شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ومرت الأيام
نحن في حضرة العصور.. جميعاً (1) ..
بقلم: عبد الله عمر خياط
.. كبزوغ الفجر على من كان ليله أظلم.. كان قيام الدولة السعودية على ناشئة الأدب الذين تفتحت عيونهم على آثار النهضة الأدبية في البلدان المجاورة.
فلقد كان ظلام الجهل.. وظلم المعرفة في عهود مضت سمة لأهله الذين لم يكن لهم من سبيل إلى الثقافة أو العلم وليس ثمة مصدر لهما. فحتى المدارس كانت خلواً من العلم كما يقول الشاعر:
ومدارساً ما كان ينقص
حسنهن سوى العلوم
قلت هذا مراراً.. وأؤكده اليوم ومهرجان الأدب على الأبواب..! وهو قاب قوسين أو أدنى إذ تقرر أن يكون يوم الأحد القادم موعد تسليم جائزة الدولة التقديرية في عامها الثاني لروّاد الأدب.. ومن يد باني نهضتنا التعليمية ولي الأمر فينا حضرة صاحب الجلالة الملك فهد بن عبد العزيز وفي مهرجان أدبي كبير يحضره رجالات الأدب والفكر في العالم من عرب ومستشرقين.
نهضة مرافقة:
.. والحديث عن نهضة الأدب في بلادنا.. وعن جائزة الدولة التقديرية يقتضي بالضرورة الحديث عن نشأة الأدب ومراحل تطوره..
من المسلَّم به أن كل نهضة سياسية حضارية لا بد من أن ترافقها نهضة أدبية فكرية تصور المعطيات.. وتجسد الإنجازات.. وترسم الأماني والطموحات..
ولقد كان قيام الدولة السعودية -كما أسلفت- على ناشئة الأدب.. كبزوغ الفجر على من كان ليله أظلم لما يسرته من سبل العلم والمعرفة وألوان الثقافة عبر المدارس.. والبعثات.. وفتح الأبواب لدخول روافد الثقافة المختلفة.
كما كان نشوء النهضة الحديثة في بلادنا حافزاً لشبيبة الأدب في بلادنا آنذاك، الروّاد اليوم -للانطلاق في عالم الأدب والشعر والفكر يكتبون.. وينظمون ويؤلفون.. ويصدرون صحفاً في مقدمتها صوت الحجاز -البلاد اليوم- المنهل المدينة.. ويملؤون مساحاتها بنتاجهم الذي كانت بدايته محاكاة لما كان يصدر عن الأدباء في العالم العربي أو المهجر.
كما نشطت مع هذه البداية حركة التأليف أو الإصدار الجماعي.. فكان أن صدر عدد من المؤلفات والمجموعات التي تضم نتاج عدد من أدباء الرعيل الأول ربما كان من أهمها -المعرض- لمعالي الشيخ محمد سرور الصبان وكتاب وحي الصحراء الذي وضعه الأستاذ محمد سعيد عبد المقصود -رحمه الله- والأستاذ عبد الله بلخير مشتملاً على نتاج الرعيل الأول من أدباء وشعراء بمقدمة صاخبة كتبها الأستاذ الكبير محمد حسين هيكل بعد كلمة المؤلفين التي تعتبر تقديماً للكتاب.. وتسجيلاً موجزاً لنشاط الشبيبة الأدبية آنذاك.
كلمة المؤلفين:
.. وتعتبر كلمة الأستاذ محمد سعيد عبد المقصود خوجه -رحمه الله- ومعالي الأستاذ عبد الله بلخير في مستهل كتاب وحي الصحراء دليلاً على أن ما اشتمل عليه الكتاب إنما يمثل نتاج فتية الأدب وبوادر نهضة الفتية يومذاك إذ يقول المؤلفان:
((يجد المتتبع للنهضات الأدبية في الأقطار العربية صعوبة وشدة عناء عندما يحاول الكلام عن الحركة الأدبية في الحجاز ويحوجه البحث والتنقيب إلى إضاعة الوقت للحصول على مستند أو مرشد يستطيع بالنظر فيه لمس بوادر هذه النهضة الفتية للحكم عليها وإعطاء صورة صادقة عنها للناطقين بالضاد وهواة الأدب العربي فيحاول أن يجد لها أثراً في كتاب مؤلف أو صحيفة سيارة فلا يظفر بشيء اللَّهم نفثات مبددة في بعض الصحف وكتيبات غير صالحة لأن يحكم بها على نهضة أدبية في شعب فتي)).
وتجمعنا -يقول المؤلفان- مواسم الحج في كل عام بلفيف مثقف من شباب العرب فتجدهم يجهلون عن هذا القطر الشيء الكثير مما يأسف له كل غيور مخلص ويحفظ عنا صورة غير صحيحة تشوّه السمعة وتوجب الاشمئزاز وعدم الرضا.. لذلك اعتزمنا جمع ما نتحصل عليه من آثار أدبائنا المعاصرين لتأليفه كتاباً مستقلاً يكون صفحة صادقة من الأدب العصري في الحجاز ورأينا أن نوجه إلى أدبائنا دعوة لموافاتنا ببعض آثارهم الأدبية فأجابوا إلى ذلك سراعاً وشدوا أزرنا وقاموا بكل مجهود في سبيل مساعدتنا وبعد أن تكاملت لدينا ردودهم رأينا ألاّ نستأثر بشرف هذه الخدمة الوطنية منفردين فدعونا لفيفاً من شبابنا المبرزين وعرضنا عليهم ما وصل إلينا وطلبنا انتخاب لجنة تتولى درس مواد الكتاب فانتخب نفر شريف الغاية.. سامي الغرض.. نبيل المقصد.. استمر يوالي جلساته وبذل كل ما في وسعه حتى تم اختيار ما يجده القارئ بين يديه ورأينا من الواجب أن يقدمه إلى قرّاء العربية علم من أعلامها فأستفتينا الشباب فوقع اختيارهم على الأستاذ الكبير محمد حسين هيكل بك الذي تفضل فأجاب الطلب وكان عند حسن ظنهم وأنَّا نقدر له هذا الجميل ونحفظ له هذه المكرمة.
