شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الإعلام العربي وراء الأسوار
لقد سمع الدكتور فهد العرابي الحارثي في الندوة التي ترأسها في مؤتمر التنظيمات الأهلية في القاهرة، الذي دعا إليه صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز في القاهرة وكانت عن الإعلام... لقد سمع الكثير الصريح من آراء الحضور ليس عن إقليمية الإعلام العربي فحسب. وإنما عن علله وقصوره والمسؤوليات التي عجز عن تحقيقها ولا تزال ملقاة على عاتقه حتى اليوم.
ولقد سمعت معه والتزمت الصمت الذي لاحظه ((الرئيس)) وسألني عن سببه... واذكر أني قلت له. إن الكثير مما قيل كان يتحسب ويحذر رغم شحنات النقد فيه... وبقي في نفسي أن أقول اليوم كلمتي عن هذا الإعلام وراء الأسوار.
وليس من المجازفة أن يقال إن ما تواجهه قضايانا المصيرية من تحد وما تعانيه من غموض يستتبع بطبيعته التجاهل والإهمال على الصعيد الجماهيري الواسع وعلى الأخص بين شعوب الدول المتقدمة الكبرى - كان ولا يزال نتيجة لكساح الإعلام العربي وعجزه عن اقتحام أسوار الإقليمية إلى ما وراءها من آفاق العالم.
ومحنة العالم العربي بإعلامه المحلي أو الإقليمي كانت - ولعلها ستظل - نتيجة تسخير أجهزة الإعلام لترسيخ أهداف أنظمة معينة. وبغض النظر عن صلاح هذه الأنظمة أو فسادها، وعن الصدق في مضامين هذه الأهداف، أو تزييفها وتضليلها، بالنسبة لما تردده وتدعو إليه، فإن الواقع المحكوم بمخططات هذه الأنظمة وأغراضها، يجعل من الإعلام العربي مجرد وسيلة تعطيل قدرة الجماهير على التطلع إلى الأفضل والأصدق، والأكثر وفاء لمطالبها وتحقيقاً لمصالحها.
ولا بد لنا أن نعترف بأن أجهزة الإعلام في كل بلد عربي قد نجحت في الوصول إلى الأهداف المنشودة، إذ استطاعت أن ترسخ في وعي الجماهير حالة الرضى والقبول، بل وحتى الترحيب بكل شعار ترفعه - وما أكثر ما رفع من شعارات، بحيث قدمت لنا تجارب ما يقرب من أربعة عقود من السنين الواقع الذي نعيشه اليوم، بكل ما فيه من تهتك، وبكل ما جر إليه من خذلان وضياع، أقرب الشواهد عليه - إن كان يحتاج إلى شاهد - هو موقف المراوحة أو حتى الجمود في وجه تحديات العدو واستهتاره على كامل الأرض التي اغتصبها، دون أن نحاول تحرير ذرة من ترابها، بينما تواصل أجهزة الإعلام النفخ في الأبواق، والضرب على الطبول، والاستمرار في لعب نفس الأدوار، التي ظلت تلعبها، منذ كانت مسرحية رفع هذه الشعارات هي السبيل إلى ضمان الاستقرار.
وإذا كان الإعلام العربي قد أثبت نجاحه الكاسح إقليمياً، فإنه قد أعطانا المؤشر القوي على فعاليته وقدرته الفائقة على ما يرسم له ويخطط من أهداف... وليس في هذا من جديد يستحق الذكر في الواقع، إذ ليس من يجهل أن الإعلام واحد من أخطر الأسلحة وأقدرها على تحقيق الأهداف المتوخاة، إذا توافرت لتوجيهه وإدارة أجهزته عناصر الخبرة والذكاء وما يسمى (النفس الطويل)، ونجاح الإعلام الإقليمي قد يتيح لنا أن نقول إننا لا نفتقر إلى الخبرة ولا إلى الذكاء والدهاء، ولكن الفرق بيننا، وبين العدو، أننا التزمنا الإقليمية الضيقة، وكرسنا كل جهدنا لإقناع جماهير المواطنين بشعاراتنا، وبالتالي، صرفها عن مطلب تحرير الأرض المغتصبة، بينما ظل العدو يمارس على أهلها أعمال القتل والاعتقال والتشريد والإذلال.
والغريب في واقعنا الإعلامي، أننا لم نجهل قط، أن اللوبي الصهيوني في أميركا - على سبيل المثال - واحد من أجهزة إعلام العدو، وأن هذا اللوبي قد استطاع دائماً أن يهزم كل محاولة يشعر أن الولايات المتحدة الأمريكية يمكن أن تقوم بها لصالح قضايانا ولا نجهل أيضاً أن الأساس الذي يبني عليه هذا اللوبي زحفه الكاسح، إلى جانب الخبرة والدهاء والمكر، هو (المال)، يتسلل إلى كل وسيلة من وسائل الإعلام في كل ما له علاقة بسياسة أميركا في الشرق الأوسط.
فإذا قلنا (المال)، فإننا نواجه على الفور مسؤوليتنا التي قد لا نبالغ إذا قلنا إننا لم نكن قط قادرين على تحقيقها كما نقدر اليوم، لأن المال لم يعد مشكلة بالنسبة للعالم العربي ليس لأن كل دولة تتمتع بالثراء الذي يتمتع به بعضها، وإنما لأن هذا البعض لا يبخل أبداً بالعطاء أداء للواجب وتطلعاً إلى دعم كل جهد يستهدف تحرير الأرض.
فليس هناك إذن ما يمنع أن يخفف الإعلام العربي من إقليميته، وأن ينطلق إلى الآفاق العالمية،... وليست الدول وحدها مسؤولة عن تحقيق مثل هذه الخطوات الحاسمة،... ففي عالمنا العربي اليوم، من الأثرياء من اشترى بنوكاً بكامل ما لها وما عليها. فمن المفروغ منه أن أي واحد من هؤلاء يستطيع أن يشتري ألوف الأسهم التي تمول شركات الإذاعة والصحافة والتلفزيون ليس في الولايات المتحدة وحدها وإنما في أي عاصمة من عواصم الدول الصناعية الكبرى التي تتحكم في كل قضية من قضايانا المصيرية وأعظمها اليوم وغداً، انتفاضة الشعب الفلسطيني الذي تسلح بحجارة الأرض المحتلة يرجم بها هذا العدو الذي يقتنص بالرصاص أرواح المئات، ويعتقل بقواته الغاشمة عشرات الألوف، حتى من الصبية والنساء والأطفال.
أتساءل، مع الذين يتساءلون عن غياب الإعلام العربي عالمياً متى يتخطى هذا الإعلام حواجز الإقليمية أو أسوارها، ليقتحم الآفاق العالمية، وليعلم الأمريكي الذي لا يعرف عن الشرق الأوسط إلا إسرائيل (المتحضرة والمتقدمة) وسط شعوب بدائية متوحشة مطلبها الأعظم والأهم القضاء عليها... ليعلم هذا الأميركي أن البدائية المتوحشة الوالغة في دماء الأبرياء هي إسرائيل، وأن الشعوب العربية من حولها لا تطلب سوى حق الشعب الفلسطيني في أرضه لا أكثر... ولا أقل.
أتساءل... ولا أدري من يمكن أن يجيب.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :647  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 23 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج