الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

> > > > > الربع الخالي

الربع الخالي

وما زلت أتغربل بهذه الأخطاء اللغوية وأشد ما يوجعني منها هذا التعريف المغلوط والذي مازال المؤدون في التلفاز والإذاعة وحتى في حوار بعض المثقفين من القدامى ومن المحدثين ينعتون هذا المكان الذي اتسع أرضاً وعظم كنزاً وسيعظم إنتاجاً وذلكم هو (الرَّبْعُ الخالي) بالراء المشددة المفتوحة على وزن الدرب والنصر، فهم ينطقونها الرُّبع بالراء المشددة المضمومة كخمس واحد من خمسة أو كركن أو كرمح، فكم مرة أثرت هذا الخطأ ثأثراً عليه لأستثير الصواب على ألسنة هؤلاء الذين جعلوا جزيرة العرب رغيف خبز، جعلوها أربعة أقسام ثلاثة أرباع عامرة وربع في تصورهم هو العامر الخالي.. ومن الغريب وأنا أتحدث في جامعة الملك فيصل في الأحساء أن أثرت هذا التصحيح فإذا مثقف يعارضني محتجاً بأن عبد الله فلبي (جون فلبي) يقول هو الربع الخالي فقلت له هل أصبحت اللغة العربية تأخذ صوابها عن فلبي. لو قلت المستعرب جيب الإنجليزي أو المستعرب فيشر الألماني لقلت لك اجتهد فأخطأ، إنه المكان الخالي إنه الرَّبع ومنه المرْبع وفي المدينة المنورة في علية على سفيفة الرصاص تطل على سوق الخياطين وأمام باب السلام كانت هناك هذه العلية وفيها بيوت تسمى الربع.

وعن هذا الربع الكنز الذي مازال يكتنز المعادن اقترح بعضهم أن نغمره بماء البحر ليصبح بحيرة وليكون وسيلة التبريد لما هو غربه من الأرض، فأثرت من هذا الاقتراح ثائراً عليه أقول لصاحبه إنك لا تعرف أرضك فلئن تركناك تنطق الربع فإنا لن نترك لك أن تقترح إغراق هذا الكنز تحرمنا نفائسه.

والحمد لله، فأهل الثروة المعدنية لم يأخذوا بهذا الرأي المبستر فما زال مربعنا الخالي عامراً بكنوزه ولعلّ خلوه من الساكن هو تعاليه أميناً على كنزه، وما زال مصدر النفيس من الآثار في سجل التاريخ فقد وجد فيه جون فلبي رأس الأسد من النحاس، فدلنا ذلك على أن عاداً برزت في العصر النحاسي وبعد العصر الحديدي وعصر القتال بالحجارة.. فالأسد كان صنماً وثناً من آلهة عاد واسمه ((هراء)) فانتقلت كلمة الهر إلى اليمن وانتقلت عبادة البس إلى الفراعنة، وهذا الرأس يوجد الآن في أحد متاحف لندن عرفوا منه تاريخ عاد إرم ذات العماد.