شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الضعف دعوة للعدوان
رغم ما يطرأ على ذاكرتي أحياناً من حالة (تبعثر وتشتُّت) بحيث تخونني القدرة على التركيز لأتذكر نصاً بعينه أعرف أن الذاكرة قد اختزنته منذ فترة من الزمن.. رغم ذلك، فإني لا أدري ما الذي يجعل هذه الذاكرة تنشط لتحتفظ بكلمة قالها هذا أو ذاك ممن أقرأ لهم التصريحات تنشرها الصحف التي تتراكم على مكتبي كل يوم.
من هذه الكلمات التي لا تزال حية نابضة في ذهني، تلك الكلمة التي قالها ((المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة)) وزير الدفاع في جمهورية مصر العربية، في خطاب له ألقاه على خريجي إحدى الأكاديميات العسكرية في مصر. قال: (الضعف دعوة للعدوان)..
وهي كلمة أعتقد أنها لم تمر على إسرائيل دون أن تتوقف عندها - طويلاً - أجهزة رصدها اليقظة.. فهي التي مارست كل عدوان لها على العالم العربي من واقع هذه الدعوة التي ظل يوجهها، وبإلحاح متواصل، ذلك (الضعف). وهي دعوة لا تجد إسرائيل ما يمنع الاستجابة لها، عند اللزوم، وفي الوقت المناسب الذي عرفت ببراعتها الفائقة في تحديده بالدقيقة والثانية.
ومن صور الضعف، الذي يدعو إسرائيل إلى العدوان والاستمرار فيه، هذه الصيحات الفارغة التي ترسلها أجهزة الإعلام العربية - عن (استنكار) أو (استهجان) تصرفاتها القمعية، في مواجهة انتفاضة سكان الأرض المحتلة.. إلى جانب ما نغمر به أهلنا الذين تعرض علينا الشاشة الصغيرة صوراً من مأساة وقوفهم في مواجهة القمع الوحشي بما لا يملكون سواه، وهو الحجارة، وحريق إطارات السيارات.. ما نغمرهم به من كلمات الإعجاب والثناء والتقدير، والحث المتلاحق على الاستمرار في (الانتفاضة).. ثم لا شيء بعد ذلك، غير الاستنكار أو التنديد، نسارع إلى عرضه على مسامع الأمم المتحدة، بل على مسامع العالم عبر وسائل وأجهزة الإعلام. وهو ما قد جربناه طوال سنين مع العدو الإسرائيلي دون أي نتيجة فاعلة.. إنه ضعفنا إلى حد الهزال والسقوط على أرصفة الشارع السياسي، هو الذي دعا، وسيظل يدعو العدو إلى ممارسة عمليات القمع بكل بشاعتها في مواجهة انتفاضة العُزَّل من الأطفال والنساء وحفنة الشباب، الذين ترينا الشاشة الصغيرة كيف يمتهن الجندي المدجّج بالسلاح آدميتهم، فيسحبهم أو هو يسحلهم على وجوههم على تراب الشارع.. غير مبال - في نفس الوقت - بأن تسجل المشهد كلّه عدسات التلفزيون، لتعرض فصول الدراما الموجعة على أنظار العالم.. كل العالم.. وفي ذلك - وحده - نموذج من التحدي الفاجر الذي يقول: (هذا نحن.. وهكذا نفعل بأبنائكم ونسائكم، ومسجدكم الأقصى.. فهاتوا ما عندكم.. إن كنتم فاعلين). وللأسف ليس عندنا شيء.. ولا يبدو أنه سوف يكون عندنا ما نفعله، سوى صيحات الاستنكار والتنديد التي لاحظتُ في الأيام الأخيرة، أنها هي أيضاً قد لحقها الضعف والهزال، في ما يلقى من الخطب في قاعة أعضاء الأمم المتحدة.
وطوال أربعين عاماً، ظللنا نواجه عدواً (واحداً)، تجمّعت فيه صفات وخصائص العدو.. وفي مقدمة هذه الخصائص، أنه عدو الإسلام التقليدي منذ أربعة عشر قرناً من الزمان. ثم إنه الذي اغتصب أرض أهلنا وقومنا الفلسطينيين، وشرَّدهم، ليقضوا أعمارهم، وأعمار ذراريهم لاجئين في المخيمات، وتحت زخات الرصاص، والقنابل، مع الجوع، و الظمأ، تحيط بهم أهوال العواصف الهوج وتجلد أجساد أطفالهم العارية سياط الجليد والصقيع.
ومرة أخرى، ((كلمة المشير أبو غزالة)).. (الضعف دعوة للعدوان)، وهو قطعاً ضعفنا الذي برعنا أيما براعة في ما نلتمس من المبررات.
ما علينا.. فذلك عدو معروف، وظروفنا ومعايشتنا لمأساتنا معه لم تعد تحتاج إلى ذكر أو تذكير..
ولكن الذي لم يكن يخطر لنا ببال قط أن يظهر أمامنا من قرر وصمّم، وأصرّ ولا يزال مصراً، على أن يصبح عدواً للعرب وجميع المسلمين، بل ولكل مقدسات الإسلام.. ولأعظم هذه المقدسات.. بيت الله الحرام، رغم ما يرتفع في بلاده من المآذن والقباب، وما ينتثر في مدنها وقراها من المساجد والزوايا وتكايا طلاب العلم، ورغم المئات والألوف الذين يهرعون للصلاة في هذه المساجد، عندما يرتفع صوت المؤذّنين من هذه المآذن وتحت هذه القباب.. الذي لم يكن يخطر ببالنا أن يظهر أمامنا مسلم يؤمن بالله سبحانه، وتجمعه مع المسلمين كافة شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن يقرر هذا المسلم، ويصمّم، ويصر على أن يقف بخيله ورجله.. وزهرة الشباب من أبناء شعبه المسلم، عدواً حاقداً، يحشد على جبهات القتال، الألوف بعد الألوف من ذلك الشباب المسلم، ولا تهتز في كيانه شعرة، تفجّعاً أو حسرة، أو رثاء لهؤلاء الأبرياء الذين يفقدون أرواحهم إرضاءً لنزواته، ومسايرة لتخريفه وخزعبلاته، وجوازات المرور إلى الجنة عبر طريق الحريق والموت.
هنا.. تقف كلمة المشير أبو غزالة، لتقول مرة أخرى: (الضعف دعوة للعدوان).
وللقارئ أن يتساءل مندهشاً: كيف؟ وأين الضعف الذي دعا هذا المسلم للعدوان والعالم يشهد ذلك النموذج الذي لا نظير له من بطولة صمود الإنسان العراقي، والقوات المسلحة العراقية، طوال ما يقرب من ثماني سنوات، لم يتوقّف فيها العدو عن إطلاق النار يوماً واحداً بل ساعة واحدة من ليل أو نهار؟
ومع ذلك فإنه (الضعف الذي دعا للعدوان).. ولكن هنا ليس ضعف العراق وقواته المسلحة، التي ضربت أروع وأعظم أمثلة البطولة في تاريخ الحروب الحديثة - بعد الحرب العالمية الثانية باستثناء تلك الحرب التي خسرتها الولايات المتحدة الأمريكية عن فيتنام.
وليس أيضاً (ضعف الدول العربية) التي لا تستطيع إيران أن تتجاهل القوة الكامنة في موقف الحياد، وموقف الدعوة المتواصلة، وبمختلف الوسائل والأساليب، إلى التصالح والسلام. ولكنّه ضعف الولايات المتحدة الأمريكية.. ضعف القوة العظمى التي أدرك (الخميني وآياته ومُلاواته) منذ البداية.. وعلى التحديد منذ بدأت أميركا تقلب ظهر المجن للإمبراطور لحساب الوهم الأحمق، بأنها تستطيع أن تستمر في أسطورة الانتصار للديموقراطية، ولعبة دعم حقوق الإنسان، مع نظام الآيات والملاّوات.. والقصة أطول وأكثر تعقيداً من أن يتسع لها مقال، أو حتى مئات المقالات.. أدرك الخميني وآياته هذا الضعف، وعرف كيف يستثمره كما عرف كيف يَستند إليه في وقوفه عدواً، يواصل حرباً هدفها المبيّت المستور الانتقام لهزائم فارس المتلاحقة منذ رفرفت راية الإسلام على حطام المجد الكسروي الذي لم تقم له قائمة حتى اليوم. عرف أن القوة العظمى لم تعد لها القدرة على أن تتورّط في دعم مكشوف أو مستور للدول العربية، والخليجية منها على الأخص، وبالتالي فهو يستطيع أن يواصل حربه مع العراق، وأن يمارس أساليبه، فيما سمّاه: (تصدير الثورة) تحت مظلة الإسلام، التي وجدتْ من انخدع بها، أو من طاب له أن يستظل بها تحقيقاً لأغراض سياسية طال التستّر عليها وأتاحت لها المظلة الإسلامية أن تظهر على السطح فتمارس فنوناً من أعمال العنف.. ومنها القتل أو الاغتيال و الهجمات الانتحارية، والخطف، واحتجاز الرهائن، وخطف الطائرات الخ..
وقد ظلت الولايات المتحدة الأمريكية في خط الضعف الذي اختارتْه والتزمتْه.. وزادت على ذلك ما أكد، ليس فقط ظاهرة الضعف.. بل مهزلة وهْمِ المصالحة، والتخفيف من حدة التنافر، والتقرب من مجموعة الآيات التي ينتظر أن تؤول إليها سلطات الخميني بعد هلاكه. وهي مهزلة ما سميّ (إيران جيت)، وقد سمّتها صحف العالم (فضيحة)، ولم تتردد الصحفُ الأمريكية في الاعتراف بأن ذلك (العجوز) في (قم) قد استطاع أن يضحك على المخابرات الأمريكية، بكل ما يتراكم في الأذهان عن ذكاء وخبرة أبالِستها.. وقد لبست العملية، ثوب تخليص وإنقاذ الرهائن في بيروت، أو هذا ما التُمس للرئيس ريجان كمبرر استتر به عن تهم (الكذب) و (الغفلة) و (تضليل الشعب الأمريكي) الخ.
وإلى هنا، يمكن أن يأخذ (الضعف الأمريكي الذي دعا لعدوان إيران) معنى (الخفي المبين)، وأعني الضعف الذي تستر هيكله العظمي بعض الأمشاج والعضلات، بحيث يسعك أن تقول إنه غير واضح بما فيه الكفاية.. ولكن، بعد أن وافقت أمريكا على أن ترفع علَمَها على الناقلات الكويتية، وبعد أن استلزم الأمر دخول الأسطول الأمريكي ومعه قطع من أساطيل بريطانيا وفرنسا، إلى جانب كاسحات الألغام من عدة دول أسرعت إلى مياه الخليج، حين انتشرت هذه الألغام ولم تستطع طائرات الهليكوبتر الأمريكية أن تكسحها أو تخفف من كثافة انتشارها، لأن إيران زعمت أنها تصنعها، بالمئات والألوف، ولن تتوقف عن تسريبها إلى مياه الخليج ما دامت الناقلات الكويتية تحمل العلم ورقم التسجيل الأمريكي..
ثم.. بعد أن صدر قرار مجلس الأمن رقم 598، الذي قضى بوقف إطلاق النار وبما يحقق إنهاء هذه الحرب الشرسة، التي تطورت إلى هذا الحد الذي لم يعد من المستبعد أن يتطور إلى تماس بين القوتين الأعظم، يفرض تورّط العالم كله في حرب تقليدية في هذا الحيّز الضيق من خطوط الملاحة البحرية، إلى مضيق هرمز ومنه إلى بحر العرب فالعالم.. بعد هذا قلنا: (خلاص.. هذا قرار تستطيع أن تستثمره الولايات المتحدة، فتتصرّف من معطياته ذلك التصرف الذي هددت به إيران - قبل صدور القرار - وهو: (أنها تملك الوسائل، والأسلحة التي تصل بها إلى العمق الذي تحدده هي في الأراضي الإيرانية).. وقالت إيران، ومعها التقارير الإخبارية، وتقارير الأقمار الصناعية عن عمليات رصدها (إنها تملك ألوفاً من الزوارق المزوّدة بالمدفع الرشاش، وقاذفة الصواريخ.. وكلّها يديرها انتحاريون أو (طلاب الاستشهاد في سبيل الله).. يذكرون العالم بالانتحاريين اليابانيين في الحرب العالمية الثانية الذين أغرقوا الكثير من أعظم البوارج الحربية في مياه المحيط الهادئ والهندي.
وقلنا (كلام فارغ.. زوارق إيه دي اللي بتقول عليها؟).. ولكن المفاجأة كانت أكبر أو أشد وقعاً مما كان العالم يتوقّع.. لقد ظهرت هذه الزوارق على سطح مياه الخليج، وبعض الصور التي نشرتها المجلات الأميركية أظهرت أنها (فعلاً) أكثر من مئات.. وأنها مسلحة بالمدفع الرشّاش وقاذفة الصواريخ.. ويقف في كل منها اثنان من هؤلاء الانتحاريين أو الذين زوّدهم الخميني بجوازات المرور إلى الجنة في طريقهم إلى الموت.. والأعجب من كل ذلك، أن هذه الزوارق مارست أداء واجبها، وها نحن نسمع أخبار قصفها ناقلات، تسلك طريقها على خطوط الملاحة الدولية، التي تحميها، وتسيطر عليها، وتتبختر في مياهها وأجوائها أساطيل القوة العظمى.. حاملات الطائرات والبوارج.. والفرقاطات.. وكاسحات الألغام الخ..
والسؤال: كيف؟ وأين الضعف في كل هذه القوة التي تكدّست لغرض دولي هو حماية خطوط الملاحة الدولية من العدوان..؟ وإذا لم يكن كل هذا قوة، فما هي القوة؟ ومع ذلك فإن هذه القوة، بكل حجمها وخطرها والمسلّم به من فعّاليتها المدمّرة، تظل (ضعفاً يدعو إلى العدوان).. وذلك لسبب واضح جداً، وهو ما أثبتت إيران أنها قادرة عليه، وتمارسه فعلاً، بزوارقها الصغيرة السريعة التي تهاجم بها وتقصف الناقلات والسفن البحرية، وفي المياه الدولية التي تحميها الأساطيل.
لا بد أن يرد في هذا المجال، وبعنصر الحقيقة فيه، أن العراق كان ولا يزال هو أيضاً يهاجم الناقلات التي تحمل النفط من آبار إيران، وعمليات القصف - من الجانبين - تُعلن يومياً وذلك على الأرجح ما يبرر اضطرار الولايات المتحدة إلى التزام ضبط النفس، أو ترجيح جانب عدم التورط في عمليات انتقامية ضد إيران في العمق أو حتى في القواعد التي تنطلق منها الزوارق الصغيرة السريعة، ما دامت لا تجد سبيلاً لموقف مماثل من العراق.
ولكن هناك ما يضع في يد أمريكا حجة، ربما لن تجد معارضة دولية، أو مبرراً لتدخّل قوى أخرى تناصر إيران، إذا مارست عملاً حاسماً ضد إيران وحدها، متغاضية عن العراق - مع أن الدولتين تهاجمان السفن في المياه الدولية - والحجة هي قرار مجلس الأمن رقم 598، الذي قبلته العراق، ووقفت منه إيران موقفاً خلا من (لا.. أو نعم) مما اعتبر دوامة لفت المجتمع الدولي، بما فيه مجلس الأمن نفسه، وحتى اليوم.
وهذا كله، بكل ما يتراكم فيه من عقد، وتخريجات أو تنظيرات دولية، تتيح في نفس الوقت الفرصة لعقد صفقات السلاح عبر إسرائيل، والصين، وكوريا الجنوبية أو هي الشمالية، بحيث يبدو مطلب فرض حظر دولي على هذه الصفقات لإيران، وكأنّه نفخ في قربة مثقوبة.
وها نحن نرى، كيف يتغير مفهوم الضعف والقوة، بل كيف تصبح القوة بكل عنفوانها ضعفاً تعرف إيران كيف تستفيد منه فتقوم بما يطيب لها من عدوان، وهذا يسبغ عليها، لدى الطوائف أو هي الجماعات الإسلامية المتطرفة مظهر قوة، تجعلهم - أينما يكونون من الأرض العربية - في موقف المرتكز على دعامة قوامها (الآيات والملاّوات) وما لاتزال تدّعيه من تطبيق الشريعة والعودة إلى التمسك بمبادئ وجوهر العقيدة الإسلامية ولكن بمفهوم (الآيات والملاّوات) الذي يبلغ حد تكفير كل من لا ينضوي تحت مظلتهم، ويسلك الطريق التي يسلكونها بالنسبة للمجتمعات التي يعيشون فيها.
