شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حبيبته.. والبحر..
والضمير في العنوان عائد إلى الابن الأستاذ إبراهيم عمر صعابي، الذي أهداني أول ديوان لبواكير شعره واسمه (حبيبتي والبحر).. ولم أشأ أن أحتفظ لهذه الكلمة بعنوان الديوان لأن الشاعر، يقول في عبارة الإهداء التقليدية: (إلى أمّي.. التي لم أقل لغيرها - بإحساس صادق - أحبّك). فحبيبته كما نرى هي (أمّه)، ولذلك بدا لي أنّه مما لا يتفق مع اللياقة أن أنفث في وهم القارئ إني أكتب عن (حبيبتي).. إذا ما استعرت للكلمة نص عنوان الديوان.
وقد كان يسع الشاعر، أن يقول في عبارة الإهداء: إلى أمي..)، فلا أتورّط أنا ولا القارئ في هذا اللبس، أو الوهم أو الحرج.. ولكن عندما يؤكد أنه لم يقل لغيرها - بإحساس صادق - كلمة (أحبك)، فإنّه يحملني ومعي القارئ أو القراء، على استبعاد أن تكون له حبيبة غيرها، وقد نذهب إلى أبعد من ذلك، فنزعم أن كلمات الحب، أو معانيه، أو صوره وأخيلته في جميع قصائد الديوان لم يقلها الشاعر (بإحساس صادق)، وإنما هكذا من باب الإيهام، أو المسايرة، أو اللعب بالألفاظ، أو لمجرد الزخرف الخفيف، الذي لا يعني في الحقيقة أن هناك حباً، أو حبيبة باستثناء (الأم).
وأتوخّى أن لا أفجع الشاعر في عشمه وحسن ظنّه، في نظرتي إلى الديوان، وما فيه من بواكير شعره، فإني لا أجد في الواقع ما يؤخذ عليه في أن لا يحب إلا أمه.. إذ تلك هي حقيقة مشاعره، ولا أشك في أنها مشاعر البنوة الحنون، التي لا بد أن تكون النظرة إليها، مفعمة بالتقدير بل وبالثناء والإعجاب أيضاً، إذ قد لا نبالغ في التشاؤم وسوداوية النظرة، إذا قلنا إننا في مرحلة من حياة المجتمع، ومن مطلب الترابط في الأسرة، نحتاج فيها إلى ترسيخ حب الأبناء للأمّهات والأباء، والإلحاح في الدعوة إليه، على أمل أن لا تنزلق مشاعر الأبناء إلى هاوية الجحود والنكران والعقوق، التي نتسامع بانزلاق شريحة كبيرة من الجيل فيها.
ثم.. يبقى أن أقول للشاعر الابن إبراهيم صعابي، إن حب المرء لأمّه، وأبيه، لا يمنع أن يحب (تلك) الجميلة من النساء، وأعني أي امرأة يجد الشاعر عندها موضوع الحب، أو يجد أن علاقته بها، لا تعني شيئاً أقل من الحب.. فإذا اشتعلت جوانحه وتأججت مشاعره، إلى الحد الذي يجعله يكتب قصائد شعر، كهذه القصيدة القصيرة بعنوان (سمراء) - صفحة 23 - فإن ما يدفق في الشعر قوة اللذع والقدرة على هزّ وجدان القارئ، وتحريك مشاعره، هو ما أسميه (الصعق الفني) الذي تتواثب فيه المعاني بعفوية، حتى ولو كانت القصيدة بلغة أو لهجة عاميّة تماماً، والشواهد على ذلك كثيرة في ما تصدح به حناجر المطربين من شعر الغناء.
وليست قصيدة (سمراء) هي الوحيدة بين شعر يدخل في معنى (شعر الحب) ففي الديوان قصائد أخرى، يجد القارئ فيها نبض الحب، ورؤاه، وأخيلته، ولكن بما يبدو تكلّفاً يفتقد القدرة على هز الوجدان، وقد أعطانا الشاعر السبب بصراحة عفوية، وهو يقول: إنه لم يقل (أحبك) بإحساس صادق لغير أمّه.. التي خصّها بقصيدة عنوانها (إلى حبيبتي أمّي).. توقّعت، ويتوقّع معي القراء، أن يكون فيها من وقدة العاطفة، ولهفة التعلّق، وعمق المشاعر، ما يفسح للشاعر مجال عطاء حفيل بالإبداع، وتنوّع الصور، وإشراق المعاني، لأنها الوحيدة في دنياه التي يحبها بإحساس صادق كما قال.. ولكن أرجو أن لا أكون جافي العبارة إذا قلت، إن القصيدة لا تختلف عن غيرها، وما فيها من معاني الحب والتعلّق، والعرفان بحقها عليه، أو حق الأم على كل ابن، كمثال للوفاء، ليس فيه من جديد وقيل ويقال في مثل المناسبة والموقف وما أكثرها في دواوين الشعراء القدماء والمحدثين على السواء.
وبعد، فأرجو أن أجد الوقت، لأكتب إلى الشاعر رسالة شخصية، يجد فيها ما لا بد أن أقوله عما استوقفني من الملاحظات، في شعره، وآمل أن لا يطول به الانتظار.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :597  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 43 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الرابع - النثر - مقالات منوعة في الفكر والمجتمع: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج