شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الجنادرية.. المهرجان
والجنادرية أرضنا الخضراء في مهرجان التاريخ يوم اخضرت الصحراء بوحدة العرب العرباء، تناولت بالوحدة وبالإيمان مجد التاريخ وتاريخ المجد، فإذا العدنانية التي أمها تهامة تنتشر في نجد أكثر مما انتشرت في تهائمها وسراتها. فَنَجْدُ بعد طسم وجديس ما كانت قحطانية وما ترسخت فيها الكلدانية وإنما كان الرسوخ والعمق وتفصيح اللغة، وإعلان البيان للكلمة كان نجدياً أكثر من كونه حجازياً أو تهامياً. كنسبة ظاهرة بينما مخبرها أنها بعمق العراقة ما كانت مضر الحمراء ووربيعة الفرس إلا التهامية التي أنجدت، كأنما كل ذلك تمهرجت به الصحراء في مهرجان يقول: فمن أرض واحدة، لغة واحدة، أمة واحدة، دين واحد، كل وسيلة جامعة تمهرجنا بها، فإذا نحن الترجمان الثاني لأمة العرب، فالترجمان الأول الذي صنع الحضارة الجد لأم إسماعيل عليه السلام قحطان. والجد لإسماعيل نابغ الكلدان، كأنما عدنان أبى إرهاصها إلى أن ترث حضارة قحطان والكلدان لتكون الأمة الواحدة منذ اللحظة التي تم فيها نصر الله لهذا الدين ليكون الفتح العظيم، فإذا أمة العرب تركت للإنسانية حضارة وهداية ولغة أشد وأقوى من ما بقي للإنسان من تركة الإغريق وتركة الرومان.
فأمة العرب ترجمت حضارة قحطان، حضارة الكلدان، علم الإسلام إلى يومنا هذا وإلى آخر يوم من أيام الحياة.
من هنا أناغي هذه العروس ((الجنادرية)) أتراقص بها حيث أقول: الكلمة التي قالها الإمام كريم الوجه، حيدرة، أبو تراب أبو الحسن، ابن أبي طالب، علي رضي الله تعالى عنه، فقد قال يوم شبع ليلة بطعام أخضرت به المائدة، قال يثني على المائدة كأنها مائدة الترف الأولى التي تذوق طعمها هذا الإِمام. قال: ((مهرجونا كل يوم هكذا)) اشتق من كلمة المهرجان هذه المهرجة أو أنشد وأنا أتراقص مع المفتاح الجديد في ملف الحضارة الجنادرية، أنشد قول أحمد شوقي، التركي، الذي حين تمصر كان جنادرياً يبشرنا بأن العروبة تصهر حين تقهر العجمي، فإذا التركي أمير شعراء العرق قال كأنه معي يحيى الجنادرية:
في مهرجان هزت الدنيا به
أعطافها واختال فيه المشرق
فالمشرق عند شوقي ليس إلا ما أشرقت به العروبة من خليجها إلى محيطها.
إن الجنادرية لا تنحصر في نجد، فهي سيكون لها يوم على الخليج حين تنير لنا الأثر الحضاري في صور العمانية، في الجبيل على البحر الأزرق، فالأثر الذي وجدناه هناك في الربع الخالي. في دارين هو الأثر الذي يوجد في مصر. ففي بعلبك، في القرطاج، في البتراء، في حجر ثمود، وسنجده في الربع الخالي في إرم ذات العماد، كما وجدناه في ما صنعه الفراعين من الأوتاد.
فوحدة الأثر من الكلدان إلى قحطان الأرض التي تعلقت بآثارها قحطان، عادية ثمودية، حميرية، كنعانية، فينيقية، إرامية، سبئية.. كل هذا سنقرأه في ملف الجنادرية بالهوينا اليوم وبعد اليوم. ثم في كل يوم تاريخنا مضى يدلي على وحدة الأمة العربية.
أن الجنادرية تفتح أذهاننا لأعظم ما يدل على مجد التاريخ وتاريخ المجد لئلا يظن أننا المسبقون بالحضارة، فالجنادرية ستسأل صنعاء عن هذا الكم من التاريخ الذي وجدوه في اليمن. فهل قحطانية اليمن أو طسم وجديس في نجد كانت قبل الفراعين في الحفاظ على الآثار؟ أم كان كل ذلك في وقت واحد ورثه الفراعين أو ورّثوه لأخوانهم الذين هم إذ أنصفنا التاريخ هم آباء الفراعين، فمكة وصنعاء وبابل كل منها جدة، فإذا دمشق الظئر، وإذا الكوفة القابلة وإذا غرب السويس في مصر وما بعدها الحاضنة.
كل هذا مفتاح الجنادرية، فقد قلنا لهم: أنتم جديرون بالفخر بهذه الحضارة التي بقيت أعلامها من قبل سبعة آلاف عام، ولكن لا تنسوا أنا الفاخرون بحضارة ثمود والأنباط قبل خمسة عشر ألف عام.
أن الجنادرية تحت رمالها ستجد ما دفن من حضارة طسم وجديس، أو مما تخلف من مسيرة الأنباط الذين هم الكلدان، وكأنما الجد عبد الله بن العباس رضي الله عنهما قال لنا: ((أرجعوا إلى أنفسكم، فاعتلاء العدنانية باللغة الفصحى وبالهداية الأفصح ينبغي أن تعرف أنها من ولد النبيط)) قال ذلك ابن العباس لأن الجد إسماعيل عليه السلام كلداني من أورالكلدان، ولكن الأرض والجدة أعطت لبني إسماعيل وكأنهم صناع إمبراطورية العروبة يوم وحدوا وحين توحدوا.
فالتحية للجنادرية، فهي اليوم تصنع لغد الكشف عن حضارة ما بخلت أرضنا بها. وإنما تباخلت عليها سنون القحط وأسنة الفرقة.
أن القحطانية نَبْتٌ، والعدنانية اليوم تَنْبُتُ.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :979  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 864 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .