شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

الرئيسية > كتاب الاثنينية > أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار > الجزء الأول > باب ما جاء في أول من نصب الأصنام وما كان من كسرها
 
باب ما جاء في أول من نصب الأصنام (1) وما كان من كسرها
حدّثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي عن سعيد بن سالم عن عثمان ابن ساج قال: حدثني محمد بن إسحاق أن جرهم لما طغت في الحرم دخل رجل منهم بامرأة منهم الكعبة ففجر بها ويقال إنما قبلها فيها فمسخا حجرين اسم الرجل أساف بن بغاء، واسم المرأة نائلة بنت ذئب (2) فأخرجا (3) من الكعبة فنصب أحدهما على الصفا والآخر على المروة، وإنما نصبا هنالك ليعتبر بهما الناس ويزدجروا عن مثل ما ارتكبا لما يرون من الحال التي صارا إليها فلم يزل الأمر يدرس ويتقادم حتى صارا يمسحان، يتمسح (4) بهما من وقف على الصفا والمروة ثم صارا وثنين يعبدان، فلما كان عمرو ابن لحي أمر الناس بعبادتهما والتمسح بهما وقال للناس: إن من كان قبلكم كان يعبدهما، فكانا كذلك حتى كان قصي بن كلاب فصارت إليه الحجابة وأمر مكة فحولهما من الصفا والمروة فجعل أحدهما بلصق الكعبة وجعل الآخر في موضع زمزم ويقال: جعلهما جميعاً في موضع زمزم وكان ينحر عندهما وكان أهل الجاهلية يمرون بأساف ونائلة ويتمسحون بهما وكان الطايف إذا طاف بالبيت يبدأ بأساف فيستلمه فإذا فرغ من طوافه ختم بنائلة فاستلمها، فكانا كذلك حتى كان يوم الفتح فكسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ما كسر من الأصنام. حدّثني محمد بن يحيى المديني عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى عن ابن حزم عن عمرة أنها قالت: كان أساف ونايلة رجلاً وامرأة فمسخا حجرين فأخرجا من جوف الكعبة وعليهما ثيابهما فجعل أحدهما بلصق الكعبة، والآخر عند زمزم وكان يطرح بينهما ما يهدى للكعبة، ويقال: أن ذلك الموضع كان يسمى (الحطيم) وإنما نصبا هنالك ليعتبر بهما الناس. فلم يزل أمرهما يدرس حتى جعلا وثنين يعبدان وكانت ثيابهما كلما بليت أخلفوا لهما ثياباً ثم أخذ الذي بلصق الكعبة فجعل مع الذي عند زمزم، وكانوا يذبحون عندهما ولم تكن تدنو منهما امرأة طامث ففي ذلك يقول الشاعر بشر بن أبي حازم الأسدي أسد خزيمة:
عليه الطير ما يدنون منه
مقامات العوارك من أساف
حدّثني جدي قال: حدثنا سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج قال: أخبرني ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن علي بن عبد الله بن عباس قال: لقد دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة (5) يوم الفتح وأن بها ثلاثماية وستين صنماً قد شدها (6) إبليس بالرصاص وكان بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم قضيب فكان يقوم عليها ويقول: (7) جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ثم يشير إليها بقضيبه فتتساقط (8) على ظهورها، وحدّثني جدي عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أبي معمر عن عبد الله ابن مسعود قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وحول الكعبة ثلاثماية وستون صنماً فجعل يطعنها ويقول: جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا، جاء الحق وما يبدي الباطل ولا يعيد.
