| الحَلْقَةُ الثَّامِنَةُ والأَرْبَعُونَ |
| جلس الفتى أمام أستاذه الشيخ وعنده سؤالان شغلاه في درس الإشارة السابق.. فطلب من أستاذه الشيخ السماح له بطرح سؤاليه.. ابتسم الأستاذ الشيخ وقال لفتاه هذا من حقك يا بني خاصة بعد أن أحجمت عن طرح أي سؤال في الدرس السابق حين طالبتك بإلقاء ما عندك من الأسئلة فآثرت إرجاءها إلى أن يتم درس أسماء الإشارة.. فعليك الآن طرح ما عندك من الأسئلة قبل البدء في الدرس الجديد. |
| قال الفتى: سؤالي الأول.. يقول الحق سبحانه وتعالى في كتابه العزيز.. إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ (طه: 63).. وسؤالي أيها الشيخ كيف جاء اسم الإشارة ـ هذان ـ مرفوعاً مع أنه اسم لـ ((إن)) اسم إن منصوب كما تقول القاعدة النحوية؟ وذلك في قراءة قرأ حرف ((إنَّ)) مشدَّداً. |
| ارتاح الشيخ جدًّا لسؤال الفتى.. وقال له أحسبك تفتش عن أشياء تبدو غامضة يا بني.. أو بعيدة المنال. ثم إنني أذكر أنك سألت نفس السؤال وشرحته لك. ألا تذكر؟ ولا بأس من الإعادة ((فإن)) في الآية الكريمة قيل عنها إنها بمعنى نعم وقد جاء ذلك عن العرب حيث قال شاعرهم: |
| قالوا اعتراك الشيب |
| قلت إنه |
|
| أي نعم ومنهم من قال إنها على لغة من يعامل المثنى رفعاً ونصباً وجرًّاً بالألف.. فيقول: أقدم هذان الكريمان على فعل الخير ورأيت إقدام هذان الكريمان على فعل الخير. |
| ومنهم من قال: إن هنا مخففة كما هي في القراءة المصححة.. وعندها لا مشكل في الإعراب وآخرون قالوا.. إنَّ.. حرف توكيد ونصب وها اسمها مبني على السكون في محل نصب.. وذان خبرها مرفوع بالألف والله أعلم.. ولكن الفتى فاجأ شيخه بسؤاله الأخير قائلاً ذكرت لي أيها الشيخ أسماء الإشارة كلها ولم تذكر ـ ها ـ حيث تقول. ها محمد قادم.. أليست للإشارة؟ رد الشيخ بعضهم اعتبرها اسماً من أسماء الإشارة والأغلب أنها حرف تنبيه.. |
| سأل الشيخ فتاه هل بقي عندك ما تسأل عنه يا بني؟ قال الفتى أجل عندي سؤال أخير لو أذن لي الشيخ بطرحه.. قال له الشيخ هات سؤالك يا بني.. قال الفتى.. أعلم ـ أن ـ ذا تأتي على ثلاثة أوجه ـ اسم من الأسماء الستة.. واسم إشارة.. واسم موصول.. فحبذا لو ذكر لي أستاذي الشيخ مثالاً لكل منها.. قال الشيخ تقول مثلاً ـ ذا ـ التي من الأسماء الستة وهي بمعنى صاحب، جاء ذو علم وهو ملازم للإضافة يرفع بالواو.. وينصب بالألف رأيت ذا علم ويجر بالياء.. مررت بذي علم.. أما الإشارية فمثالها ذا رجل زاهد.. وذا بناء شامخ.. فهو اسم إشارة للقريب يشار به إلى المفرد المذكر العاقل وغير العاقل ويكون مبنيًّا على السكون في محل رفع أو نصب أو جر حسب موقعه من الكلام.. أما إتيان ـ ذا ـ اسماً موصولاً فيكون بشروط ثلاثة.. أولها ألا تكون إشارية.. وثانيها أن يتقدمها استفهام بـ ((ما)) أو ((من)) وثالثها ألا تكون ملغاة نحو قولنا ـ ماذا فعلت ـ أخير أم شر: فيعرب كالآتي: ما ـ اسم استفهام مبني في محل رفع مبتدأ، ذا.. اسم موصول مبني في محل رفع خبر ـ فعلت فعل وفاعل.. أخير.. الهمزة للاستفهام حرف.. خير بدل من ـ ما ـ مرفوع ـ أم ـ حرف عطف مبني على السكون.. لا محل له من الإعراب ـ شر.. اسم معطوف على خير ـ وفي حالة إلغاء ـ ذا ـ تقول ـ ماذا فعلت أخيراً أم شراً وذلك بإلغاء ـ ذا واعتبار ماذا ـ كلها اسم استفهام. فرغ الشيخ من إجابة الفتى على سؤاله الأخير.. وقال له هل بقي عندك ما تسأل عنه؟ قال الفتى شكراً لك أيها الشيخ الجليل على هذا الشرح المفصل سوى أنني أريد أن أتأكد من أستاذي الشيخ لماذا لم يذكر اسم الإشارة ثَمَّ وثمة؟ فوجئ الشيخ بسؤال فتاه وشكره على حسن المتابعة ثم قال كلاهما اسم إشارة للمكان مبني على الفتح. |
| ثم أخذ الشيخ يستعد لشرح الدرس الجديد فقال: درس اليوم هو ـ اقتران جواب الشرط بالفاء. فأنت تعلم أنه مَرَّ علينا في باب جزم المضارع أدوات تجزم فعلاً واحداً وأخرى تجزم فعلين وذكرنا أن الفعل الأول منها يسمى فعل الشرط.. والآخر يسمى جواب الشرط ولما كانت مادة النحو تقوم وتعنى بتنقية الشوائب وإبعادها.. وإقامة الربط بين أجزاء الكلام. نلاحظ أننا نرى كثيراً اقتران جواب الشرط بالفاء. فلا بد لنا من الوقوف على المواضع التي يجب فيها اقتران الجواب بالفاء وهي.. عشرة مواضع نذكرها إن شاء الله مفصلة.. اشتراطها كون جواب الشرط غير صالح أصلاً للجزم كأن يكون جملة إسمية مثلاً نحو قولنا.. |
| 1 ـ إن تؤد الأمانة فأنت على خلق كريم. |
| 2 ـ أن يأتي جواب الشرط جملة طلبية كالأمر، النهي، النفي والدعاء، نحو إن تكن محباً للخير فتصدقْ بما تجود به نفسك. ونحو من يكذبْ عليك مرة فلا تصدقْه أبداً. ونحو من يتعظْ بالآخرين فليته ينجو من غيه ونحو إن يدعمْك الله بقوته فلا غالب لك أبداً ونحو ربِّ إن هفوتُ فلا تحرمني المغفرة. |
| 3 ـ أن يأتي جواب الشرط فعلاً جامداً مثل عسى.. وليس.. ونعم.. وبئس.. نحو.. إن تصح مبكراً فعسى أن تلحق بالقافلة المسافرة. ونحو من يطلق زمام لسانه فليس له رادع. ونحو.. إن تفعل الخير فنعم ما تفعل. ونحو إن ترتكب الحماقة فبئس ما اقترفت. |
| 4ـ أن يقع الجواب جملة فعلية مصدَّره بـ قد. نحو ـ إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل. |
| 5 ـ الجملة الفعلية المصدرة بـ ـ ما ـ نحو. متى تخش الظلام فما أنت برجل شجاع. |
| 6ـ الجملة الفعلية المسبوقة بحرفي التنفيس وهما ـ السين وسوف ـ نحو من يعمل الخير فسيجزى عمله. ونحو إن تتبع هواك فسوف تندم. |
| 7ـ أن تُصَدَّرَ الجملة الفعلية بـ ـ لن ـ نحو.. إن تخطئ فلن يغفر لك. |
| 8ـ أن يسبق الجواب بأداة شرط أخرى نحو قولنا إن تسافر فإن صحبتك أعنتك. |
| 9ـ أن يسبق الجواب لفظة ـ كأنما ـ مثل ـ قولنا من يعمل المعروف في دنياه فكأنما يعمله لآخرته. |
| 10 ـ أن يُصَدَّرَ الجواب بـ ـ ربما ـ نحو إن تصاحبني في رحلتي فربما سررتك. |
| وبعد أن أنهينا المواضع التي يجب فيها اقتران جواب الشرط بالفاء لا بد لنا من ذكر ما رآه النحاة في أداة ـ إذا ـ الفجائية التي تحل محل الفاء الرابطة للجواب حين يكون فعل الشرط مسبوقاً بـ ـ إن ـ أو ـ إذا ـ شريطة أن يكون جواب الشرط جملة إسمية مثبتة غير دالة على طلب نحو قولك إن يمسسهم عذاب من الله إذا هم يقنطون أي.. فهم يقنطون. وفي غير المواضع المذكورة يجوز الاقتران وعدمه حسب طلاوة العبارة وشفافة الأسلوب.. سأل الشيخ فتاه قائلاً هل لديك أي سؤال يا بني؟ قال الفتى حبذا لو أجلت الأسئلة إلى بداية الدرس القادم بعد أن أكون قد مررت بما سجلته في كراستي من شرح شيخي الفاضل ولكني أحتفظ بسؤال حيرني كثيراً ولم أجد له جواباً شافياً من ذاكرتي فحبذا لو أذن لي شيخي الفاضل بطرحه؟ قال الشيخ هات ما عندك يا بني. آمل أن تجد عندي الإجابة الكافية عليه. قال الفتى سألني أحد الزملاء، هل بالإمكان مجيء لفظة واحدة فعلاً وفاعلاً ومفعولين اثنين؟ |
| رد الشيخ نعم وما أكثره في اللغة. ألا ترانا نقول.. أسقنيها.. أعطنيها.. علمنيها. فأي منها فعل أمر وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً وياء المتكلم مفعول به أول والهاء مفعول به ثاني. |
| ارتاح الفتى كثيراً لإجابة الشيخ ثم أخذ كل منهما طريقه إلى منزله على أمل اللقاء المتجدد غداً إن شاء الله. |
|
|
شارع عبد المقصود خوجة
00966-12-6982222 - تحويلة 250
