شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
موقف عربي موحّد لمساندة العراق
منذ سمع العالم تصريحات الرئيس العراقي، صدّام حسين، عن قدرة العراق على صدٍ حاسم لأي محاولة يقوم بها العدو الإسرائيلي للاعتداء على العراق بذريعة إجهاض إمكانياته القادرة على حرق نصف إسرائيل... منذ تلك اللحظة، والعالم يسمع التصريحات المتلاحقة تصدرها الولايات المتحدة، والدائرون في فلكها، وعلى الأخص بريطانيا، وهي تصريحات لم تخل من التهديد الصريح أو ((المبطن)) بالوقوف إلى جانب العدو. إلى الحد الذي اندفع معه المؤيدون لإسرائيل في الكونغرس، إلى المطالبة باللجوء إلى ((الخيار العسكري)) ضد العراق إذا لزم الأمر، بل إلى الحد الذي لم يمنع المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، أن تقول ما يفهم منه، إن مواجهة من يدقون طبول الحرب، واستخدام الأسلحة الكيماوية - وهي التي هدد باستعمالها الرئيس صدام حسين - يجب أن تكون بقاعدة دق طبول (تدميرها).
وبطبيعة الحال، (تدميرها) لا يشمل إسرائيل التي لم يبق في العالم أحد يجهل أنها تملك القنبلة الذريّة، وكذلك الأسلحة الكيماوية... وإنما المقصود به العراق الشقيق.
وأجد نفسي، في أجواء هذه البروق الخاطفة من هنا وهناك، مضطراً للاعتراف بأني أحسست بما يشبه فرحة الأطفال حين يسمعون (مدافع العيد)، وأنا أسمع وأقرأ تصريحات الرئيس صدام حسين، أو تهديداته بالقدرة على حرق (نصف إسرائيل). وربما كان ذلك لأننا منذ انتصارنا في حرب أوكتوبر، وما تبعها وتولّد منها ونتيجة لها من أوضاع ومواقف، ورغم اتفاقيات السلام واسترداد سيناء أصبحنا، - ومرة أخرى - نقف من قضيتنا الكبرى مع العدو وخلفه أميركا بالذات، الموقف الذي يمكن أن يوصف بأنه موقف أو وضع (اللاحرب واللاسلام).
أما إنه موقف (اللاحرب) فلأنه ليس حرباً تتم بها تصفية من أي نوع، وليس سلاماً تستقر معه الأحوال، وتتجه في ظلاله شعوب الأمة العربية إلى ما تتطلع إليه من أمن واستقرار... ليس حرباً يعرف معها العربي طريقه إلى المعركة... وليس سلاماً يعرف معه طريقه إلى المصنع والحقل.
لا حرب ولا سلام، وإنما هو رغم كل الجهود التي تبذل للوصول إلى مؤتمر دولي للسلام، هو تربص في فراغ... وانتظار في غير ما طائل، والتوقع الدائم لمجهول، لم يتضح - ولا يوجد ما يشير إلى أنه سوف يتضح - ما هو حده من السوء إن كان سوءاً، وما هو حده من الخير إن كان خيراً.
والحرب نزيف دموي رهيب دون شك... ولكن حالة اللاحرب واللاسلام التي عدنا إليها في هذه المرحلة من مسيرتنا على الصعيد الدولي، لا تقل عن نزيف الحرب استهلاكاً للطاقة والجهد... ولا بد أن ندرك - وبوضوح تام - إن هذا الوضع المتميع أو المهتز، أو (الضائع)، يطفي جذوة الحزم، ويخمد مشاعر العزّة والآباء والكرامة، ويميت مكامن الإحساس، بالصدمة التي لا تزال مصدر أوجاعنا وحريق وجداننا، ما دامت الأرض المحتلة، محتلة، وما دام العدو يؤكد بكل غطرسته وعنفوان استهتاره، أنّه (لن) يفاوض، إلا على أساس أن كل ما احتل، هو أرض إسرائيل بما في ذلك القدس، التي تدعم الولايات المتحدة، بمجلس شيوخها أو نوابها، دعواه، بأنها عاصمة دولته وإلى الأبد.
مما قيل ويقال، إن العرب أضعف من أن يحاربوا، وكان انتصارهم في حرب أكتوبر (فلتة) لن تتكرر، وإنما الذي يتكرر، هو الاستمرار في احتلال ما احتُلَّ... وهم - العرب - أضعف أيضاً من أن يسالموا... فإذا سمعنا اليوم أن العراق الشقيق، ينذر (بحرق نصف إسرائيل) إذا ما فكّرت في التعرض لسلامة وأمن العراق... وإذا وضعنا في حساباتنا وتقديرنا أن عمليات التسلح لدى الدول العربية، تتطور، وتتضخّم، وتقول مؤشرات كثيرة إنها أصبحت لها القدرة على أن تصد أي عدوان، وأن تكيل الصاع صاعين، فإن لمثلي أن يرى وجهاً آخر للصورة... وجهاً مشرقاً يطمئننا على أن مفتاح الحرب يمكن أن يكون في أيدينا، وأن مفتاح السلام أيضاً ليس بعيداً عنّا، ولكنه السلام الذي، لن يندغم أو يموج في معنى الاستسلام.
والعراق الشقيق، ينتظر انعقاد مجلس جامعة الدول العربية، على مستوى المندوبين الدائمين، أو على مستوى وزراء الخارجية، وهو يدعو لهذا الاجتماع وينتظره، ليس من موقف الرغبة في التماس مخرج للأزمة التي نشأت عن التهديد بحرق نصف إسرائيل، وإنما من موقف إيمانه بأن الدول العربية اليوم، غيرها بالأمس... إنها اليوم، في الموقف الذي تتحسّب له الولايات المتحدة الأميركية، التي لن تتخلّى عن دعم إسرائيل طبعاً، ولكنها لن تتجاهل في نفس الوقت، احتمال أن يحرق العراق نصفها، إذا ركبت رأسها فأقدمت على أي اعتداء أو عدوان.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :643  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 73 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.