شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحَلْقَةُ الخَامِسَةُ وَالعِشْرُونَ
جلس الفتى قبالة أستاذه الشيخ فلاحظ عليه أثر إصابته بأنفلونزا حادة ظهرت ملامحها من كثرة عطاسه واحمرار وجهه فقال الفتى لأستاذه الشيخ يبدو أن شيخي الفاضل يشكو من شيء ما قال الشيخ وهو يستجمع قواه حتى لا تبدو عليه آثار الأرق والإجهاد كلا يا بني ما هو إلا رشح عارض تعرضت إليه البارحة فلا تشغل نفسك به... المهم قل لي هل لديك أسئلة فيما سبق شرحه من درسي التعجب والمفعول معه؟ قال الفتى لدى الكثير من الأسئلة ولكنني أفضل تأجيلها بل وتأجيل درس الليلة إلى وقت آخر حتى يكون أستاذي الشيخ في صحة جيدة ولكن الشيخ الجليل أبى أن يسمع مثل هذا القول من تلميذه وقال بصوت حاد إياك أن تتلكأ بأعذار واهية تتهرب من الدرس بأسلوب الإيحاء لمرضي فمهما كانت درجة المرض عندي فهي لا تساوي لحظة سعادة أقضيها في شرح معلومة لطالب علم مجتهد فالعلم يا بني عندي بمنزلة العبادة وكيف لا يكون كذلك ونحن ندرس لغة القرآن الكريم ونقف على أسرارها ـ المهم اسمعني أسئلتك يا بني قال الفتى مادام شيخي مصرًّا فما أمامي إلا الطاعة والإذعان لما يراه شيخي الكريم قال الفتى يقول الحق سبحانه وتعالى في كتابه العزيز أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ (مريم: 38) فهل هذا أسلوب تعجب أيها الشيخ على طريقة ـ أفعل به ـ؟ رد الشيخ على الفور نعم يا بني.. إنه كما ذكرت على صيغة ـ أفعل به ـ قال الفتى هل يسمح أستاذي الشيخ بإعراب الآية الكريمة؟ قال الشيخ هو لك.. اسمع ـ فعل ماضيٍ جاء على صيغة الأمر للتعجب مبني على السكون العارض للمجاوزة بهم الباء حرف جر زائد. والهاء ضمير مبني في محل رفع فاعل وهم مجرور لفظاً مرفوع محلاً وكذلك ـ أبصر ـ أخذ الفتى يدوِّن هذا الإعراب في كراسته ثم رفع رأسه مستأذناً بطرح سؤال آخر سمح له الشيخ بطرح سؤاله..
قال الفتى أستاذي الشيخ تقولون ـ إفعل به ـ صيغة فعل ماضي جاء على هيئة الأمر للتعجب مع أنه فعل أمر واضح لا غبار عليه فلماذا هذا التخريج والالتواء ألا يصلح الأمر للتعجب مثلاً؟ أحس الشيخ بوجاهة السؤال وأهميته بل وحدة ذكاء فتاه فترك لبصره العنان يجول ويجول ثم قال لفتاه صدقني يا بني إنك قلت ما في نفسي فأنا أحس نفس إحساسك هذا.. ولا أرى موجباً يدعو إلى القلق بأنه فعل ماضي جاء على صيغة الأمر للتعجب.. لأن الأمر صالح للتعجب منه كما صلح أن يكون للإنكار.. والتمني والدعاء والرجاء والاستهتار.. والإلزام.
وعليك أن تدوِّن هذه الملاحظة في كراستك إن شئت فقد قلت هذا القول قبلك وصدعت به بين مشائخي الذين رأيت في بعضهم الموافقة وفي الآخرين الإنكار وضرورة الإلتزام بما جاء في أصول النحو وأنه لا يحق لنا الإضافة أو التغيير في شيء أقره الأولون ـ المهم أنني ناصرك في رأيك فيكون ـ أسمع ـ فعل أمر جاء على هيئة التعجب وفاعله مختف فيه تقديره أنت.. وبهم.. جار ومجرور.. في محل نصب مفعول به.
رفع الفتى إصبعه مستأذناً بإلقاء سؤال أخير فقال له الأستاذ هات سؤالك وخلصنا يبدو أن درس اليوم أسئلة فقط.
قال الفتى هل يمكن تقديم المتعجب منه على المتعجب؟ طار الشيخ من الفرح وتهلل وجهه سعادة وبشرى.. فقال للفتى إنك تستحق أقلها كلمة شكر لك على سؤالك هذا.. المهم.. لو قدمنا ما ذكرت تكون العبارة مثلاً على الصورة الآتية.. السماءَ ما أجملَها! والأرضَ ما أطيَبها! والزهرةَ ما أنفحَها! أما في صورة ـ أفعل به ـ قد يحدث تغيير بسيط في الإعراب إذ تقول مثلاً ـ معلماً أكرم به من معلم فـ ـ لفظة ـ معلماً لم تعد تعرب تمييزاً كما لو كانت متأخرة بل تعرب في حالة التقديم ـ حالاً.. ولا أرى ما يخل بالأسلوب من حيث التركيبة العضوية للعبارة مع أنه نادر في لغة العرب الأقحاح ـ كثير في لغة المعاصرين اليوم.. فرأيي أنه لا مانع من التقديم إذا لم يحدث التقديم هرجلة في المعنى من التعجب ثم قام الشيخ بعد هذا الشرح المفصل والإيضاح الوافي وودع كل منهما الآخر على أمل اللقاء غداً إن شاء الله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :553  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 28 من 76
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج