شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عبد العزيز قاسم.. وتراجيديا الصحافة (1)
لا أتذكر متى قرأت لأول مرة للزميل الأستاذ عبد العزيز قاسم، ولكن ما لفت نظري هو ذلك الحس الصحافي المتميز الذي أبداه عندما أسندت إليه رئاسة تحرير صحيفة المدينة الإشراف على ملحق الرسالة بالعدد الأسبوعي، لقد ذكرتني تلك البداية القوية ببروز الزميل الدكتور محمد يعقوب تركستاني في منتصف التسعينيات الهجرية عندما أصدر ملحق التراث في صفحة واحدة بدعم واحد من فرسان الصحافة المتميزين وهو الأستاذ أحمد محمود.
ثم انضم الزميل ((قاسم)) لأسرة تحرير صحيفة البلاد، فكانت تلك الانطلاقة القوية للعدد الأسبوعي من هذه الصحيفة العريقة فلقد جسد هذا العدد قدرات هذا الشاب ومواهبه الفكرية والصحافية - على حد سواء - فكانت تلك المكاشفات الجريئة التي لم نعهدها في صحافتنا الحديثة من قبل، واستطاعت أسرة التحرير في الصحيفة أن توفر لهذا العدد ما لم توفره صفحات وملاحق ثقافية ادعت التعددية إلا أنها انحازت بصورة مزعجة لرأي واحد وفكر أراد له أصحابه البروز - بصورة تعسفية - فكان السقوط المريع من داخل ذلك التوجه الفكري وليس من خارجه، مع أنه كان بالإمكان أن يحقق هذا التيار الفكري ما كانت تطمح إليه الساحة من انبثاق منبر يبعد الساحة عن التشدد الذي شهدته في الثمانينيات وأوائل التسعينيات الميلادية.
لا شك أن أخذ ملحق الأربعاء في صحيفة المدينة، والعدد الأسبوعي من صحيفة البلاد، بتوجه يفسح المجال لجميع التيارات الفكرية والأدبية أن تعبر عن رأيها وتقول كلمتها دون خوف، أو غبن، قد أدى بجميع الملاحق الفكرية والثقافية أن تعيد النظر فتحقق ما كنا ندعو إليه منذ زمن وهو إمكانية تجاور الرؤى الفكرية دون ضيم أو حيف من أحدها على الآخر، وإنني لأحمد - هنا - للزملاء الكرام في عكاظ، سعيد السريحي، وأحمد عائل فقيهي، وعبده خال إدراكهم المبكر لهذا التغيير ومسايرتهم للرؤية التعددية التي ساهمت - حقاً في توثيق عرى الألفة بين جميع الفرقاء في الساحة، ولقد اعترف بهذا الزميل والصديق الكريم ((الخال)) عندما كتب عن صديقنا المشترك ((أبي غنوة)) الأستاذ محمد صادق دياب بعد تسلمه لرئاسة تحرير ((اقرأ)) مؤكداً أن توجه الثنائي الدياب - والحسون في الأربعاء في الماضي في إفساح المجال أمام الجميع ليقول كلمته هو التوجه الذي استقرت جذوره في الساحة ولا بد من الاعتراف بأن الزملاء الكرام، عبد الله سلمان، ومحمد إبراهيم عبد الستار، وفهد الشريف قد ساروا في نفس الدرب واستلهموا ذلك المفهوم الواقعي والصادق للصحافة الفكرية والأدبية وكيف يمكن أن يقود هذا المفهوم لإثراء الساحة الأدبية بما هو مفيد ونافع لمسيرة الثقافة العربية، وما دام الحديث قد أخذنا للأربعاء فلا بد من إنصاف أديبنا الكبير السيد عبد الله جفري الذي وضع اللبنات الأولى لملحق الأربعاء الأغر.
لقد استطاع عبد العزيز قاسم ببراعته الصحافية أن يشد جميع التيارات لتقول رأيها في صراحة واعتدال فكان أن سمعنا أصوات سعيد السريحي، ومحمد سعيد طيب وعائض القرني، ومحسن العواجي، وغيرهم، ولم يتحيز قاسم لرأي دون آخر، بل إنه بشجاعته الصحافية قد أزال ما علق بالأذهان في الماضي من أنه لا يمكن للأفكار أن تتعايش وللآراء أن تتلاحق وللخصوم أن يجتمعوا على مائدة واحدة رغم اختلاف أذواقهم ومشاربهم.
انسحاب عبد العزيز قاسم من الساحة، ذكرني بانسحاب منصور عثمان - ذلك الشاب المهذب الذي قيل لي إنه استقر في الجزيرة - أخيراً - وإذا كان الأمر كذلك فإن ذلك يحسب للزميل المخضرم الأستاذ الكبير خالد المالك.
وشعرت بكثير من الحزن واسترجعت على عجل تلك العقبات التي واجهتنا في بداية المشوار الصحافي والكتابة الأدبية قبل ثلاثة عقود من الزمن، ولكننا لم نيأس ولم نلق السلاح آخذين بقول الشاعر العربي القديم:
جاء شقيق عارضاً رمحه
إن بني قومك فيهم رماح
لقد كان من أدب عبد العزيز أن أثنى - عندما هاتفته - مستفسراً عن انسحابه المفاجئ على أسرة التحرير في البلاد ومعاضدتهم له.
وقال في اقتضاب إنه ((موقف)) ترى هل نعي مثل هذا الموقف؟!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :762  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 433 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.