حديث هيكل:
.. فماذا قال شيخ الأدباء في مصر يومذاك الأستاذ الكبير محمد حسين هيكل في مقدمة هذا الكتاب الذي يشتمل على شعر الغالبية من فتية الأدب في الحجاز يومذاك؟
كتب الأستاذ محمد حسين هيكل مقدمة ضافية أجتزئ منها هذه الفقرات التي تعنيني فيما أنا بصدده، عن بداية حركة الأدب في بلادنا.
((.. هذه مجموعة من مختارات الأدب الحديث في الحجاز وهي تضم من الشعر والنثر ما جادت به قرائح طائفة من شباب بلاد كانت مهد الأدب العربي ومتنزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم ولا تزال مطمح أنظار الأمم التي تتكلم العربية وتدين بالإسلام.
وأول ما يلفت نظر المطلع على هذه المجموعة حداثة الكتّاب والشعراء الذين اختيرت لهم فكثيرون منهم لم يبلغوا الثلاثين ولم يتجاوز الأربعين منهم أحد والكثرة الكبرى تقع بين الثلاثين والأربعين. هم جميعاً إذن من أبناء هذا القرن العشرين.
وإذا قلت إنهم أبناء هذا القرن العشرين الميلادي قلت إنهم أبناء النهضة الحديثة في الأدب العربي هذه النهضة التي بدأت في مصر وفي سوريا منذ أن بدأت فيها الأحداث السياسية في طلب الحرية منذ أكثر من نصف قرن.
والحق أن الأدب الحجازي متأثر بهذه النهضة تأثراً تاماً وأنك لترى أثناء قراءاتك هذه المجموعة أثر النهضة بادياً في كل ما اشتملت عليه وقل أن تقف عند شيء يشبه القديم من الأدب العربي، فالأسلوب والصور وطرائق التفكير والتعبير تجري كلها مجرى ما تقرأه في أدب مصر وسوريا والعراق وغيرها من البلاد العربية في العصر الأخير بل تجري مجرى الصور الأخيرة لهذا الأدب الحديث في تلك البلاد فأنت ترى شعراً منثوراً وترى أوزاناً في الشعر من أوزان المدرسة الحديثة وترى تفكير هؤلاء الأدباء مصوراً في قوالب تكاد تردها إلى مصادرها في تفكير العصر الحاضر وأدبه ثم إنك ترى أساليب يحتذي فيها أصحابها بعض الكتّاب المعروفين اليوم في مصر وغير مصر)).
وبالطبع فإن ما يقصده هيكل واضح.. وهو في الوقت نفسه دليل على أن الحركة الأدبية إنما كانت في بدايتها.. والبدايات دائماً تحاكي وتقلد حتى يشتد عودها.
ونعود لهيكل الذي يعلل تلك المحاكاة وذلك التقليد بقوله:
((ولا عجب في هذا فناشئة الحجاز شديدة الولع بالاطلاع على جميع الآثار الأدبية التي تظهر في البلاد العربية في العصر الأخير.
ولقد أتيح لي أثناء مقامي بالحجاز واتصالي بالمثقفين من أبنائه أن ألاحظ هذه الظاهرة أشد وضوحاً فيهم منها في أبناء مصر فهم يحدثونك عن أدباء العربية حديثاً مفصلاً ويذكرون كل واحد منهم بآثاره وكثيراً ما يتناولون هذه الآثار بالنقد دون أن يجني نقدهم إياه على إعجابهم بها)).
وبعد حديث مستفيض يكتبه الأستاذ محمد حسين هيكل عن الأدب.. وبداية النهضة العربية.. ونهضة الأدب في هذا البلد.. وتأثر شبيبتها بما يجري في العالم الحديث يختتم مقدمة الكتاب بهذه السطور:
((إن حياة الأدب في العالم العربي بشير كبير للمستقبل ونهضة الأدب في الحجاز آية من الله للناس بأن النبع الذي غاض ماؤه عاد إلى فيضه كما كان كشف عين زمزم آية الله للناس بمقدم صاحب الرسالة قوى الله عزائم الذين أقاموا هذه النهضة وأمدهم بروح من عنده ليبلغوا بها غاية رقيها ولتبلغ منزل الوحي في العالم)).
 
طباعة

تعليق

 القراءات :388  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 62 من 153
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.