شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 31 ـ
محمد بن مسلمة: يا لها من شفاعة عند الله ولولا ذلك لكان القتل أقل عقاب لحاطب على فعلته هذه..
عباد: ولكنه قتل نفسه أدبياً ومعنوياً أمام الناس وحرم نفسه من الاشتراك في هذه المعركة. قل لي يا بن مسلمة هل اقترب موعد خروجنا لها..
محمد بن مسلمة: بلى يا عباد بلى..
عباد: كيف عرفت يا أخي..؟
محمد بن مسملة: بعث رسول الله صلَّى الله عليه وسلم إلى من حوله من القبائل يقول لهم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحضر رمضان بالمدينة..
عباد: يا لها من حكمة رائعة في الاستنفار.. لقد طلبهم رسول الله ولم يعلمهم الأسباب مخافة أن يخبروا قريشاً بوجهة الغزو..
محمد بن مسلمة: إذا استجابت هذه القبائل المسلمة للدعوة فسيكون أكبر جيش جهزه رسول الله صلَّى الله عليه وسلم حتى الآن..
عباد: وهذا ما يعمل رسول الله عليه لأنه سيغزو قريشاً في عقر دارها ولأن المعركة بالنسبة للمسلمين معركة حاسمة فيها سيتقرر مصير الطرفين.
محمد بن مسلمة: صحيح أن المعركة المرتقبة معركة مصيرية بالنسبة لنا ولقريش غير أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يريد أن يباغت قريشاً قبل أن تستعد ويدخل مكة من دون سفك دماء..
عباد: أما سمعت دعاء الرسول صلَّى الله عليه وسلم بأن يأخذ على قريش أسماعها وأبصارها فلا يرونا إلا بغتة ولا يسمعون بنا إلا فلتة ولا شك أن الله سبحانه وتعالى سيتقبل دعاء نبيه..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت هند بنت عتبة تقول):
هند: أراني اليوم حزينة مغتمة يا أبا سفيان. لقد كنت أتخبط طول ليلي في رؤى وأحلام مزعجة مرعبة..
أبو سفيان: عسى أن منظر الدماء الذي رأيته في الماضي لم يظهر لك هذه المرة.
هند: لا يا أبا سفيان.. ولكني كنت أحس بأشياء تغطني حتى تكاد تخنقني وأحاول أن أصرخ فلا أستطيع..
أبو سفيان: إنه الكابوس يا هند. لقد رأيتك أمس تتقلبين كثيراً في منامك أما أنا..
هند: أما أنت فماذا جرى لك؟..
أبو سفيان: قضيت ليلي ساهداً أتقلب على فراشي وكأني أتقلب على جمر الغضى أفكر في حل لما نحن فيه وأستعرض الخطط التي قد يلجأ إليها والخطط التي يجب أن ندفعه بها..
هند: يا لها من ليلة ليلاء قضيناها معاً. فهل يلاقي بقية زعماء قريش مثلما نلاقي؟..
أبو سفيان: من يدري يا هند.. لعلّهم يكابدون مثلما نكابد.. إنهم إن كانوا مخلصين لبلادهم فلا شك أنهم يتعذبون مثلما نتعذب.
هند: أليس لليل هذا العذاب آخر يا أبا سفيان؟..
أبو سفيان: نحن متحيرون خائفون مترقبون.
هند: ألا أخبار لديكم عن محمد وتحركات محمد؟..
أبو سفيان: لقد عميت عنا أخبار محمد يا هند.. وما يتسرب لدينا منها لا يبشر بخير..
هند: إذن فمحمد عازم على غزو أهل مكة فلم لا تستعدون لذلك قبل أن يفاجئكم محمد بجيوش لا قبل لكم بها..
أبو سفيان: الناس هنا واجمون كأنما أصيبوا بالغفلة والبله. إن كلمتهم في الاستعدادات تململوا وتقاعسوا وقالوا مازال مفعول صلح الحديبية سارياً.
هند: والأحابيش ألم تتصل بهم يا أبا سفيان؟..
أبو سفيان: والأحابيش ليس عندها أي استعداد للقتال..
هند: ألا ترى أن المسلمين الموجودين بين ظهرانينا يلعبون دوراً كبيراً في تثبيط عزائم الناس عن القتال أو الاستعداد له على الأقل..
أبو سفيان: لا يستبعد ذلك يا هند فكل مسلم هنا هو عين لمحمد وهو حرب علينا مع محمد.. ولكنهم قلة ولا أظن أن لهم فاعلية كبيرة..
