ثم قرئت رسالة الدكتور منصور إبراهيم الحازمي، التي بعثها إلى صاحب الاثنينية، تحمل اعتذاره عن عدم تمكنه من الحضور، وقد جاء في الرسالة قوله:
- سعادة الأخ الكريم الأستاذ عبد المقصود خوجه الموقر
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ وبعد:
- فإنني أقدم أسفي واعتذاري لعدم تمكني من حضور الحفل، الَّذي أفضلتم بإقامته للصديق العزيز الشاعر الدكتور نذير العظمة؛ وكنت متشوّقاً للحضور لأسهم - مع من يسهمون من الأصدقاء والزملاء الأفاضل - في تحية هذا الرجل الكبير، الَّذي شارك معنا في عملية البناء العلمي والتربوي بقسم اللغة العربية في كلية الآداب، جامعة الملك سعود، بكل صدق وإخلاص طوال السنوات الماضية؛ وعرفته الساحة الأدبية في بلادنا شاعراً عظيماً، وناقداً بصيراً، ومفكراً نابهاً.
- والحديث عن الدكتور نذير العظمة لا يمكن اختصاره في كلمة أو كلمات، فهو - كما ترون من سيرته الطويلة - رجلٌ شرَّق وغرَّب، وأقام وارتحل، وأكسبته الغربة خصالاً لا نجدها في القانعين المستكينين الوادعين؛ أهمها سعة الأفق، وسعة الصدر، وسعة التجربة والثقافة..، مع الاحتفاظ بكل الجذور الأصيلة والقيم العربية الإسلامية الخالدة؛ وهو رجل جديد ومتجدّد من غير ضجيج، جديد بالروح لا بالعمر والجسد، ومتجدد بالطبيعة والفطرة لا بالادّعاء والتقليد؛ إنه الشجرة المباركة دائمة الخضرة، لم نرها قط عارية في أي موسم، وهي متفتّحة في كل الفصول، محمّلة بالثمر والأريج.
- نذير العظمة شاعر الأمجاد والأساطير، ينطلق كالنسر في أعماق الماضي، ويعود محمّلاً باللؤلؤ والمرجان، والمحار النادر الغريب؛ إنه السندباد الَّذي لا يتعب من الإبحار، والباحث دوماً عن المدهش والعجيب؛ ذهب مرةً إلى الفاو وحلّق عنا بعيداً، ولم يرجع إلاَّ في غبش الفجر مثقلاً بكنوز كندة وعروش ملوكهم الأولين، قصائده في الفاو أهّلته للّقب الأثير إلى نفسه: "شاعر الفاو" وكلما أطريناه وذكّرناه شمخ بأنفه وابتسم، كلما استزدناه اهتز طرباً وازداد اشتعالاً.
- تلك قطرة من بحر صديقنا الحبيب نذير العظمة، تمنيت لو كنتُ في شاعريته، لرددت حينئذٍ بعض ما غمرنا به من ودّ غامر، والشاعر يعطي ولا يأخذ إلاَّ القليل؛ ولعل في حفاوة صديقنا عبد المقصود ما يغني عن كل تقصير، وتمنياتي للمحتفى به، ودعائي له بالعمر المديد، والعطاء المتجدد.