حدّثنا محمد بن يحيى قال حدثنا عبد العزيز بن عمران عن محمد بن عبد العزيز عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وحول الكعبة ثلاثماية وستون صنماً، منها ما قد شد بالرصاص فطاف على راحلته وهو يقول: جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً، ويشير إليها فما منها صنم أشار إلى وجهه إلا وقع على دبره، ولا أشار إلى دبره إلا وقع على وجهه حتى وقعت كلها، وقال ابن إسحاق: لما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر يوم الفتح أمر بالأصنام التي كانت حول الكعبة كلها فجمعت ثم حرقت بالنار وكسرت وفي ذلك يقول فضالة بن عمير بن الملوح الليثي في ذكر يوم الفتح:
أوما (9) رأيت محمدا وجنوده
بالفتح يوم تكسر الأصنام
لرأيت نور الله أصبح بيناً
والشرك يغشى وجهه الإظلام
حدّثني جدي عن محمد بن إدريس عن الواقدي عن ابن أبي سبرة عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة عن ابن عباس قال: ما يزيد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يشير بالقضيب إلى الصنم فيقع لوجهه فطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعاً على راحلته يستلم الركن الأسود (10) بمحجنه فلما فرغ من سبعة نزل عن راحلته ثم انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقام وجاءه معمر بن عبد الله بن فضلة (11) فأخرج راحلته والدرع عليه والمغفر وعمامته بين كتفيه فصلى ركعتين ثم انصرف إلى زمزم فاطلع فيها وقال: لولا أن تغلب بنو (12) عبد المطلب لنزعت منها دلواً. فنزع له العباس بن عبد المطلب دلواً فشرب وأمر بهبل فكسر وهو واقف عليه فقال الزبير بن العوام لأبي سفيان بن حرب: يا أبا سفيان (13) قد كسر هبل أما إنك قد كنت منه يوم أحد في غرور حين تزعم أنه قد أنعم عليك. فقال أبو سفيان: دع هذا عنك يا بن العوام فقد أرى أن (14) لو كان مع إله محمد غيره لكان غير ما كان.
حدّثني جدي عن محمد بن إدريس عن الواقدي عن أشياخه قالوا: (15) كان أساف ونائلة رجلاً وامرأة، الرجل أساف بن عمرو، والمرأة نائلة بنت سهيل من جرهم فزنيا في جوف الكعبة فمسخا حجرين فاتخذوهما يعبدونهما وكانوا يذبحون عندهما ويحلقون رؤسهم عندهما إذا نكسوا، فلما كسرت الأصنام كسراً فخرجت من أحدهما امرأة سوداء شمطاء تخمش وجهها عريانة ناشرة الشعر تدعو بالويل فقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك. فقال: تلك نايلة قد أيست أن تعبد ببلادكم أبداً. ويقال: رن إبليس ثلاث رنات رنة حين لعن فتغيرت صورته عن صورة الملائكة، ورنة حين رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً بمكة يصلي، ورنة حين افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فاجتمعت إليه ذريته فقال إبليس: أيئسوا أن تردوا أمة محمد (16) على الشرك بعد يومهم هذا أبداً، ولكن أفشوا فيهم النوح والشعر، وذكر الواقدي عن أشياخه قال: نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح بمكة، من كان يؤمن بالله ورسوله (17) فلا يدعن في بيته صنماً إلا كسره فجعل المسلمون يكسرون تلك الأصنام قال: وكان عكرمة بن أبي جهل حين أسلم لا يسمع بصنم في بيت من بيوت قريش إلا مشى إليه حتى يكسره، وكان أبو تجارة يعمل في الجاهلية ويبيعها ولم (18) يكن في قريش رجل بمكة إلا وفي بيته صنم، وقال الواقدي: وحدّثني ابن أبي سبرة عن سليمان بن سحيم عن بعض آل جبير بن مطعم عن جبير بن مطعم قال: لما كان يوم الفتح نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يتركن في بيته صنماً إلا كسره وأحرقه (19) وثمنه حرام قال جبير: وقد كنت أرى قبل ذلك الأصنام يطاف بها بمكة (20) فيشتريها أهل البدو فيخرجون بها إلى بيوتهم وما من رجل من قريش إلا وفي بيته صنم إذا دخل يمسحه، وإذا خرج يمسحه تبركاً به، قال الواقدي: وأخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عبد الحميد بن سهيل (21) قال: لما أسلمت هند بنت عتبة جعلت تضرب صنماً في بيتها بالقدوم فلذة فلذة وهي تقول: كنا منك في غرور*
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :734  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 30 من 288
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.