هند: وأبو الكلام..؟
أبو سفيان: من هو أبو الكلام؟..
هند: سهيل بن عمرو ألا يقوم خطيباً في الناس يحضهم على الاستعداد للأعداء. وليس من الضروري أن يشير إلى محمد.. ولكن المفهوم الخفي لكلامه أنه لا عدو لقريش إلا محمداً وأصحاب محمد..
أبو سفيان: حتى سهيل بن عمرو يشكو إلى أن تفكيره تبلد ولسانه قد أُلجم بلجام لا يدري من فعله به..
هند: وضع غريب وخطير يدعو إلى التفكير في علاج سريع قبل أن تأتينا رياح محمد فتقلب هذا البلد وتدك عاليه سافله..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حربية تختلط بصهيل الخيل وقعقعة السلاح وصليل السيوف نسمع بعدها صوت عباد بن بشر يقول):
عباد: صح تقديرك يا بن مسلمة فالجيش الذي خرج به رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يربو على العشرة آلاف..
محمد بن سلمة: وسيلحق بنا في الطريق عدد ليس بالقليل من أماكنهم بعيدة عن المدينة.
عباد: هانحن نصل الجحفة وكل شيء على ما يرام..
(نسمع ضجيجاً مسبوقاً بموسيقى نسمع بعده صوت محمد بن مسلمة يقول:
محمد بن مسلمة: أتسمع الضجيج يا عباد..؟
عباد: بلى يا بن مسلمة.. لكأني أرى وجه العباس بن عبد المطلب يتكشف من خلف هذا الضجيج..
محمد بن مسلمة: العباس بن عبد المطلب.. إنه شحنة من الأخبار يا عباد.. هلم بنا عليه نتلقف منه أخبار قريش..
عباد: هاهو رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يتلقى عمه ومحياه الكريم يشرق بالبشر والترحيب..
محمد بن مسلمة: انظر إن مسحة من الذهول ترين على وجه العباس مما يدل على أنه لا علم له بتحركات جيشنا..
عباد: إنها لبشرى يا بن مسلمة فالعباس وثيق الصلة بزعماء لا تخفى عليه من أخبارهم خافية..
محمد بن مسلمة: هذا الذهول والاستغراب في وجه العباس يدل أيضاً على شيء آخر يا عباد..
عباد: ما هو..
محمد بن مسلمة: إن المفاجأة أذهلته ولا شك أنه سر بها ولكن استمرار الذهول لا يمكن تفسيره إلا على أن العباس أصبح يخشى إن دخل جيش ابن أخيه إلى مكة عنوة فقل على أهلها العفاء..
عباد: تعليل في محله يا بن مسلمة..
محمد بن مسلمة: ولذلك فالعباس يفكر في طريقة ينقل بها خبر هذا الجيش إلى قريش ليخرجوا إلى النبي صلَّى الله عليه وسلم ويأخذوا منه الأمان.
عباد: أترى حراسك وحراسي سيمكنونه من تنفيذ ما يعتلج في نفسه.
محمد بن مسلمة: هاهم الحرس يأتون بأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم النبي صلَّى الله عليه وسلم..
عباد: أبو سفيان ليس وحده بل معه شخص آخر من هو يا بن مسلمة…؟
محمد بن مسلمة: هو عبد الله بن أبي أمية ابن عمة رسول الله وآخر أم سلمة زوج الرسول الأعظم. إنهما كانا من أشد الناس أذية لرسول الله.
عباد: لا شك أن رسول الله سيعرض عنهما..
محمد بن مسلمة: لعلّ أم سلمة زوج الرسول تشفع لهما. تعال نشهد اللقاء فطبيعة عملنا تقتضي بقاؤنا دائماً بالقرب من رسول الله صلَّى الله عليه وسلم..
عباد: هاهو رسول الله يقول لأم سلمة لا حاجة لي بهما. أما ابن عمي فهتك عرضي. وأما ابن عمتي وصهري فهو الذي قال بمكة ما قال.
محمد بن مسلمة: أتدري ما قاله النبي صلَّى الله عليه وسلم بمكة يومئذ؟..
عباد: لا يا بن مسلمة.. ماذا قال؟..
محمد بن مسلمة: قال: والله لا آمنّت بك يا محمد حتى تأخذ سلماً فتعرج إلى السماء وأنا أنظر إليك ثم تأتي بصك وأربعة من الملائكة يشهدون أن الله أرسلك.
عباد: ما افظع ما قال.. لا أدري بأي وجه يقابل رسول الله..
محمد بن مسلمة: ولكن قلب الرسول العظيم يعفو عن كثير.. وقد عفا عمن أرادوا قتله فكيف لا يعفو عن صهره وابن عمته وابن عمه..
عباد: صدقت يا بن مسلمة هاهو قلب النبي صلَّى الله عليه وسلم يرق فيعفو ويقول لهما.. لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين..
محمد بن مسلمة: وإنك لعلى خلق عظيم.. صدق الله العظيم.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مكرز بن حفص يقول):
مكرز: ابلغتك آخر الأخبار يا أبا جندل؟..
سهيل:ما هي يا مكرز..
مكرز: خروج العباس بن عبد المطلب إلى يثرب بأهله وأولاده..
سهيل:خبر مثير يدل على ما وراءه..
مكرز: وما تظن وراءه؟..
سهيل:غزو محمد أصبح أمراً محتماً..
مكرز: هل كانت قريش في شك من ذلك يا أبا جندل؟..
سهيل:لا ولكن ليس بهذه السرعة.. إن خروج العباس قد برهن بجلاء على أن محمداً مصمم على غزو مكة بل إن صدق حدسي فمحمد في طريقه إلى مكة..
مكرز: كيف قدرت هذا يا أبا جندل؟..
سهيل:إن العباس على علاقة وطيدة بمحمد فهو عينه هنا وهو نقطة الارتكاز والملجأ الذي يعتمد عليه المسلمون الموجودون في مكة. وخروجه لا يعني إلا شيئاً واحداً لا ثاني له هو غزو محتم من محمد لقريش..
مكرز: ألم تحتاطوا لهذا الهجوم المرتقب؟..
سهيل:الكل ما ترى يا مكرز واجم ساهم قلق خائف. حائر متردد لا يعرف ماذا يخبىء له المستقبل وماذا يجب عليه أن يفعل..
مكرز: والله إن هذه الحال بداية النهاية يا سهيل.. وأبو سفيان ماذا يفعل..
سهيل:إنه يتخبط في هذا الظلام الدامس من الحيرة والقلق على مصير هذا البلد الذي يتهدده الخطر ولا ندري كيف ندفعه..
مكرز: أمركم عجيب أيها القادة والرأي يا أبا جندل.. هل تظلون على هذه الحال حتى يأخذ محمد هذا البلد لقمة سائغة..
سهيل:إن أبا سفيان يقوم باستطلاعات واسعة لمعرفة تحركات محمد وأصحاب محمد. ثم أنت يا مكرز كنا نعتمد عليك في مثل هذه الأمور ولكني اراك مثلنا في الهوى..
مكرز: رحلتي إلى اليمن هي التي حالت دون قيامي بالمهمة التي اعتدت أن أقوم بها. ثق من ذلك يا أبا جندل..
سهيل:ولكنك عدت منذ عدة أيام فهل حصلت على غير ما قلت من خروج العباس بن عبد المطلب..
مكرز: فاتني أن أقول لك أيضاً خروج أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وعبد الله بن أبي أمية إلى يثرب..
سهيل:عم محمد وابن عمه وابن عمته وصهره خروج هؤلاء كلهم في وقت واحد لا يدع مجالاً للشك في غزو محمد لأهل مكة..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت ابي سفيان يقول):
أبو سفيان: ما هذه النيران الكثيرة التي أرى يا بديل لكأنها نيران عساكر للروم والأكاسرة أو نيران عرفه..
بديل: إنها في رأيي نيران خزاعة..
أبو سفيان: إن خزاعة أذل من أن تكون هذه نيرانها أو عساكرها..
بديل: إذن نيران من يا أبا سفيان..
أبو سفيان: إذا صدق حدسي فهي نيران محمد وجيش محمد..
الحرس: ثقوا وإلا قتلناكم..
أبو سفيان: من أنتم من تتهددونا..؟
الحرس: نحن حرس جيش رسول الله صلَّى الله عليه وسلم الذي يملأ هذا السهل طولاً وعرضاً.
بديل: إن عمر بن الخطاب على رأس الحرس يقول.. الحمد لله الذي أمكن منك يا عدو الله من غير عقد ولا عهد.
أبو سفيان: ويلي من عمر إنه سيقتلني ورب الكعبة..
بديل: صه يا أبا سفيان. إن العباس بن عبد المطلب يقول لعمر بن الخطاب. إنه أجارك..
أبو سفيان: فداك أبي وأمي يا أبا الفضل لقد جئت في الوقت المناسب..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :597  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 31 من 58
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.