ولكن ماذا بعد؟ وإلى متى يُترك الحبل على الغارب؟ إلى متى تظل إيران تتعلّق بموقف يخلو من (لا.. أو نعم) بالنسبة لقرار مجلس الأمن؟ وفي نفس الوقت، تهدد وتستعد لهجوم تضفي عليه أوهام التفوق الذي سوف يحسم حالة الحرب لصالحها.. وعندئذٍ من (مركز القوة) الذي تتوهم أنها ستصل إليه، يمكن أن تقبل تنفيذ قرار مجلس الأمن أو قرار بوقف إطلاق النار، ولكن بشروطها.. شروط المنتصر بطبيعة الحال.
وليست هذه هي المرة الأولى، التي سمع العالم فيها مثل هذا التهديد، وفي كل مرة استطاعت القوات المسلحة العراقية أن تقهر كل هجوم عبأت له إيران وحشدت مئات الألوف من طلاب المدارس، والأطفال تزوّدهم قوى الشعوذة والدجل بجوازات المرور إلى الجنة، ومن أنواع هذا الهجوم تلك التي أخذت أسماء (كربلاء)، الأولى، والثانية، أو الثالثة، وقد تكون هذه الرابعة.. وهي ستندحر بإذن الله حتماً، وسيعود من يبقى من القوات يلعقون جراحهم، ويبكون موتاهم.. وهكذا تتكرر المأساة بالنسبة لآباء وأمهات القتلى، والجرحى ومعهم الأسرى.
ومرة أخرى.. إلى متى؟
إن مخزون إيران من القوى البشرية ضخم إذا قيس بالنسبة لمخزون العراق بطبيعة الحال، فهل لنا أن نقول إن (الآيات والملاّوات) لم يعد لديهم ما يخافون عليه أو يتحسبون لنتائجه بالنسبة لهذا المخزون؟.. لم يعد لديهم ما يأسفون على التضحية به، وسفح دمائه من هذا المخزون؟
هذا ما يجب أن يلتفت إليه المجتمع الدولي.. فالبشر الذين تقذف بهم إيران إلى ميادين القتال، يظلون بشراً.. واجب المجتمع الدولي أن يعمل على إنقاذهم من براثن أولئك الذين ماتت ضمائرهم، وتعفّن وجدانهم، وتفسّخت إنسانيتهم.. كيف يجوز أن تتواصل هذه المذابح والمجازر، ولا يجد المجتمع الدولي، بمنظماته، ومنها مجلس الأمن، مرتكزاً قانونياً للتدخل بقوات دولية ترغم (الآيات والملاّوات) على وقف إطلاق النار.. وعلى محاكمتهم، باعتبار ما ظلوا يقترفونه حتى اليوم جرائم حرب، والمقترفون مجرمو حرب سبق أن وجد أمثالهم عقابَهم بمقتضى القانون؟
ولكن.. هل أعود فأكرر مقولة المشير أبو غزالة: (الضعف يدعو للعدوان).. وأتساءل: أليس في كل هذا الواقع، بمجمله، وتفصيله، ما يؤكد حالة الضعف الذي يدعو للعدوان؟
إننا، في العالم العربي، لا نزال نكتفي بالمواقف، كما هي عليه اليوم.. وكما كانت منذ سنين.. أفليس ممكناً أن نتعمّق الواقع، وأن نكتشف مكامن ونقاط الضعف عندنا، وعند مجلس الأمن.. وعند الولايات المتحدة، ومعها الدول التي تنشر أساطيلها في مياه الخليج، ومضيق هرمز، وأن نتخذ موقفاً مختلفاً، آن لنا ألاّ نتردد في اتخاذه، إذا كنا ندرك مسؤوليتنا نحو جماهير الأمة، وقد طال انتظارها للحسم؟
 
طباعة

تعليق

 القراءات :766  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 11 من 19
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج