شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

الرئيسية > كتاب الاثنينية > أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار > الجزء الأول > باب ما جاء في بناء ابن الزبير الكعبة وما زاد فيها من الأذرع التي كانت في الحجر من الكعبة وما نقص منها الحجاج
 
باب ما جاء في بناء ابن الزبير الكعبة وما زاد فيها من الأذرع التي كانت في الحجر من الكعبة وما نقص منها الحجاج
حدّثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي أحمد بن محمد عن سعيد بن سالم عن ابن جريج قال: سمعت غير واحد من أهل العلم ممن حضر ابن الزبير حين هدم الكعبة وبناها قالوا: لما أبطأ عبد الله ابن الزبير عن بيعة يزيد بن معاوية وتخلف وخشي منهم؛ لحق بمكة ليمتنع بالحرم وجمع مواليه، وجعل يظهر عيب يزيد بن معاوية ويشتمه ويذكر شربه الخمر وغير ذلك ويثبط الناس عنه ويجتمع الناس إليه فيقوم فيهم بين الأيام فيذكر مساوي بني أمية فيطنب في ذلك فبلغ ذلك يزيد بن معاوية فأقسم أن (1) لا يؤتى به إلا مغلولاً فأرسل إليه رجلاً من أهل الشام في خيل من خيل الشام فعظم على ابن الزبير الفتنة وقال: لأن يستحل الحرم (2) بسببك فإنه غير تاركك ولا تقوى عليه وقد لج في أمرك وأقسم أن لا يؤتى بك إلا مغلولاً، وقد عملت لك غلاً من فضة، وتلبس فوقه الثياب، وتبر قسم أمير المؤمنين فالصلح خير عاقبة وأجمل بك وبه؛ فقال: دعوني أياماً حتى أنظر في (3) أمري فشاور أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه فأبت عليه أن يذهب مغلولاً وقالت: يا بني عش كريماً ومت كريماً، ولا تمكن بني أمية من نفسك فتلعب بك فالموت أحسن من هذا، فأبى عليه أن يذهب إليه في غل وامتنع في مواليه ومن تألف إليه من أهل مكة وغيرهم وكان (4) يقال لهم: الزبيرية فبينما يزيد على بعثة الجيوش إليه إذ أتى يزيد خبر أهل المدينة وما فعلوا بعامله (5) ومن كان معه (6) بالمدينة من بني أمية وإخراجهم إياهم منها إلا من كان من ولد عثمان بن عفان فجهز إليهم مسلم بن عقبة المري في أهل الشام وأمره بقتال أهل المدينة فإذا فرغ من ذلك سار إلى ابن الزبير بمكة وكان مسلم مريضاً في بطنه الماء الأصفر فقال له يزيد: إن حدث بك الموت فول الحصين بن نمير الكندي على جيشك. فسار حتى قدم المدينة فقاتله أهل المدينة (7) فظفر بهم ودخلها وقتل من قتل منهم وأسرف في القتل فسمي بذلك مسرفاً وأنهب المدينة ثلاثاً. ثم سار إلى مكة فلما كان ببعض الطريق حضرته الوفاة فدعا الحصين بن نمير فقال له (8) يا برذعة الحمار لولا أني أكره أن أتزود عند الموت معصية أمير المؤمنين ما وليتك انظر إذا قدمت مكة فاحذر أن تمكن قريشاً (9) من أذنك فتبول فيها لا تكن (10) إلا الوقاف ثم الثقاف ثم الانصراف، فتوفي مسلم المسرف ومضى الحصين بن نمير إلى مكة، فقاتل ابن الزبير بها أياماً، وجمع ابن الزبير أصحابه فتحصن بهم في المسجد الحرام وحول الكعبة وضرب أصحاب ابن الزبير في المسجد (11) خياماً ورفافاً يكتنون فيها من حجارة المنجنيق ويستظلون فيها (12) من الشمس وكان الحصين بن نمير قد نصب المنجنيق على أبي قبيس وعلى الأحمر - وهما أخشبا مكة - فكان يرميهم بها فتصيب (13) الحجارة الكعبة حتى تخرقت (14) كسوتها عليها فصارت كأنها جيوب النساء فوهن الرمي بالمنجنيق الكعبة فذهب رجل من أصحاب ابن الزبير يوقد ناراً في بعض تلك الخيام مما يلي الصفا بين الركن الأسود والركن اليماني والمسجد يومئذ ضيق صغير فطارت شرارة (15) في الخيمة فاحترقت وكانت في ذلك اليوم رياح شديدة، والكعبة يومئذ مبنية بناء قريش مدماك من ساج، ومدماك من حجارة من أسفلها إلى أعلاها، وعليها الكسوة فطارت الرياح بلهب تلك النار فاحترقت كسوة الكعبة واحترق الساج الذي بين البناء وكان احتراقها يوم السبت لثلاث ليال خلون من شهر