فهارس الكتب عناوين الكتب محتويات الكتب أسماء المؤلفين الكل          البحث   

مكتبة الاثنينية
الرئيسية > كتاب الاثنينية > الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ محمد حسين زيدان > الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ محمد حسين زيدان - الجزء الرابع - النثر > صور > صور اجتماعية > مروءة
مُروءَة * والنجدة خلق، مروءة، شيمة قبل أن تكون وظيفة.. هكذا كان قبل أن تأكل الحضارة همم الرجال، وحينما أكلت التشريف جاءت تطعم بالتكليف. كنا إذا شب حريق، أو عجز رفيق، وأجحف بأخ ضيق، جادت همم الرجال بـ ((الفزعة)) والنخوة، والعون، أما اليوم فعند التكليف في بوليس النجدة والإطفاء، والشؤون الاجتماعية الحل والسير والمسيرة ولكن لا زال في الناس الخير.. هي الجارة أم نبيل رأت طفلة لجارتها يحملونها، سقطت من دكة بالمزاح واللعب مع أختها ارتج دماغها، الأم نفساء وهي أيضاً لا تعرف، فأخذت أم نبيل الطفلة رغماً عن أمها، ونظرت إلى الأم! قالت أم نبيل رأيت ابتسامة على فم الأم لم أشهد طعماً للسعادة مثل ما ذقتها حينما رأيت الأم تنظر إلى ابنتها باسمة. أشرق على الوجه نور، وقلت لها: أنت صناعة السعادة لها، وصنعتها لنفسي، أعيش أتلمظ لذتها . قلت: شيمة النجدة في وراثة أعراق، في طبيعة شعب لم يستعجم أتلمظ في النطق بالخلق الكريم يعمل في أعصاب رَبْعَنا، قومنا.وتكلمت الجارة النفساء، أم الطفلة، تذكرت لحظة في فلسطين لم أجد من يحمل جريحي الذي مات، كانت هناك حال لا تعطي للشيم مجالها، إنه كرب، يلهي المرء عن أبيه وأمه وأخيه. والمروءة في الرجال.. ليس لها مقياس يُفصَّل على لابس تكبر في كبير لتصغر في صغير... كثير من أصحاب المروءات لم يكونوا يمتلكون ثمن المروءة وإنما هم تمتلكهم قيمة المروءة في أخلاق الرجال!. حدثني أحد الأصدقاء أنه كان يزور يوماً شاعر القطرين ((خليل مطران)). يومها كان خليل موظفاً لا يتكسب بشعره ولا يأخذ أجراً من صحيفة.. كل رأس ماله راتب شهر مقرر لموظف، وبينما هم جلوس دخل عليهم رجل يمسح عينيه بمنديل... يشكو فاقة... ليس عنده أجر القابلة لزوج تضع وليدهما الأول.. وانتفضت المروءة في مطران فأفرغ جيبه كله في يد الباكي.. لقد كان المبلغ خمسة جنيهات وبضعة قروش وانتهى سامرهم، وذهب هو وصديقه - أعني مطران - ، وبينما هما في شارع أشار صديق مطران إلى الرجل الذي كان يبكي من الفاقة قبل ساعات... كان خارجاً من حانة. يتمايل من السكر، فقال الصديق لمطران: أليس هذا صاحبنا؟. كأنما يريد أن يفضحه.. فارتبك مطران، وقال: أدخل الزقاق... أدخل الزقاق لئلا يرانا... لا نريد أن نمتحن حياءه... لا أريد أن أفضحه!.
طباعة تعليق  القراءات :964  التعليقات :0
صفحة 754 من 1092

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان

هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع
	تسجيلات كاملة
	مقتطفات لتسجيلات مختارة
	لا أؤيد
النتائج