لستَ يا بحرُ والقوافي رُخاءُ |
قرنَ بحرٍ رَويُّهُ الأحياءُ |
لا أرى البحرَ غيرَ (موجٍ) وفُلكٍ |
لا الذي خوضتْ به الشُّعراءُ |
ذاك من فتنةِ الخَيالِ وهذا |
مَسبحٌ فيه للقوى إسراءُ |
كلُّ (شعبٍ) أسطولُه فهي صَفٌ |
أسلمتْه زِمامَها الخُيَلاءُ |
* * * |
(لُجَجٌ) في عُبابِهَا المجدُ وقفٌ |
(للجواري) صَيدُها الدَّأماءُ |
وصلتْ بالبسيطِ كلَّ (مُحيط) |
طالما استوحشتْ به الظَلماءُ |
مرقتْ فوقَهُ (القِلاعُ) سِهاما |
(منشآتٍ) كأنَّها (الجوزاءُ) |
وتمطتْ من تحتِهِ كلُّ أفعى |
ذاتُ رقشٍ كأنَّها الحِربَاءُ |
(والحضاراتُ) من قديمٍ تسامتْ |
في ضفافيهِ شعلةً والثراءُ |
أين مِنه العَروضُ وهو جَفافٌ |
أين منه (الزحافُ) والإِقواءُ |
إنما الشأوُ والفنونُ ابتكارٌ |
أن يميزَ (العباقِرَ) الإِنشاءُ |
لستُ أعني بِهِ (البيانَ) سُموطاً |
بل هو (الصَّهرُ) أو هو (الإِصلاءُ) |
* * * |
حلبةُ النشءِ والشبابِ طُموحٌ |
وتَوانيهِ ضَيعةٌ وغُثاءُ |
وإذا هُمْ تنافسوا في (التَّمني) |
أعضلَ الداءُ واستحالَ الدَّواءُ |
إيهِ يا (عذبةَ اللُّمى) كيف شعَّتْ |
في دَياجيكِ تِلكُمُ الأضواءُ |
كنتِ ظمأى وتشربينَ أُجاجاً |
فجرى فيك بالفُرات (المَاءُ) |
واستبدَّ الظَّلامِ فيك (دُهوراً) |
ثم نصَّتْ عقودُها (الكُهرباءُ) |
وبكِ افترَّتِ (الإذاعةُ) تُزجي |
(ثمراتِ العقولِ) وهي جَلاءُ |
واسبطرَّ (العُمرانُ) من كلَّ (قصرٍ) |
بين (أبهائِهِ) يَشيعُ البَهاءُ |
رفَّ قبلَ الشِّراعِ من عَهدِ نُوحٍ |
وهو طِفلٌ ومهدُه الأنواءُ |
تارةً باسماً وأُخرى كئيباً |
بين جنبيهِ تَعبثُ الأهواءُ |
شفَّهُ السُّقمُ والبُخارُ نعاهُ |
وهو شِلوٌ تشفُّهُ النَّكباءُ |
تتوخى (الأسماكُ) فيه اصطياداً |
ولها فيه طرفةٌ وحَباءُ |
(برزخٌ) للحجيجِ للشدوِ منه |
وتُجافيهِ إن سَجى الوَرقاءُ |
كُلما انسابَ زورقٌ فيه طارتْ |
خافقاتٌ ورُوَّعتْ أحشاءُ |
وقضى اللهُ بالأمانِ فَشِيدتْ |
دونَ عَامينِ هذه (المِيناءُ) |
بُنيتْ (بالحديدِ) و (الصُّلبِ) حتى |
رُفِعَ السَّمْكُ واستطالَ البِنَاءُ |
دُحيتْ قبلَهُ الصُّخورُ ومُدَّتْ |
في (القرارِ) الجسورُ والأطواءُ |
واستُبيحتْ أعماقُهُ وهي (بِكرٌ) |
لم تُمزِّقْ أديمَهَا الآناءُ |
وأُنيطتْ بها (البواخرُ) تدنو |
في مراحٍ وزالتِ الأعبَاءُ |
فإذا (المِرفأُ) الأمينُ فِناءٌ |
وإذا البيتُ والفِناءُ سَواءُ |
* * * |
تلك (للمُصلِحِ العَظيمِ) (أيادٍ) |
لم يُوفقْ لمثلِهَا (الخُلفاءُ) |
بَذلتْ (للوفود) تِبراً وماذا |
نحن نحصي وأين منه الثناءُ |
إِنا (عصرُهُ) سلامٌ وأمنٌ |
وربيعٌ ونعمةٌ واهتداءُ |
كيفما أنتَ تُرجِعُ الطرفَ تشهدْ |
(نهضةٌ) كُلَّها بهِ إحياءُ |
صفحةٌ بعدَ صفحةٍ وسطورٌ |
في كِتابٍ مدادُهُ اللأْلاءُ |
عَمَّتِ الشاطئينِ شَرقاً وغَرباً |
وبها الشعبُ توأمٌ والبَقاءُ |
نفخَ اللهُ (صورَهُ) بعدَ يأسٍ |
وبهِ أنبثَّ في القُلوبِ الرَّجاءُ |
والمشاريعُ رائحٌ إِثر غادٍ |
في إضطرادٍ وكُلُّهنَ ابتداءُ |
ولعلَّ الحديثَ عنها (فضولٌ) |
ولعلَّ الفضولَ فيه ازدِهَاءُ |
وهلِ الشمسُ في الظهيرةِ تَخفى |
وبها الأرضُ زينةً والسَّماءُ |
يا (مليكي) العظيمُ دونَك وانظرْ |
كيف تشدو بشُكْرِكَ الأَرجاءُ |
مظهرٌ فيه للإِلهِ امتنانٌ |
وعليه من (السُّعودِ) لِواءُ |
كان أمنيةٌ فأصبحَ بُشرى |
لجَّ فيها الأثيرُ وهو غِناءُ |
لكأني أرى (العواصمَ) نَشوى |
وهي فيك الولاءُ والإطراءُ |
وكأنَّ الإِسلامَ فيك تَلاقى |
من وراءِ البحارِ وهو دُعاءُ |
مكةُ والرياضُ قلبٌ وعينٌ |
(جِيدُها الصلْتُ) طيبةُ الفيحاءُ |
وكأنَّ (المدائنَ) الحُوَّ مِنها |
(قابَ قَوسينَ) أو هي الزَّهراءُ |
وكأنَّ الدَّمامَ جدةَ قُرباً |
أو هُما في الوِصالِ جيمٌ وحَاءُ |
وكأنَّ الخُطوطَ في كُلِّ فجٍّ |
قدْ تَرامى، جَداولٌ خضراءُ |
وكأن الغَدَ العَتيدَ صباحٌ |
مُستهِلٌ وكوكبٌ وَضاءُ |
وحدةٌ وثَّقَ الإلهُ عُرَاها |
وسُداها (البِطاحُ) والدَّهناءُ |
فافتَتِحْ أيُّها الحَجيجُ وشيكاً |
(مِرفأ) فيه يجهرُ الإِرساءُ |
هو للمِشعرِ الحَرامِ ورَيدٌ |
وهو (للمتجرِ الحَلالِ) نَمَاءُ |
ضَنَّ فيه الوَزيرُ
(2)
وهو سَخيٌ |
وقليلٌ مِن مِثلِهِ الكُرماءُ |
ضنَّ بالنومِ لم يَذُقْهُ غِراراً |
وهو بالمالِ دَيمةً وَطْفاءُ |
كانَ يغدو مع البُكورِ إليهِ |
ويروحُ العَشيَّ وهو المَضَاءُ |
يتحدى الزَّمانَ فيه انتجازاً |
وبهذا يُخَلَّدُ الوُزراءُ |
* * * |
عاشَ عبدُ العزيزِ ذُخراً وحِرزاً |
وبنوهُ الفَراقِدُ الأُمراءُ |
ورعى اللهُ مُلكَهُ وحماهُ |
ولهُ الشعبُ والبلادُ فِداءُ |