| أيان ترحل لا قلب ولا كبد |
| تحنو عليك وأنت البلبل الغرد |
| رحلت عن موطن الآباء مغتربا |
| والجرح في القلب والأشواق تتقد |
| وكل خفقة عرق فيك غرغرة |
| من الدموع طواها الصبر والجلد |
| وكل نظرة عين منك مجمرة |
| من الحنين سداها الحزن والكمد |
| تكبرت فيك روح لا تذل أسىً |
| ولا تهون على البلوى ولا تجدُ |
| ترى صغارك والبأساء تفرسهم |
| زغب الحواصل لا عيش ولا رغد |
| وشعبك الحر في الآفاق تسفعه |
| هوج الرياح ولا مأوى ولا سند |
| أنَّا حللت فلا عقل ولا سكن |
| ولا أمان ولا ظل ولا بَرَدُ |
| حتى نزلت بأرض النور فارتعشت |
| بك الجوانح واستحيا بك الجسد |
| هذا مقامك عند البيت نِعمَ به |
| وبورك البيت والأهلون والبلد |
| أنظر حواليك فالأبصار شاخصة |
| لمنبع النور والأقوام تحتشد |
| كأنما الدهر في تيه وفي فرح |
| وهامة المجد من عليائها تفد |
| ومهرجان من الأمجاد مصطخب |
| وموكب من خيول العز متئد |
| حطت هنا في رحاب النور مَرْكَبَها |
| يحفُّها الأملُ المنشودُ والعُدَدُ |
| وأسلست لدروب المجد مِقودَها |
| لكي يسيرَ بها الإيمان والرَشَدُ |
| الفجرُ تهتف في الأعماق جذوته |
| وعالَمُ البغي خلف الليل يرتعدُ |
| هذا أنا يا رحاب الطهر معتكف |
| فدَى السنين لعل الجرح يبتردُ |