شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
جورج أورويل... والعالم عام 1984
كثير ممّا ينشر في صحفنا ومجلاتنا ويتاح لي أحياناً أن أطّلع عليه، من عطاء شبابنا يستوقفني، إعجاباً، ويذكرني في نفس الوقت بأيام مضت، كانت تطفر بي الفرحة استبشاراً بمن سوف تستقبله ساحة الأدب من أبنائنا الذين كنت ألمح فيما ينشر لهم بين الحين والحين من مقالات فيها مع نبض الفكر - وهو الأهم - تبرعُم النّوْر وبُشرى تفتحه وازدهاره... ومن هذا الكثير من عطاء الشباب ما لا يتاح لي الاطّلاع عليه، ليس زهداً فيه أو قلة احتفال بقيمته، وإنما لكثرته التي لم تعد تتناسب مع المتاح من الوقت بالنسبة لي.
ويوم عدت من القاهرة منذ أسبوع، هالني ما وجدته على مكتبي، من قصاصات الصحف يُعدها في العادة من يساعدني، ويدرك أنها قد يكون فيها ما ينبغي أن أطّلع عليه... ولا أخفي أني عدت من رحلة الأسبوع الذي قضيته في القاهرة مرهقاً نتيجة لما كنت عاكفاً على قراءته من البحوث التي تقدم بها المتحدثون في المؤتمر الضخم الذي دعا إلى انعقاده صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز في القاهرة حول: (التنظيمات الأهلية العربية).
والحديث عن هذا المؤتمر الكبير بكل معيار يطول، وقد لا تكون كلمةُ اليوم مجالَه خصوصاً وإني قد ارتبطت بموضوع (جورج اورويل... والعالم كما رآه في عام 1984). وهو الذي وجدت بين قصاصات الصحف اليوم صفحة بكاملها من ملحق الأربعاء من جريدة المدينة المنوّرة، مُروَّسةً بمانشيت جانبي، وبكلمات بخط عريض تقول: (الأب عزيز والعالم عام 1984) وتحت المانشيت صورتي مكبّرة، تغطي فراغ ثلث الصفحة. ووجدت نفسي أتساءل قبل قراءة الموضوع: ترى هل هو الاهتمام بجورج أورويل صاحب كتاب (العالم عام 1984؟؟... أم هي حفاوة الأربعاء بكاتب المقال، وهو الأستاذ خالد علي المطرفي؟، أم بما هو أهم، وهو الموضوع الذي عالجه هذا الكاتب، من أبنائنا الذين ألمح فيما يكتبون نبض الفكر، وتبرعم النوْر وبشرى، تفتحه وازدهاره؟؟؟ وإذ توّج الكاتبُ الصفحة بصورة لغلافين للكتاب: أحدهما لترجمتي التي نشرتها (تهامة)، في عام 1984م، والأخرى لترجمة قام بها كاتبان مصريان هما: (شفيق أسعد فريد... وعبد الحميد محبوب) وراجعها (عبد الرحيم رشوان) فقد وجدت أني لست محتاجاً بعد ذلك إلى فهم ما أراد الكاتب أن يقوله... لأنه موضوع سبقه إليه، ومنذ صدور ترجمتي للكتاب، قارئ من قراء أو من كتاب جريدة الندوة الغراء، اتصل بي هاتفياً، وأخبرني أن الكتاب قد سبق أن تُرجم في مصر ومنذ أكثر من عشرين عاماً ولعلّه استأذنني في أن ينشر ذلك، فرحّبت بأن يَنْشر، ورجوته في نفس الوقت أن يتكرم بتزويدي بنسخة من الكتاب للاطلاع عليها وإعادتها... وقد فعل مشكوراً، وهي نفس النسخة التي نشر الأستاذ المطرفي صورة غلافها في مقاله... والأعجب من ذلك، وقبل مضي عشرة أيام تقريباً من حديث محرر الندوة اتصل بي - كما أذكر الآن - الدكتور عبد الجليل طاشكندي وأخبرني أن الكتاب سبق أن نقله إلى العربية كاتب ذكر اسمه من لبنان، ومنذ سنين... وتفضل الدكتور فأرسل إليّ نسخة أرجّح أنها (مصورة).