ربيع الأول قبل أن يأتي نعي يزيد بن معاوية بسبعة (16) وعشرين يوماً، وجاء نعيه في هلال شهر ربيع الآخر ليلة الثلاثاء سنة أربع وستين وكان توفي لأربع عشرة خلت من شهر ربيع الأول سنة أربع وستين (17) وكانت خلافته ثلاث سنين وسبعة أشهر. فلما احترقت الكعبة؛ واحترق الركن الأسود فتصدع كان (18) ابن الزبير بعد ربطه بالفضة فضعفت جدارات (19) الكعبة حتى أنها لتنقض من أعلاها إلى أسفلها وتقع (20) الحمام عليها فتتناثر حجارتها وهي مجردة متوهنة من كل جانب، ففزع لذلك أهل مكة وأهل الشام جميعاً والحصين بن نمير مقيم محاصر (21) ابن الزبير فأرسل ابن الزبير رجالاً من أهل مكة من قريش وغيرهم فيهم عبد الله بن خالد بن أسيد ورجال من بني أمية إلى الحصين فكلموه وعظموا عليه ما أصاب الكعبة وقالوا: إن ذلك كان منكم رميتموها بالنفط. فأنكروا ذلك (22) وقالو: قد توفي أمير المؤمنين فعلى ماذا تقاتل؟ ارجع إلى الشام حتى تنظر ماذا يجتمع عليه رأي (23) صاحبك - يعنون معاوية بن يزيد - وهل يجمع (24) الناس عليه؟ فلم يزالوا حتى لان لهم وقال له عبد الله بن خالد بن أسيد: أراك (25) تتهمني في يزيد. ولم يزالوا به حتى رجع إلى الشام*
فلما أدبر جيش الحصين بن نمير وكان خروجه من مكة لخمس ليال خلون من ربيع الآخر سنة أربع وستين دعا ابن الزبير وجوه الناس وأشرافهم وشاورهم (26) في هدم الكعبة فأشار عليه ناس غير كثير بهدمها وأبى أكثر الناس هدمها وكان أشدهم عليه (27) إباء عبد الله بن عباس وقال له: دعها على ما أقرها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أخشى أن يأتي بعدك من يهدمها فلا تزال تهدم وتبنى فيتهاون الناس في حرمتها ولكن ارفعها، فقال ابن الزبير: والله ما يرضى أحدكم أن يرفع بيت أبيه وأمه فكيف أرفع بيت الله سبحانه وأنا أنظر إليه ينقض من أعلاه إلى أسفله حتى أن الحمام ليقع (28) عليه فتتناثر حجارته؟ وكان ممن أشار عليه بهدمها جابر بن عبد الله - وكان جاء (29) معتمراً - وعبيد بن عمير وعبد الله بن صفوان بن أمية فأقام أياماً يشاور وينظر ثم أجمع على هدمها، وكان يحب أن يكون هو الذي يردها على ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على قواعد إبراهيم، وعلى ما وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها، فأراد أن يبنيها بالورس ويرسل إلى اليمن في ورس يشترى له فقيل له: إن الورس يرفت (30) ويذهب ولكن ابنها بالقصة فسأل عن القصة فأخبر أن قصة صنعاء هي أجود القصة فأرسل إلى صنعاء بأربع مائة دينار يشتري (31) له بها قصة ويكترى عليها وأمر بتنجيح ذلك ثم سأل رجلاً (32) من أهل العلم من أهل مكة من أين أخذت قريش حجارتها؟ فأخبروه بمقلعها فنقل له من الحجارة قدر ما يحتاج إليه، فلما اجتمعت الحجارة (33) وأراد هدمها خرج أهل مكة منها إلى منى فأقاموا بها ثلاثاً فرقاً من (34) أن ينزل عليهم عذاب لهدمها، فأمر ابن الزبير بهدمها فما اجترأ أحد على ذلك، فلما رأى ذلك علاها هو بنفسه فأخذ المعول وجعل يهدمها، ويرمي بحجارتها، فلما رأوا أنه لم يصبه شيء اجترأوا فصعدوا يهدموها (35) وأرقى ابن الزبير فوقها عبيداً من الحبش يهدمونها رجاء أن يكون فيهم صفة الحبشي الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة، قال وقال مجاهد: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: كأني به أصيلع أفيدع قائم عليها يهدمها بمسحاته قال مجاهد: فلما هدم ابن الزبير الكعبة جئت أنظر هل أرى الصفة التي قال عبد الله بن عمرو فلم أرها فهدموها (36) وأعانهم الناس فما ترجلت (37) الشمس حتى ألصقها كله بالأرض من جوانبها جميعاً وكان هدمها يوم السبت النصف من جمادى الآخرة سنة أربع وستين ولم يقرب ابن عباس مكة حين هدمت (38) الكعبة حتى فرغ منها وأرسل إلى ابن الزبير لا تدع الناس بغير قبلة انصب لهم حول الكعبة الخشب واجعل عليها الستور حتى يطوف الناس من ورائها ويصلون (39) إليها ففعل ذلك ابن الزبير، وقال ابن الزبير: أشهد لسمعت عائشة رضي الله عنها تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن قومك استقصروا في بناء البيت وعجزت بهم النفقة فتركوا في الحجر منها أذرعاً ولولا حداثة قومك بالكفر لهدمت الكعبة وأعدت ما تركوا (40) منها ولجعلت لها بابين موضوعين بالأرض باباً شرقياً يدخل منه الناس، وباباً غربياً يخرج منه الناس وهل تدرين لم كان قومك رفعوا بابها؟ قالت: قلت: لا، قال: تعززاً أن لا يدخلها إلا من أرادوا فكان الرجل إذا كرهوا أن يدخلها يدعونه أن (41) يرتقي حتى إذا كاد أن (42) يدخل دفعوه فسقط فإن بدا لقومك هدمها فهلمي لأريك ما تركوا في الحجر منها فأراها قريباً من سبعة (43) أذرع، فلما هدم ابن الزبير الكعبة وسواها بالأرض كشف عن أساس إبراهيم فوجدوه داخلاً في الحجر نحواً (44) من ستة أذرع وشبر كأنها أعناق الإبل أخذ بعضها بعضاً كتشبيك الأصابع بعضها (45) ببعض يحرك الحجر من القواعد فتحرك الأركان كلها، فدعا ابن الزبير خمسين رجلاً من وجوه الناس وأشرافهم وأشهدهم (46) على ذلك الأساس، قال: فأدخل رجل من القوم (47) كان أيداً يقال له: عبد الله بن مطيع العدوي عتلة كانت في يده في ركن من أركان البيت فتزعزعت الأركان جميعاً، ويقال أن مكة كلها رجفت رجفة شديدة حين زعزع الأساس وخاف الناس خوفاً شديداً حتى ندم كل من كان (48) أشار على الزبير بهدمها وأعظموا ذلك اعظاماً شديداً وأسقط في أيديهم فقال لهم ابن الزبير: اشهدوا ثم وضع البناء على ذلك الأساس (49) ووضع حدات (50) الباب باب الكعبة على مدماك على الشاذروان اللاصق بالأرض وجعل الباب الآخر بإزائه في ظهر الكعبة مقابلة (51) وجعل (52) عتبته على الحجر الأخضر الطويل الذي في الشاذروان الذي في ظهر الكعبة قريباً من الركن اليماني وكان البناء يبنون من وراء الستر والناس يطوفون من خارج فلما ارتفع البنيان إلى موضع الركن وكان ابن الزبير حين هدم البيت جعل الركن في ديباجة وأدخله في تابوت وأقفل عليه ووضعه عنده في دار الندوة وعمد إلى ما كان في الكعبة من حلية فوضعها في خزانة الكعبة في دار شيبة بن عثمان فلما بلغ البناء (53) موضع الركن أمر ابن الزبير بموضعه فنقر في حجرين (54) حجر من المدماك الذي تحته، وحجر من المدماك الذي فوقه بقدر الركن وطوبق (55) بينهما فلما فرغوا منه أمر ابن الزبير ابنه عباد بن عبد الله بن الزبير، وجبير بن شيبة بن عثمان أن يجعلوا الركن في ثوب وقال لهم ابن الزبير: إذا دخلت في الصلاة صلاة الظهر فأحملوه واجعلوه في موضعه فأنا أطول (56) الصلاة فإذا فرغتم فكبروا حتى أخفف صلاتي - وكان ذلك في حر شديد - فلما أقيمت الصلاة كبر ابن الزبير وصلى بهم ركعة خرج عباد بالركن من دار الندوة وهو يحمله ومعه جبير بن شيبة بن عثمان ودار الندوة يومئذ قريبة من الكعبة فخرقا به الصفوف حتى أدخلاه في الستر الذي دون البناء فكان (57) الذي وضعه في موضعه هذا عباد بن عبد الله بن الزبير وأعانه عليه جبير ابن شيبة فلما أقروه في موضعه وطوبق (58) عليه الحجران كبروا فخفف (59) ابن الزبير صلاته (60) وتسامع الناس بذلك وغضبت فيه (61) رجال من قريش حين لم يحضرهم ابن الزبير وقالوا: والله لقد رفع في الجاهلية حين بنته قريش فحكموا فيه أول من يدخل عليهم من باب المسجد فطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعله في ردائه ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل قبيلة من قريش رجلاً فأخذوا بأركان الثوب ثم وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم في موضعه (62) وكان الركن قد تصدع من الحريق بثلاث فرق فأنشظت منه شظية (63) كانت عند بعض آل شيبة بعد