شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحَلْقَةُ السَّادِسَةُ والأَرْبَعُونَ
التقى الشيخ فتاه في الطريق فحضرا معاً إلى الدرس. أخذ الشيخ مقعده وسأل فتاه: هل لديك ما تسأل عنه يا بني؟! رد الفتى عندي سؤال في دروس سابقة.. قال الشيخ إطرح سؤالك يا بني.. قال الفتى: متى تحذف ياء ((ثماني))؟ أيها الشيخ! رد على الفتى: ثماني ـ اسم منقوص تحذف ياؤه إذا لم يضف ولم يعرف بأل وذلك في حالتي الرفع والجر.. أما في حالة النصب فتبقى ياؤه.. قال الفتى: مثل ماذا أيها الشيخ؟ قال الشيخ تقول مثلاً: طرحت ثمان من النخلات فـ ((ثمان)) هنا فاعل لـ ((طرح)) مرفوع بالضمة المقدرة على الياء المحذوفة وأيضاً نقول: مررت بثمانٍ من الفتيات.. فـ ((ثمان)) هنا مجرور بفتحة مقدرة على الياء المحذوفة لأنه تابع لجمع المؤنث السالم.. أما بقاؤه فيكون في الآتي: قطعت ثماني خطوات لأنه مفعول به منصوب بالفتحة ظاهرة على يائه وكذلك تبقى ياؤه إذا كان مضافاً نحو حضرت ثماني حفلات أو كان فاعلاً مضافاً نحو حضرت ثماني فتيات. فـ ((ثماني)) هنا فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الياء وهو مضاف وفتيات مضاف إليه وكذلك تظهر ياؤه إذا دخلت عليه ـ أل ـ التعريف نحو: فازت الفاطمات الثماني.
أما حكمها من حيث التذكير والتأنيث فهو حكم سبق شرحه في درس التمييز.. وما أخالك تغفل عنه يا بني.. ثم استعد الشيخ لإلقاء درسه الجديد قائلاً درسنا اليوم يا بني هو المضاف أو الإضافة. أحسب أن هذا الدرس من أجمل وأرق وأصفى أبواب النحو إذ يقوم على صقل العبارة وإزالة الشوائب فيها إستجابة لرقة الذوق وطلاوة الأداء في نسق أسلوبي دافق لا يحدث شرخاً لدى السامع أو نشازاً معاباً فتصور معي مثلاً أحداً يقول: هذا قلمٌ محمدٍ.. أو هذان كتابان عليٍّ.. أو هؤلاء مهندسون الكهرباء.. لا شك أنك واجد تصدُّعاً في الإيقاع ونتوءاً في الحروف مما يدفعك إلى وضع إصبعك في أذنك ففي المثال الأول جاء التنوين في لفظة ((قلمٌ)) سبباً في إشاعة الفوضى والهرجلة. وفي المثال الثاني جاءت النون برزة لا ضرورة من وجودها. وفي المثال الثالث جاءت نون جمع المذكر حجر عثرة أمام استقامة الكلام وحسن إيقاعه.. فالإضافة كما نعلم تعمل على حذف النتوءات البارزة في الكلمة فالاستغناء عن التنوين في المثال الأول ـ قلمٌ وحذف نوني المثنى والجمع في المثالين السابقين عمل من أعمال الإضافة.
فنقول مثلاً: هذا قلمُ محمدٍ.. وهذان قلما عليٍّ.. وهؤلاء مهندسو الكهرباء.
أما من حيث أقسام الإضافة فهي قسمان:
1 ـ إضافة محضة وتسمى معنوية أو حقيقية.
2 ـ إضافة غير محضة وتسمى لفظية أو مجازية وعليك أن تلحظ يا بني أنه قد تأتي النون في الكلمة لغير المثنى والجمع وتظل في الإضافة كما هي كأن تقول مثلاً: رأيت سلمان الفارسي.. أو مررت ببساتين الطائف المثمرة. فاحترس يا بني ولا يختلط عليك الأمر. رفع الفتى إصبعه مستأذناً بطرح سؤال.. لاحظ الشيخ إصبع الفتى مرفوعة فأذن له بطرح سؤاله.. قال الفتى: عفواً أستاذي العزيز حبذا لو ذكرت لي أنموذجاً إعرابيًّا للإضافة.. قال الشيخ: هو لك.. نقول مثلاً: هذا كتابُ خالدٍ.. هذا اسم إشارة للقريب مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. كتابُ.. خبر المبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة في آخره وهو مضاف. وخالدٍ: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة في آخره وتقول مثلاً: هذان كتابا محمدٍ.. فـ ((هذان)) مبتدأ مرفوع بالألف لأنه مثنى. كتابا: خبر مرفوع بالألف وحذفت النون للإضافة.. وهو مضاف ومحمد: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة في آخره. سأل الشيخ فتاه هل لديك ما تسأل عنه يا بني؟ قال الفتى: شكراً لك أيها الشيخ فليس عندي ما أسأل عنه الآن.
ثم أخذ الشيخ ينظر إلى ساعة الحائط فوجد الوقت مبكراً فقال لفتاه: إذاً ندخل في شرح الدرس الجديد وهو أسماء الإشارة.. في تصوري أن أول ما أدركه الإنسان حين وجد على وجه البسيطة هو أسماء الإشارة إذ بدأت لغة الإنسان الأول بالإشارة أي بالحركة الحسية يفضي بها عن رغبة في التفاهم مع غيره والتعامل معه فبدأت الإشارة حركة محسوسة تتبعها إشارة بالرأس أو باليد أو العين ثم تمخضت هذه الحركات الحسية إلى أصوات يصدرها الإنسان مصحوبة بالحركات تشير إلى طلبه ومع مرور الزمن ما لبثت أن اختفت الحركات المساعدة وباتت الكلمات أو الأصوات تؤدي وظيفتها للتفاهم بين الناس بكل دقة، لذلك أرى أن أول ما تعلمه وتلقاه الإنسان الأول من اللغة هو أسماء الإشارة لمساسة حاجته إليها في التفاهم مع الغير ونجم عن ذلك عدد وفير من أسماء الإشارة كل يؤدي وظيفته اللغوية بدقة متناهية وعلينا أن نمر على هذه الأسماء بشيء من الشرح والتفصيل وقد جمع منها النحاة حوالي تسعة عشر اسماً.. هي: ذا ـ ذاك ـ ذلك ـ ذان ـ ذانك ـ تي ـ تيك ـ تان ـ تانك ـ أولاء ـ هذا ـ هذه ـ هذان ـ هاتان ـ هؤلاء ـ هناك ـ هنالك ـ تلك ـ ذات.
1 ـ ذا ـ يشار به إلى القريب وهو خاص بالمفرد المذكر عاقلاً كان أو غير عاقل.. نحو: ذا مدرس أبٌ.. وذا طريقٌ واسعٌ.
2 ـ ذاك يشار به إلى البعيد نسبيًّا وهو خاص بالمفرد المذكر للعاقل وغير العاقل نحو ذاك طالب متفوق في دراسته وذاك بناء ضخم متسع.
3 ـ ذلك.. يشار به للبعيد وهو خاص بالمفرد المذكر للعاقل وغيره.. نحو: ذلك الطبيب الذي راجعت وذلك الطريق الذي مشيت.. وقد يراد منه تعظيم الشيء.. كقوله تعالى ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ (البقرة: 2).
4 ـ ذانِ ويشار به للمثنى المذكر للعاقل وغيره ومعناه القرب نحو: ذان طالبان مجدان.. وذان طريقان متساويان.
5 ـ ذانك يشار به للمثنى المذكر للعاقل وغيره ويفيد البعد نسبيًّا نحو: ذانك العالمان اللذان حصلا على جائزة الإبداع.. ذانك الكتابان فازا بجائزة الدولة.
6 ـ تي.. ويفيد القرب يشار به للمفردة المؤنثة عاقلة كانت أو غير عاقلة.. نحو: تي الفتاة على خلق ودين.. تي الزهرة لها رائحة جميلة..
نظر الشيخ إلى ساعة الحائط فوجد الوقت متأخراً.
سأل فتاه: هل لديك ما تسأل عنه يا بني؟ قال الفتى: حبذا لو أجلت أسئلتي إلى بعد إتمام درس أسماء الإشارة إلا أنني أحتفظ بسؤال في درس سابق وهو الإضافة فهل يأذن لي أستاذي الشيخ بطرحه؟ قال الشيخ نعم ما هو سؤالك يا بني؟ قال الفتى ما هو الفرق بين الإضافة اللفظية والمعنوية أيها الشيخ! رد الشيخ سؤالك جميل جدًّا يا بني اللفظية ما لم تفد المضاف إلا التخفيف بحذف التنوين عنه إن جاء منوَّناً أو بحذف نونه إن جاء مثنى أو جمع مذكر سالماً حيث يضاف فيها الوصف إلى معموله مثل هذان عالما اللغة ـ وهؤلاء مهندسو الكهرباء أما الإضافة المعنوية.. هي التي تفيد المضاف تعريفاً أو تخصيصاً ويشترط فيها عدم مجيء المضاف وصفاً إلى معموله مثل ((رقبة الزرافة طويلة. وأنياب الأسد صُلْبة. ثم أخذ كل منهما طريقه إلى منزله على أمل اللقاء المتجدد غداً إن شاء الله)).
 
طباعة

تعليق

 القراءات :749  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 49 من 76
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج