شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حديث الأسبوع - 2 - (1)
رحلات المليك لتفقد أحوال الشعب.
دأب الملوك وولاة الأمور من قديم على العناية بتفقد أحوال أممهم وشعوبهم، وتتنوع أساليب هذه الغاية وتتطور حسب الوسائل والإمكانيات التي توصلهم إلى تلك العناية وحسب الشعور الذي يحسونه من مكانة شعوبهم في قرارة نفوسهم. وعن مكانتهم في قلوب شعوبهم. وكان الملك أو ولي أمر الأمة - عندما كانت وسائل المواصلات تتركز في أعصاب وقوى الحيوانات ذوات الصبر والاحتمال على النقل والانتقال إلى مسافات بعيدة، وإمداء - شاسعة - كانوا يعتمدون أكثر ما يعتمدون في التعرف على أحوال أممهم وشعوبهم، بما تصل إليهم من أعوانهم وعيونهم من أخبار وتقارير وكثيراً ما تصاغ تلك الأخبار والتقارير بالأسلوب الذي يختاره ويستحسنه أولئك الأعوان والعيون وكثيراً ما تحمل من الأضاليل ما يجعل الملك أو ولي الأمر بمنأى عن الحقيقة التي يجب أن يعرفها سافرة غير مقنعة. حيث لا تتناول الأخبار والتقارير غير الناحية التي بدت أهميتها لواضعيها دون سواها؛ ومن الزاوية التي ينظرون إلى أحوال الأمم والشعوب منها. وقد يتابعون فيها ما يلاحظونه من ميول وأهواء سادتهم. وإذا كان من الأعوان والعيون رسل هدى وخير وإصلاح فمنهم من هو أداة شر ونقمة وبلاء تلتوي نفسه ويستشري فساده فيحاول جاهداً أن ينفث الذعر والمخاوف في نفس سيده. ويفسد فيما بين الراعي ورعيته أو يبعث فيها الطمأنينة الكاذبة ويزور لها الواقع تحت ستار من المريب بالنقد والاستقراء والفحص والتدقيق. حتى تستقيم الأمور في أممهم وشعوبهم ما أمكن على الوضع السليم العادل، ويكون الضعيف والقوي فيهم في الحق والفرص الطيبة على تكافؤ وسواء. ولقد ضرب الملك الراحل المغفور له عبد العزيز بن السعود أحسن المثل في ذلك. إذ كان يفاجئ عماله في شتى أنحاء المملكة رغم ما ترده منهم من التقارير الضافية عن مجاري الأمور والأحوال في جهاتهم - يفاجئهم بالهيئات؛ تلو الهيئات استكناهاً للحقائق في أجلى مظاهرها. فكان الناس يطمئنون إلى هذا الضرب من العناية والرعاية، ويكتفون بهذا القدر منهما في ذلك الأوان. وهو كل ما في الإمكان. أما الآن وقد توفرت وسائل المواصلات الميكانيكية المريحة السريعة - سيارات وطائرات وقاطرات - فمن حق الأمم والشعوب على ملوكهم وولاة أمورهم أن يطالبوهم بتفقد شؤونهم تفقداً مباشراً لا تتناولها الأخبار والتقارير بالأباطيل وسيّيء الغايات.
وقد دعا جلالة مليكنا سعود المفدى - الحب المتبادل والشعور الطيب المتجاوب بين جلالته منذ ولايته للعهد وبين مواطنيه ورعاياه وقد بسطت له الأرض راحتها، وأسلس له الجو قياده، وطالبه شعبه بأن يستكنه بلاده، ويستطلع بذاته مواطن الأمل والألم في أمته. فيعمم لو حظي أهله بالعناية الصحية اللازمة لتوفرت إمكانياته فيما ينتجه من مختلف المحاصيل - غلال وفواكه وخضروات - بما يكفي حاجة البلاد ولكن كيف نطلب الإنتاج الوفير من الساعد الواهن الهزيل. وكيف نطلب الحياة الصحيحة النشيطة والعمل الجاد المثمر من جسم عليل اصطلحت عليه الأمراض، وتكالبت عليه الأدواء. وكيف تكون المحاربة والكفاح، والسلاح كليل والوسائل - من مواصلات ومستوصفات وعلاجات وأماكن صحية - غير متوفرة بل تكاد تكون معدومة بالكلية.
لقد كان الحديث مبسطاً وصريحاً غاية الصراحة تناول مرفقاً هاماً من المرافق الحيوية في البلاد وكفانا ما وصمت به بلادنا في غير حق ولا صواب - من الجدب والقحط والضنك. لم تكن إلا نتيجة الإهمال والتواكل، وعدم التوجيه الرشيد الحسن. وكدنا نذهب ضحية أمراض تفتك بسكان ريفنا دون مغيث ولا منجد. وضحية حاجة ملحة إلى الغذاء الجيد الوافر، وسواعد زراعنا لا تقوى لضعفها على حمل المحراث لفلاحة الأرض التي لا تقل خصوبة وإنتاجاً عما يماثلها من الأراضي التي استطاع أهلها أن يستغلوها في مختلف بقاع الأرض.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :687  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 131 من 143
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.