ذلك بدهر طويل فشده ابن الزبير بالفضة إلا تلك الشظية من أعلاه - موضعها بين في أعلا الركن - وطول الركن ذراعان قد أخذ عرض جدار الكعبة ومؤخر الركن داخله في الجدر مضرس على ثلاثة رؤس، قال ابن جريج: فسمعت من يصف لون مؤخره الذي في (64) الجدر قال بعضهم: هو مورد، وقال بعضهم: هو أبيض قالوا: وكانت الكعبة يوم هدمها ابن الزبير ثمانية عشر ذراعاً في السماء فلما أن بلغ ابن الزبير بالبناء ثمانية عشر ذراعاً قصرت بحال الزيادة التي زاد من الحجر فيها واستسمج ذلك إذ صارت عريضة لا طول لها فقال: قد كانت قبل قريش تسعة (65) أذرع حتى زادت قريش فيها تسعة (66) أذرع طولاً في السماء فأنا أزيد تسعة (67) أذرع أخرى فبناها سبعة وعشرين ذراعاً في السماء وهي سبعة وعشرين (68) مدماكاً وعرض جدارها ذراعان وجعل فيها ثلاث دعائم وكانت قريش في الجاهلية جعلت فيها ست دعائم وأرسل ابن الزبير إلى صنعاء فأتى من رخام بها (69) يقال له البلق فجعله في الروازن التي في سقفها للضوء (70) وكان باب (71) الكعبة قبل بناء ابن الزبير مصراعاً واحداً فجعل له (72) ابن الزبير مصراعين طولهما أحد عشر ذراعاً من الأرض إلى منتهى أعلاهما اليوم وجعل الباب الآخر الذي في ظهرها بازائه على الشاذروان الذي على الأساس مثله، وجعل ميزابها يسكب في الحجر، وجعل لها درجة في بطنها في الركن الشامي من خشب معرجة يصعد فيها إلى ظهرها، فلما فرغ ابن الزبير من بناء الكعبة خلقها من داخلها وخارجها من أعلاها إلى أسفلها وكساها القباطي وقال: من كانت لي عليه طاعة فليخرج فليعتمر من التنعيم فمن قدر أن ينحر بدنة فليفعل ومن (73) لم يقدر على بدنة فليذبح شاة ومن لم يقدر فليتصدق بقدر طوله وخرج ماشياً وخرج الناس معه مشاة حتى اعتمروا من التنعيم شكراً لله سبحانه ولم ير يوماً كان أكثر عتيقاً ولا أكثر بدنة منحورة ولا شاة مذبوحة ولا صدقة من ذلك اليوم، ونحر ابن الزبير مائة بدنة، فلما طاف بالكعبة (74) استلم الأركان الأربعة جميعاً وقال: إنما كان ترك استلام هذين الركنين الشامي والغربي (75) لأن البيت لم يكن تاماً، فلم يزل البيت على بناء ابن الزبير إذا طاف به الطائف (76) استلم الأركان جميعاً ويدخل البيت من هذا الباب ويخرج من الباب الغربي وأبوابه لاصقة بالأرض حتى قتل ابن الزبير رحمه الله ودخل الحجاج مكة فكتب (77) إلى عبد الملك بن مروان أن ابن الزبير زاد في البيت ما ليس منه وأحدث فيه باباً آخر فكتب إليه يستأذنه في رد البيت على ما كان عليه في الجاهلية (78) فكتب إليه عبد الملك بن مروان أن سد بابها الغربي الذي كان فتح ابن الزبير وأهدم ما كان زاد فيها من الحجر واكبسها به على ما كانت عليه فهدم الحجاج منها ستة أذرع وشبراً مما يلي الحجر وبناها على أساس قريش الذي كانت استقصرت عليه وكبسها بما هدم منها وسد الباب الذي في ظهرها وترك سائرها لم يحرك منها شيئاً فكل شيء فيها اليوم (79) بناء ابن الزبير إلا الجدر الذي في الحجر فإنه بناء الحجاج وسد الباب الذي في ظهرها وما تحت عتبة الباب الشرقي الذي يدخل منه اليوم إلى الأرض أربعة أذرع وشبر كل هذا بناء الحجاج، والدرجة التي في بطنها اليوم والبابان اللذان عليها اليوم هما أيضاً من عمل الحجاج، فلما فرغ الحجاج من هذا كله وفد بعد ذلك الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي على عبد الملك بن مروان فقال له عبد الملك: ما أظن أبا خبيب - يعني ابن الزبير - سمع من عائشة ما كان يزعم أنه سمع منها في أمر الكعبة فقال الحارث: أنا سمعته من عائشة قال: سمعتها تقول ماذا؟ قال: سمعتها تقول: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن قومك استقصروا في بناء البيت ولولا حداثة عهد قومك بالكفر أعدت فيه ما تركوا منه فإن بدا لقومك أن يبنوه فهلمي لأريك ما تركوا منه فأراها قريباً من سبعة (80) أذرع وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وجعلت لها بابين موضوعين على الأرض باباً شرقياً يدخل الناس منه، وباباً غربياً يخرج الناس منه، قال عبد الملك ابن مروان أنت سمعتها تقول هذا قال: نعم يا أمير المؤمنين أنا سمعت هذا منها قال فجعل ينكت منكساً بقضيب في يده ساعة طويلة ثم قال وددت والله أني تركت ابن الزبير وما تحمل من ذلك، قال ابن جريج: وكان باب الكعبة الذي عمله ابن الزبير طوله في السماء أحد عشر ذراعاً فلما كان الحجاج نقض من الباب أربعة أذرع وشبراً عمل لها هذين البابين وطولهما ستة (81) أذرع وشبراً فلما كان في خلافة الوليد بن عبد الملك بعث إلى واليه على مكة خالد بن عبد الله القسري بستة وثلاثين ألف دينار فضرب منها على بابي (82) الكعبة صفائح الذهب وعلى ميزاب الكعبة وعلى الأساطين التي في بطنها وعلى الأركان في جوفها، قال أبو الوليد قال جدي فكلما كان (83) على الميزاب وعلى الأركان في جوفها من الذهب فهو من عمل الوليد بن عبد الملك وهو أول من ذهب البيت في الإسلام فأما ما كان على الباب من عمل الوليد بن عبد الملك من الذهب فإنه رق وتفرق فرفع ذلك إلى أمير المؤمنين محمد ابن الرشيد في خلافته فأرسل إلى سالم بن الجراح عامل كان له على صوافي مكة بثمانية عشر ألف دينار ليضرب بها (84) صفائح الذهب على بابي (85) الكعبة فقلع ما كان على الباب من الصفائح وزاد عليها من الثمانية عشر ألف دينار فضرب عليه (86) الصفائح التي هي عليه اليوم والمسامير وحلقتا باب الكعبة وعلى الفياريز (87) والعتب وذلك كله من عمل أمير المؤمنين محمد بن هارون الرشيد ولم يقلع في ذلك بابي الكعبة ولكن ضربت عليهما (88) الصفائح والمسامير وهما على حالهما، قال أبو الوليد: أخبرني المثنى بن جبير الصواف (89) أنهم حين فرقوا ذهب باب الكعبة وجدوا (90) فيه ثمانية وعشرين ألف مثقال فزادوا عليها (91) خمسة عشر ألف دينار وأن الذي على الباب من الذهب ثلاثة وثلاثون (92) ألف دينار وقالوا أيضاً أنه لما قلع الذهب عن الباب ألبس الباب ثوباً أصفر؛ قال ابن جريج"؟ وعمل الوليد بن عبد الملك الرخام الأحمر والأخضر والأبيض الذي في بطنها مؤزراً به جدرانها وفرشها بالرخام وأرسل به من الشام وجعل الجزعة التي تلقى من دخل الكعبة من بين يدي من قام يتوخى مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في موضعها وجعل عليها طوقاً من ذهب فجميع ما في الكعبة من الرخام فهو من عمل الوليد بن عبد الملك وهو أول من فرشها بالرخام وأزر به جدرانها وهو أول من زخرف المساجد.
وحدّثني جدي قال لما جرد حسين بن حسن الطالبي الكعبة في سنة مايتين في (93) الفتنة لم يبق عليها شيئاً مما كان عليها من الكسوة فجئت فاستدرت بجوانبها وعددت مداميكها فوجدتها سبعة وعشرين مدماكاً ورأيت موضع الصلة التي (94) بنى الحجاج مما يلي الحجر أثر لحم البناء فيها بين بناء ابن الزبير القديم وبين بناء الحجاج بن يوسف شبه الصدع وهو منه كالمنبري بأقل من الإصبع من أعلاها بين (95) ذلك لمن رآه ورأيت موضع الباب الذي سده الحجاج في ظهر الكعبة على الحجر الأخضر الذي في الشاذروان تبين حداته (96) من أعلاه إلى أسفله، ورأيت السد الذي في الباب الشرقي الذي يدخل منه اليوم من العتبة إلى الأرض وحجارة سد الباب الذي في ظهرها وما بنى من هذا الباب الشرقي ألطف من حجارة مداميك جدران الكعبة بكثير وكل ذلك بالمنقوش.
حدّثني جدي قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى قال حدثنا عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة عن عائشة أم المؤمنين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لها: يا عائشة لولا حداثة قومك بالكفر لرددت (97) في الكعبة ما نقصوا منها ولجعلت لها باباً آخر.
حدّثني جدي قال حدثنا إبراهيم بن محمد قال حدثنا حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: إذا فتح الله لي إن شاء الله رددت الكعبة على ما كانت عليه على عهد إبراهيم فأدخلت من الحجر فيها وجعلت لها باباً بالأرض وجعلت لها باباً آخر فإن قريشاً إنما جعلوا الدرجة لأن لا يدخل الناس إلا بإذن. حدّثني جدي قال حدثنا سفيان ابن عيينة عن داود بن سابور عن مجاهد قال لما عزم ابن الزبير على هدم الكعبة خرجنا إلى منى ننتظر العذاب ثلاثاً وأمر ابن الزبير الناس أن يهدموا فلم يجترئ أحد على هدمها فلما رآهم لا يقدمون عليها أخذ هو بنفسه المعول ثم ارتقى فوقها فهدم فلما رأى الناس أنه لم يصيبه شيء اجترءوا على هدمها قال: فهدموا (98) وأدخل عامة الحجر فيها فلما ظهر الحجاج رد الذي كان ابن الزبير أدخل من الحجر فقال عبد الملك بن مروان وددنا أنا تركنا أبا خبيب (99) وما تولى من ذلك - يعني ابن الزبير -.
وحدّثني (100) جدي قال حدثنا ابن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد قال: رأت ابن الزبير هدم الكعبة وأراهم أساساً داخلاً في الحجر أخذ بعضه بعضاً كلما حرك منه شيء تحرك كله فبنى عليه الكعبة.
حدّثني مهدي بن أبي المهدي عن عيسى بن يونس عن عبد الله بن مسلم بن هرمز قال حدثني يزيد مولى ابن الزبير قال: شهدت ابن الزبير احتفر في الحجر فأصاب أساس البيت حجارة حمر كأنها الخلايق (101) تحرك الحجر فيهتز له البيت فأصاب في الحجر من البيت ستة أذرع وشبراً وأصاب فيه موضع قبر فقال ابن الزبير: هذا قبر إسماعيل فجمع قريشاً ثم قال لهم اشهدوا ثم بنى.
حدّثني محمد بن واضح عن سليم (102) بن مسلم عن عمر بن قيس عن سعيد بن مينا - وكان على سوق مكة لابن الزبير - قال: لما أراد ابن الزبير بناء الكعبة عالج الأساس فإذا وضع الباني العتلة في حجر ارتجت جوانب البيت فأمسك عنه، حدثني إبراهيم بن محمد الشافعي عن سفيان بن عيينة عن عبد الله ابن أبي يزيد قال: رأيت ابن الزبير حين هدم الكعبة فأراهم أساساً آخذاً بعضه ببعض كلما حرك منه شيء تحرك كله قال: فرأيت فضل البيت في الحجر قال سفيان: فذكر نحواً من ستة (103) أذرع.
حدّثني جدي قال حدثنا مسلم بن خالد عن ابن أبي نجيح عن سليمان بن مينا عن عبد الله بن عمرو ابن العاص قال: إذا رأيت قريشاً هدموا البيت ثم بنوه فزوقوه فإن استطعت أن تموت (104) فمت.
حدّثني جدي عن مسلم بن خالد الزنجي عن يسار بن عبد الرحمن قال: شهدت ابن الزبير حين فرغ من بناء البيت كساه القباطي وقال: من كانت لي عليه طاعة فليخرج فليعتمر من التنعيم قال: فما رأيت يوماً كان أكثر عتيقاً ولا أكثر بدنة مذبوحة (105) من يومئذ، أخبرني محمد بن يحيى عن الواقدي عن موسى بن يعقوب عن عمه قال: هدم ابن الزبير البيت حتى وضعه بالأرض وبناها من أسها وأدخل (106) الحجر عنده وكان قد احترق واحترق (107) الخشب والحجارة وانصدع الركن بثلاث فرق فرأيته منكسراً حتى شده ابن الزبير بالفضة ثم ادخل الحجر في البيت ونصب الخشب حول البيت ثم سترها وبنوا من وراء الستر حتى بلغ الركن الأسود فوضعه وشده بالفضة ثم رد البيت على بنائه وزاد في طولها فجعلها سبعة وعشرين ذراعاً وخلق جوفها، ولطخ جدرها بالمسك حين فرغ منها، وجعل لها بابين موضوعين بالأرض باباً في وجهها، وباباً بازائه من خلفها (108) يدخل من هذا الذي في وجهها ويخرج من الآخر واعتمر حين فرغ من الكعبة ماشياً مع رجال من قريش وغيرهم منهم عبد الله بن صفوان وعبيد بن عمير، حدّثني محمد بن يحيى عن الواقدي عن موسى بن يعقوب عن عمه عن الحارث بن عبد الله بن وهب بن زمعة قال: ارتحل الحصين بن نمير من مكة لخمس ليال خلون من شهر ربيع الآخر سنة أربع وستين وأمر ابن الزبير بالخصاص التي كانت حول الكعبة فهدمت وبالمسجد فكنس مما فيه من الحجارة والدماء فإذا الكعبة متوهنة ترتج من أعلاها إلى أسفلها فيها أمثال جيوب النساء من حجارة المنجنيق وإذا (109) الركن قد اسود واحترق (110) وتفلق من الحريق فرأيته ثلاث (111) فرق (112) فشاور ابن الزبير الناس في هدمها فأشار عليه (113) جابر بن عبد الله، وعبيد بن عمير (114) بهدمها وأبى ذلك عليه ابن عباس وقال: (115) أنا أخشى أن يأتي بعدك من يهدمها فلا تزال تهدم وتبني فيتهاون الناس بحرمتها فلا أحب ذلك، أخبرني محمد بن يحيى عن الواقدي عن شرحبيل عن أبي عون عن أبيه قال: رأيت الحجر قد انفلق واسود من الحريق فانظر إلى جوفه ابيض كأنه الفضة وقد كان شاور المسور بن مخرمة بن نوفل (116) قبل أن يموت بهدمها وبنائها فأشار عليه بذلك.
حدّثنا محمد بن يحيى عن الواقدي عن عبد الله بن محمد عن أبيه عن جده أنه سمع عبد الله بن عمر يسأل نايل بن قيس الجذامي عن الأساس فقال نايل اتبعنا الأساس في الحجر فوجدنا أساس البيت واصلاً بالحجر كأنه أصابعي هذه وشبك بين أصابعه فسمعت ابن عمر يكبر ويحمد الله عز وجل على ذلك. أخبرني محمد بن يحيى عن الواقدي عن محمد بن عمرو (117) عن أبي الزبير قال: سمعت عبد الرحمن بن سابط يقول: دعانا ابن الزبير خمسين رجلاً من قريش فنظرنا إلى الأساس (118) فإذا هو واصل بالحجر مشبك كأصابع يدي هاتين وشبك بين أصابعه فقال ابن الزبير: اشهدوا ثم بنى. قال عبد الرحمن ابن سابط: فجلست مع ابن عباس فأخبرته فقال ابن عباس: ما زلنا نعلم أن من البيت في الحجر.
حدّثنا محمد بن يحيى عن الواقدي عن إبراهيم بن موسى عن عكرمة بن خالد المخزومي قال: هدم ابن الزبير البيت حتى سواه بالأرض وحفر أساسه وأدخل الحجر فيه وكان الناس يطوفون من وراء الستر (119) ويصلون إلى موضعه وجعل الركن في تابوت في سرقة من حرير فأما ما كان من حلي البيت وما وجد فيه من ثياب أو طيب فإنه جعله عند الحجبة في خزانة الكعبة حتى أعاد بناءها قال عكرمة: فرأيت الحجر الأسود فإذا هو ذراع أو يزيد، وأخبرني محمد بن يحيى عن الواقدي عن شرحبيل بن أبي عون عن أبيه قال: لما هدم عبد الله بن الزبير البيت ندم كل من كان أشار عليه وأعظموا (120) ذلك.
حدّثني محمد بن يحيى عن الواقدي عن سليمان بن داود بن الحصين عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس أنه أبى على ابن الزبير هدمها وقال: أخاف أن يأتي بعدك من يهدمها ثم يأتي بعد ذلك آخر فإذا هي تهدم أبداً وتبنى فسكت عبد الله بن الزبير ولم يقرب ابن عباس مكة حتى فرغ منها.
وأخبرني محمد بن يحيى عن الواقدي عن إبراهيم بن موسى عن عكرمة بن خالد قال: لما بنى ابن الزبير الكعبة انتهى به إلى الأساس (121) الأول وأدخل الحجر فيها فلما انتهى إلى موضع الركن الأسود جاء به ابن الزبير وولده حتى رفعوه (122) ووضعوه بأيديهم في ساعة خالية تحروا بها غفلة الناس نصف النهار في يوم صايف، وأخبرني محمد بن يحيى عن الواقدي عن عبد العزيز بن المطلب عن إسحاق بن عبد الله ابن أبي فروة عن أبي جعفر قال: ابن الزبير وضعه وولده نصف النهار في حر شديد فرأيت قريشاً غضبوا في ذلك، وأخبرني محمد بن يحي عن الواقدي عن ابن جريج عن خلاد بن (123) عطاء عن أبيه وكان يعمل في البيت محتسباً قال: وكان الركن في تابوت مقفل عليه فلما كان وقت وضعه وقد نقر له حجران طوبق بينهما ثم أدخل فيه فلما فرغ من ذلك خرج ابن الزبير في يوم صايف نصف النهار فاشار إلى جبير بن شيبة الحجبي فادخلاه في موضعه وبنى عليه قال عطاء أبو خلاد وأنا حاضر ذلك. وأخبرني محمد بن يحيى عن الواقدي عن ابن جريج عن منصور بن عبد الرحمن الحجبي عن مسافع الحجبي قال: لما بنى ابن الزبير البيت (124) حتى بلغ موضع الركن تواعد الحجبة قال مسافع: وأنا فيهم فلما دخل ابن الزبير في الصلاة حسبت الظهر خرج الحجبة بالركن من الصفوف وأنا فيهم فرفعناه فجاء حمزة ابن عبد الله بن الزبير وأخذ بطرف الثوب فرفع معنا، وأخبرني مسافع أن الركن أخذ عرض الضفير ضفير (125) البيت، حدثني محمد بن يحيى عن الواقدي عن ابن جريج وعبد الله بن عمر بن حفص عن منصور بن عبد الرحمن الحجبي عن أمه قالت كان الحجر الأسود قبل الحريق مثل لون المقام فلما احترق اسود قال فلما احترقت الكعبة تصدع بثلاث فرق فشده ابن الزبير بالفضة، وأخبرني محمد بن يحيى عن الواقدي عن علي بن زيد عن أبيه عن جده قال: رأيت ابن الزبير هدمها كلها فلما بنى وفرغ خلق جوفها بالعنبر والمسك ولطخ جدرها من خارج بالمسك وسترها بالديباج وأدخل الحجر فيها ورد الركن الأسود في موضعه وكان قد انكسر بثلاث فرق من الحريق الذي أصاب الكعبة وكان الركن عند ابن الزبير في بيته في صندوق عليه قفل فلما بلغ البناء موضع الركن جاء ابن الزبير حتى وضعه هو بنفسه وشده بالفضة فهو مشدود بالفضة واعتمر من خيمة جمانة (126) ماشياً (127) فرأى الناس أن قد أحسن ابن الزبير ولبى حتى نظر إلى (128) البيت، وأخبرني محمد بن يحيى عن الواقدي عن ابن جريج عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: وفد الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة على عبد الملك بن مروان فقال له عبد الملك: ما أظن أن أبا خبيب - يعني ابن الزبير - سمع من عائشة رضي الله عنها ما كان يزعم أنه سمعه منها قال الحارث: أنا سمعته منها قال: سمعتها تقول ماذا؟ قال سمعتها تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن قومك استقصروا في بنيان الكعبة ولولا حداثة قومك بالشرك أعدت فيها ما تركوا منها فإن بدا لقومك أن يبنوها فهلمي لأريك ما تركوا من البيت فأراها قريباً من سبعة (129) أذرع.
حدّثني محمد بن يحي عن الواقدي عن عطاف بن خالد المخزومي عن أبيه عن قبيصة بن ذؤيب قال: سمعته يقول: لقد كان عبد الملك بن مروان ندم حين هدم البيت ورده على بنيانه الأول قال: ليتني كنت حملت ابن الزبير وما (130) تحمل، حدّثنا محمد بن يحيى عن الواقدي عن إبراهيم بن شعيب مولى لقريش عن المسور بن رفاعة عن محمد بن كعب القرظي قال: لما حج سليمان بن عبد الملك (131) وهو خليفة طاف بالبيت وأنا إلى جنبه قال: كيف كان بناء الكعبة حين بناها ابن الزبير؟ فأشار له عمر ابن عبد العزيز وهو إلى جنبه من الشق الآخر إلى ما كان ابن الزبير فعل وأنه (132) جعل لها بابين وأدخل الحجر في البيت فقال سليمان: ليت أن أمير المؤمنين - يعني عبد الملك - كان ولى ابن الزبير ما تولى من ذلك فقال له عمر بن عبد العزيز: أما أني قد (133) سمعته يقول: ليت أني تركت ابن الزبير وما تحمل قال سليمان: أنت سمعته يقول ذلك؟ قال: نعم ثم التفت إلى محمد بن كعب فقال: كم طولها؟ قال: سبعة وعشرون (134) ذراعاً قال: وعلى ذلك كانت؟ قال: لا قال: فكم كانت؟ (135) قال: كانت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية (136) عشر ذراعاً قال: فمن زاد فيها؟ قال: ابن الزبير قال سليمان: لولا أنه أمر كان أمير المؤمنين فعله لأحببت أن أردها على ما بناها ابن الزبير ثم قال: علي بحجاب البيت فدخل هو وعمر بن عبد العزيز ومحمد بن كعب القرظي فجعل سليمان ينظر إلى ما فيها من الحلي فقال لابن كعب: ما هذا؟ قال: يا أمير المؤمنين أقره رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح (137) مكة ثم أقره الولاة بعده أبو بكر، وعمر وعثمان، وعلي، ومعاوية رضي الله تعالى عنهم قال: صدقت* (138)
 
طباعة

تعليق

 القراءات :848  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 46 من 288
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.