في وزنه وحجمه ومكانته تحتاج إلى تفرّغ، والتفرغ يحتاج إلى وقت، والوقت هو الذي يفر أو يذوب أو يتلاشى.. لا أدري كيف.. كما لا أدري كيف يمكن أن تنتهي معركتي معه في مقبل الأيام.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :604  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 49 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.