من هنا قد يرى الأستاذ المطرفي أن الموضوع ليس فيه ما يستحق أن يوضع في هذا الإطار من التلميع، أو أن يجد فيه اكتشافاً يبذل في عرضه كل هذا الجهد ليشد انتباه القرّاء إليه... ومع ذلك فقد اعتبرُها فرصة لأذكر أن علاقتي بالكتاب بدأت يوم أهداه إليَّ صديق عاد من لندن، وهو منفعل بما قرأه من أحداث ومن صور الإرهاب ووقائعه، وعكفت على قراءته، وخطر لي أن أنقله إلى العربية لأننا كنا نقترب من عام 1984... وتفرغت للترجمة طوال ما يقرب من سنتين، ثم دفعته إلى تهامة لتقوم بإصداره ونشره... ولكن، نظراً لأن النسخة، التي أهداها إليّ الصديق كانت طبعة شعبية مما يسمى (Paper Back) فقد حرصت على أن أحصل على (الأعمال الكاملة) لجورج أورويل لأطمئن إلى أن النسخة التي ترجمتها ليست ناقصة أو مختصرة... وقد سعدت بالأعمال الكاملة لهذا الكاتب، إذ وجدت فيها مقدمة موسَّعة عن حياة جورج أورويل استفدت منها في كتابة المقدمة الطويلة التي صدّرت بها الكتاب.
ولقد كان الخطأ الذي يُحسب عليّ فعلاً هو أني زعمت أنها المرة الأولى التي ينقل فيها الكتاب إلى اللغة العربية... والسبب هو أني لم أكن أعلم أنه ترجم قبل ثمان وعشرين سنة في مصر وفي لبنان. وقد كان مما ساعد على هذا الخطأ، أن أي دار من دور النشر في مصر، ومنها مكتبة الأنجلو، التي نشرت الترجمة أصلاً، لم تهتم بعام 1984، أو بجورج أورويل، مع أن جميع صحف العالم وإذاعاته وتلفزيوناته قد ظلّت تتحدث عن جورج أورويل هذا، وعن كتابه (العالم في عام 1984) طوال فترة لا تقل عن ستة أسابيع... بل الأعجب حقاً، أن كل الذي قرأته عن الكتاب، وعن جورج أورويل في مجلة أكتوبر كان سطوراً في أقل من نصف عمود... لقد كانت فرصة لإعادة طباعة الكتاب وإصداره والترويج له فيحقق دخلاً معقولاً، لا تستغني عنه أي دار من دور النشر في ذلك العام.
بقي أن الابن الأستاذ خالد علي المطرفي أراد أن يقول شيئاً آخر، خلاصته، إني (لم أترجم الكتاب)، وإنما أعدت صياغة ما ترجمه منذ ثمان وعشرين سنة الكاتبان المصريان، بأسلوبي وإنه قام بالاتصال (ببعض نقادنا وأدبائنا الذين يتوسم فيهم أنهم على اطلاع للترجمتين لعقد مقارنة بين الترجمتين و(البرهنة) على أن ترجمتي (صياغة أدبية إبداعية للترجمة العربية السابقة للكتاب).
ومع ترحيبي بالفكرة... أضيف إليها أن أضع النص الإنجليزي للكتاب، بين أيدي هؤلاء الأدباء والنقاد ليقوموا بمراجعة الترجمة عسى أن أستفيد من هذه المراجعة في الطبعة الثانية، وأعدهم بأني سأذكر أسماءهم، مع خالص الشكر والتقدير.
ثم... يسرني أن يزورني الابن الأستاذ المطرفي، ليرى في مكتبتي أعمالاً لكتاب روس وفرنسيين وألمان، قام بترجمة العمل الواحد منها أكثر من مترجم إلى اللغة الإنجليزية ومن هؤلاء دوستويفسكي... وتولوستوي... وجوجول، ثم فيكتور هوجو... وجان جاك روسّو وفولتير... وعن الألمانية لبريخت، وستيفان زفايج وجوته وشيلر الخ...
وفي انتظار تشريفه أتمنّى له المزيد من القدرة على الاكتشاف، والمزيد من التوفيق.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :865  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 24 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.