الحلقة ـ 74 ـ |
زيد: ما هي... ما هي... قل... قل... لقد أخفتني. |
علقمة: نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن حاطب بن أبي بلعته أرسل كتابا إلى سهيل بن عمرو وصفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل يعلمهم بما أعد الرسول ليغزو مكة. |
زيد: ويحه ما أفظع ما أقدم عليه.. إنها خيانة عظمى.. |
علقمة: وقد أرسل الكتاب مع سارة المغنية وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على بن أبي طالب والمقداد بن الأسود والزبير بن العوام بأن يلحقوا بهذه الجاسوسة ويأخذوا منها الكتاب... |
(نسمع ركض الخيل ووقع حوافرها ثم نسمع صوتا يقول): |
الصوت: هذه هي الظعينة وهذه روضة خاخ وهي المكان الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أننا سنجد فيه المغنية سارة... |
(نسمع أصوات وقف الخيل بعد ذلك الركض السريع ثم صوت يقول): |
الصوت: قفي يا ساره.. أخرجي الكتاب الذي معك. |
سارة: ليس معي أي كتاب يا هذا. |
الصوت: فلنفتش أمتعتها. |
سارة: فتشوها ولا تتركوا بها جانبا وستجدون أني لا أحمل كتاباً.. |
الصوت: إننا لا نجد في أمتعتها شيئاً.. غير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكذب.. يا سارة لتخرجن الكتاب أو لنلقين عنك ثيابك ونكشفنك فاختاري أيهما.. |
سارة: ولكني لا أحمل كتبا. |
الصوت: إن رسول الله لا يكذب أيتها اللعينة.. هيا نكشفها ونضرب عنقها لنريحها من هذا الكتمان. |
سارة: لا... لا... اعرضوا وجوهكم عني.. اعرضوا وجوهكم عني.. سأعطيكم الكتاب لا تقتلوني لا تكشفوني. |
الصوت: اسرعي.. اسرعي.. |
سارة: خذوا.. خذوا.. هذا هو الكتاب الذي أعطانيه حاطب بن أبي بلتعة وقد كنت عقصته مع ذوائب شعري.. |
الصوت: هيا أيتها الجاسوسة القذرة.. عودي معنا هيا.. اركبي راحلتك وسيري معنا، إلى المدينة.. |
سارة: ارحموني.. ارحموني.. لقد أغراني حاطب بدنانيره. |
الصوت: إن أمرك أصبح في يد الرسول صلى الله عليه وسلم وليس في أيدينا... |
(نسمع وقع حوافر خيلهم وصوت بكاء سارة من شدة الخوف والهلع). |
علقمة: يا زيد.. قبض رسل النبي صلى الله عليه وسلم على سارة المغنية.. واعادوها إلى المدينة.. هيا نشهد ما يتم معها ومع حاطب بن أبي بلتعة.. |
(نقلة صوتية). |
علقمة: انظر إلى الموقف الذليل الذي يقفه حاطب بن أبي بلتعة.. |
زيد: وانظر في أي ركن تقف المغنية سارة في نقابها يجللها العار.. |
علقمة: صه.. ها هو زيد بن ثابت يتلوا كتاب حاطب بن أبي سهيل بن عمرو وصفان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل يقرأ نص الرسالة من حاطب بن أبي بلتعة إلى سهيل بن عمرو وصفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل: أما بعد يا معشر قريش فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءكم بجيش عظيم يسير كالسيل فوالله لو جاءكم وحده لنصره الله وانجز له وعده فانظروا لأنفسكم والسلام. |
زيد: وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لحاطب بن أبي بلتعة: أتعرف هذا الكتاب؟ فيجيب حاطب بن أبي بلتعة نعم: فيقول له الرسول: ما حملك على هذا وها هو يقول: |
حاطب: يا رسول الله.. لا تعجل علي.. أما والله وإني لمؤمن بالله ورسوله ما كفرت منذ أسلمت ولا غششت منذ نضحت ولكني كنت حليفاً لقريش ولي في مكة بنون وأخوة فكتبت كتابا لا يضر الله ورسوله ولم أفعله ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد إسلام. |
علقمة: وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاطب المجتمعين فيقول: |
أما أنه صدقكم فيما أخبركم به
|
((نسمع همهمة وهمسات خفيفة ثم صوت زيد يقول)): |
زيد: ها هو عمر بن الخطاب يخاطب حاطب بن أبي بلتعة قائلا: قاتلك الله ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ الانقاب ويحبس الطرق وتكتب إلى قريش... يا رسول الله دعني اضرب عنق هذا المنافق. |
علقمة: انظر يا زيد.. ها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يقابل سخط عمر بن الخطاب وغضبه بهدوء الحليم فيقول: إنه قد شهد بدراً (يا عمر) وما يدريك لعل الله اطلع على من شهد بدرا فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. |
زيد: يا لله. يا لله. لقد تأثر ابن الخطاب بما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم.. انظر ها هي عيناه تدمعان وها هو يقول: الله ورسوله أعلم. |
صوت مدوٍ صادر من مكان سحيق: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ (الممتحنة: 1). |
علقمة: ها هو الوحي ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤيداً لما أتخذه الرسول من قرار حكيم بحق خاطب بن أبي بلتعة.. وها هو الرسول أيضاً يخلى سبيل المغنية سارة.. |
(نسمع جلبة ورغاء إبل وصهيل خيل ووقع حوافرها وأصواتا مبهمة تعلو وتهبط وصوت زيد يقول): |
زيد: ها هي قبائل غفار وأشجع وسليم تدخل المدينة في استعراض رائع لتنضم إلى الحملة الزاحفة إلى مكة. |
علقمة: من كان يظن أن هذه القبائل التي كانت تناوىء الإسلام وتعاديه تأتي اليوم في أمواج متعاقبة لتحارب وتجاهد في سبيل نصرة الإسلام. |
زيد: بسم الله الرحمن الرحيم. إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ . وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً . فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً صدق الله العظيم. (الشعراء: 1 ـ 10). |
علقمة: صدق الله العظيم. |
مؤذن: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. رسول الله يأمر بالتجهز والخروج للجهاد في سبيل الله هلموا يرحمكم الله.. هلموا أثابكم الله. |
(نسمع ضجيجاً ولغطاً وقعقعة سلاح وصهيل خيل ورغاء إبل.. وصوت زيد يقول): |
هيا يا علقمة نتجهز للاشتراك في هذه الحملة فقد أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها.. |
علقمة: هيا للتجهز.. إني أكاد أطير فرحا فقلبي يحدثني إننا سندخل مكة هذه المرة فاتحين. |
زيد: بشرك الله بالخير يا أخي.. فإني أشتهى أن أكسر رأس صنم من تلك الأصنام التي شاهدناها تحيط بالكعبة وتعلوها عندما كنا في عمرة القضاء. |
علقمة: سنحطم هذه الأصنام، وستعلوها كلمة الله قل معي إن شاء الله. |
زيد: إن شاء الله. |
((نسمع تحركات الجيش في صهيل الخيل ووقع حوافرها ورغاء الإبل وأصوات الجنود)). |
صوت من بعيد: اللهم خذ على أسماعهم وأبصارهم فلا يرونا إلا بغتة ولا يسمعون بنا إلا فلتة. |
سعد: ما أشد الهجير يا زيد.. إن لساني يكاد يلتصق بحلقي من شدة الحر |
زيد: إن ذلك من الصوم يا أخي فنحن في شهر رمضان ولعل رسول الله صلى الله عليه يجد لنا مخرجا مما نحن فيه من جهد ومشقة.. انظر ها هو علقمة يسرع إلينا في مشيته.. إنه يفطر والناس صيام.. |
علقمة: افطروا.. افطروا إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن الناس شق عليهم الصيام دعا بإناء فيه لبن فشرب ثم ناوله لرجل بجانبه فشرب ثم تبعته الحاضرون وأنا منهم ثم أذّن مؤذن بالفطر. |
زيد: الحمد لله إن ديننا دين يسر لا دين عسر. |
علقمة: ثم أن هنالك هدف بعيد من وراء ذلك يا زيد فنحن قد دنونا من مواطن العدو ولم تبق بيننا وبينه إلا بضع مراحل والفطر يقوينا على مقاتلة العدو ولقائه. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى). |
صفوان: لقد رأيت العباس بن عبد المطلب يتجهز للخروج إلى المدينة مع أهله وأولاده. |
عكرمة: وقد رأيت من قبل أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب أخو محمد من الرضاعة وعبد الله بن أمية بن المغيرة ابن عمته عاتكة بنت عبد المطلب وأبناءهم يسبقون خروج العباس. |
صفوان: إن خروج بني عبد المطلب في هذه الفترة بالذات يدل على أن وراء الأكمة ما وراءها وليس من قبيل الصدفة.. ما لك ساكت يا أبا سفيان لا تشترك معنا. |
أبو سفيان: إن قلبي تعتمره هواجس وأحاسيس فيه انقباض، وفيه انشراح فيه خليط عجيب من المتناقضات.. لقد جاءنا من يخبرنا قبل مدة أن محمد يتجهز لحملة كبيرة ولكن أحدا لم يعرف إلى أين وجهة هذه الحملة.. قيل للشمال وقيل لاخضاع القبائل المجاورة.. وقيل لفتح مكة.. |
صفوان: ولماذا كل هذه الحيرة يا أبا سفيان.. خذ من تشاء منا وقم بالاستطلاع فأنت معروف لدى القبائل النازلة على طريق المدينة ولا شك أنهم سيطلعونك على ما لديهم من أخبار محمد. |
أبو سفيان: سآخذ معي حكيم بن حزام وسآتيكم بالخبر اليقين.. |
صفوان: رافقتك السلامة. |
عكرمة: رافقتك السلامة. |
|