شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 19 ـ
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حربية نسمع بعدها صوت هند بنت عتبة تصيح محتدة):
هند: ما هذا الذي أسمع يا أبا سفيان.. بيعة على الموت.. على عدم الفرار.. كل هذا أثر إشاعة مختلقة عن قتل عثمان بن عفان. ماذا أنتم فاعلون يا قادة قريش تجاه هذا الخطر؟..
أبو سفيان: يجب أن نوفد سهيل بن عمرو إلى محمد في الحال. إن أبا جندل فيه كياسة وحصافة ولباقة وفصاحة وإني جد مطمئن أنه سيخمد الثورة التي ألهبتها إشاعة مقتل عثمان بن عفان..
هند: عمرك أطول من عمري كنت سأقول لك أن إيفاد سهيل بن عمرو قد أصبح ضرورة ملحة بعد أن تطورت الأمور من سيء إلى أسوأ..
أبو سفيان: لعلّ أبا جندل يتمكن أيضاً من إطلاق أسار الخمسين قريشياً الذين أسرهم محمد بن مسلمة قائد حرس محمد.
هند: أهؤلاء هم الذين كانوا مع مكرز بن حفص..
أبو سفيان: بلى يا هند بلى.. وقد أسروا في غمضة عين وافلت مكرز بن حفص بأعجوبة..
هند: يا لغباء مكرز.. كنت أحسبه واسع الحيلة.. سريع البديهة شجاعاً مقداماً فإذا به أول الفارين حين جد الجد.
أبو سفيان: أتضعين مكرز بن حفص في ميزان محمد بن مسلمة وهو أعظم قائد أنجبته الأنصار. إنه اليد اليمنى التي يعتمد عليها محمد في أموره ومهامه العسكرية.
هند: إن محمداً صانع الرجال.. هذه شهادة قد لا ينتظرها محمد مني ولكن هي الحقيقة يا أبا سفيان. لقد صنع من الأوس والخزرج رجالاً ذقنا منهم الأمرين..
أبو سفيان: أتركك الآن يا هند لأذهب إلى اجتماع الندوة وتعد العدة لإيفاد سهيل بن عمرو..
هند: يجب أن يصر سهيل بن عمرو على أن يرجع محمد ومن معه هذا العام على أن يعود من قابل. وأن لا يتساهل في هذا الشرط ولو أدى ذلك إلى قتال محمد فلن نرضى أن تتحدث العرب بأن محمداً دخل مكة عنوة.
أبو سفيان: ثقي يا هند سنتمسك بهذا الشوط مهما كلفنا الثمن فكرامة قريش وسيادتها وسلامتها في تنفيذ هذا الشرط..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حربية تختلط بأصوات تنادي)..
الأصوات: لبيك يا رسول الله.. لبيك يا رسول الله.. نبايعك على أن لا نفر. نبايعك على الموت..
(موسيقى صاخبة تصاحب هذه النداءات نسمع بعدها صوت عباد بن بشر يقول):
عباد بن بشر: قريش توفد يا سلمة سهيل بن عمرو ومكرز بن حفص وحويطب بن عبد العزى وعندما يراهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقول سهيل أمركم..
سلمة: إن هذا الوفد أول رد فعل حسن للبيعة التي بايعنا فيها رسول الله صلَّى الله عليه وسلم..
عباد: هلمّ بنا نشهد دخول وفد قريش على النبي صلَّى الله عليه وسلم ونقف بجانبه.
سلمة: سهيل بن عمرو يرأسهم يا عباد وهو كما تعرف فصيح اللسان والبيان قوي الحجة والجنان..
عباد: ليت رسول الله يأمرنا بأخذ هذا الوفد رهائن حتى يعود عثمان بن عفان..
سلمة: أيكون المسلمون أدنياء كالمشركين فنحتبس وفد قريش كما احتبسوا وفدنا. نحن أرفع وأسمى من أن نرتكب دنية كهذه..
عباد: صه يا سلمة فقد انتهى سهيل بن عمرو إلى رسول الله وجثا أمامه وهو يقول..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى خفيفة نسمع بعدها صوت سهيل بن عمرو يقول):
سهيل:يا محمد: إن الذي كان من حبس أصحابك وما كان من قتال من قاتلك لم يكن من رأي ذوي رأينا بل كنا كارهين له حين بلغنا ولم نعلم به وكان من سفهائنا فابعث إلينا بأصحابنا الذين أمرت أولاً وثانياً..
سلمة: يا له من طلب وقح نفك أسراهم ويعتقلون أسرانا. لقد أخلف سهيل بن عمرو ظني فيه.
عباد: صه يا سلمة أن رسول صلَّى الله عليه وسلم يجيب سهيل بن عمرو بما معناه. أنه لن يطلق أسراهم حتى يطلقوا أسرانا أولاً.
سهيل:نفعل يا محمد.. أبعث يا مكرز لأبي سفيان ليطلق عثمان بن عفان حالاً مقابل إطلاق محمد لأسرانا.
سلمة: ما أعظمك يا رسول الله. ما أعظمك يا رسول الله..
سهيل:يا محمد طال النزاع واحتدم الخصام وقاتل الأخ أخاه والوالد ابنه وفقدت بيوت كثيرة عائليها وكثر الأيامي والثكالى واليتامى ولم تبق دار عندكم أو عندنا إلا وفيها مأتم أو حزن..
عباد: أطال سهيل بن عمرو الكلام وهو يحاور ويداور مستهدفاً صدنا عن زيارة البيت هذا العام ورسول الله صلَّى الله عليه وسلم يسعه بحلمه وصدره الرحب.
سلمة: صه يا جابر صه.. فقد انتهى سهيل بن عمرو من كلامه وهاهو رسول الله يقول بما معناه خلوا بيننا وبين البيت نطوف به..
سهيل:والله لا تتحدث العرب بنا أنا أخذنا ضغطة ولكن ذلك في العام القابل.
عباد: اخفض صوتك يا سهيل عند رسول الله..
سلمة: ويح سهيل إنه يتشدد في طلبه ورسول الله يفسح له صدره وأنا أردد قوله صلَّى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لا تدعني قريش اليوم إلى خصلة يسألون فيها تعظيم حرمات الله تعالى إلا أعطيتهم.
عباد: يا له من مفاوض وقع والله لولا رسول الله وحرمته لرمينا به ومن معه خارج الخيمة. ولولا أنه لا تقتل الرسل ولا الوفود لقتلناهم جميعاً فقد حطموا أعصابنا وأثاروا مشاعرنا..
سلمة: ورسول الله بهدوء الحليم الحكيم يهدهد موجات السخط ويمسح بيديه الرحيمتين آثار الجدل والعنف بين المتفاوضين ذلك العنف الذي كاد يهدد المفاوضات بالانقطاع..
عباد: موقف سهيل بن عمرو المتعنت كاد يقلب الصلح إلى حرب..
سلمة: ولكن رسول الله حسم الأمر وأنهى الخلاف بصبره وحلمه وسعة صدره..
عباد: ألم يقل فيه ربه. وإنك لعلى خلق عظيم..
سلمة: هاهو سهيل يقرأ بنود الصلح..
سهيل:أولاً: يرجع محمد من عامه فلا يدخل مكة وإذا كان العام القابل دخلها المسلمون فأقاموا بها ثلاثاً معهم سلاح الراكب السيوف في القرب بعد أن تخرج منها قريش..
ثانياً: وضع الحرب بين الطرفين عشر سنين يأمن فيهن الناس ويكف بعضهم عن بعض.
ثالثاً: من أتى محمداً من قريش من غير إذن وليه رده ومن جاء قريشاً ممن مع محمد لم يردوه عليه..
رابعاً: من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت هند بنت عتبة تقول):
هند: كان سهيل بين عمرو عند حسن ظن قريش به ويمقدرته كمفاوض جريء فبنود الصلح هي أكثر مما كانت تنتظر قريش.
أبو سفيان: بلى يا هند بلى. هذا ما يتراءى لأول وهلة لكل من يطلع على هذه المعاهدة.
هند: هل تخفي هذه المعاهدة غير ما تظهر..
أبو سفيان: أجل يا هند أجل..
هند: كيف يا أبا سفيان..
أبو سفيان: إن وضع الحرب بيننا وبين محمد عشر سنين أعطى لمحمد فرصة ذهبية لا تقدر بثمن.
هند: أين يا أبا سفيان وافصح..
أبو سفيان: إن هذا الصلح مكّن المسلمين من الاختلاط بأمان واطمئنان بأهليهم وأصدقائهم ومعارفهم في مكة وبين القبائل.
هند: بلى يا أبا سفيان بلى..
أبو سفيان: وكل مسلم هو داعية لمحمد ودين محمد وقد مهّد له هذا الاختلاط وسيلة مضمونة للدعوة والتكلم عن محمد ومعجزات محمد وأعماله وأفعاله..
هند: أجل يا أبا سفيان أجل..
أبو سفيان: أعطى هذا الصلح الفرصة لمحمد لنشر رسالته والتبشير بدينه بين القبائل والقضاء على كل من يقف في طريق دعوته بدون رحمة أو هوادة لأنه مطمئن من جهة عدوه اللدود قريش.
هند: بلى.. بلى..
أبو سفيان: وضع هذا الصلح محمداً في موقف الند لقريش فاعترفنا به وبأصحابه المسلمين بعد أن كنا نعتبرهم خارجين وعصاة ومتمردين.
هند: ما دامت خفايا هذا الصلح معروفة لديك فلم قبلتم بها يا قادة قريش.
أبو سفيان: لم يكن لنا الخيار يا هند. فإما أن نقاتل محمداً وإما أن نقبل بصلح ظاهره نصر لنا وباطنه في الحقيقة نصر لمحمد ودين محمد..
هند: إذن كنتم وراء إرضاء الغوغاء يا أبا سفيان..
أبو سفيان: بلى يا هند بلى..
هند: إذن فسلام على قريش يوم وضعت مقدراتها في أيدي الغوغاء والأوشاب..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت مكرز بن حفص يقول):
مكرز: كنت أخشى أن يرميك أحد المسلمين بسهم أو يقذفك غيره بحربة من شدة سخطهم عليك.
سهيل:لقد شعرت بهذه الموجة العارمة من السخط والاستياء بين المسلمين. ولكن الشيء الذي أثار إعجابي هو سيطرة محمد على المسلمين.
مكرز: أجل يا سهيل أجل.. هذا ما لاحظناه بشيء من الدهشة والإعجاب.
سهيل:ثم هذه المرونة التي يتمتع بها محمد كمفاوض والأخلاق السامية التي يتحلى بها وسعة الصدر جعلتني أعجب بمحمد وأقدره فوق ما كنت أقدره من قبل.
مكرز: أكنت راضياً عن بنود الصلح التي توصلت إليها يا أبا جندل..
سهيل:لا ورب الكعبة يا مكرز.. ولكن..
مكرز: ولكن ماذا..؟
سهيل:ليس بالإمكان أحسن مما كان..
مكرز: ولكن هذا السخط والامتعاض الذي ظهر بين فئة من المسلمين ألا يدل على أنك كنت موفقاً فيما وصلت إليه..
سهيل:ما توصلنا إليه هو أقصى ما يمكن الحصول عليه يا مكرز من المسلمين..
مكرز: هل كان بالإمكان الحصول على شروط أفضل من هذه؟..
سهيل:أجل يا مكرز أجل..
مكرز: ما هي يا أبا جندل..
سهيل:السماح لمحمد بزيارة البيت..
مكرز: ولكنك كنت من أشد الأنصار ضد محمد عن زيارة البيت في هذا العام..
سهيل:كان هنالك شبه إجماع بين القرشيين على صد محمد عن زيارة البيت وأي خروج على الإجماع معناه الخيانة ولا أريد أن اتهم بالخيانة..
مكرز: حتى ولو كان الخروج في مصلحة قريش..
سهيل:يد واحدة لا تستطيع أن تصفق يا مكرز والناس كما رأيت يتظاهرون ويتهددون بمنع محمد من دخول مكة مدفوعين بعواطفهم لا بعقولهم وتفكيرهم..
مكرز: إما تظاهرات الناس فكانت تشق أجواء الفضاء وإما أن يكونوا مدفوعين بعواطفهم أو بعقولهم فهذا ما لا أستطيع الحكم به..
سهيل:هذا هو الواقع المرير يا مكرز وأن أي تحدٍ لسخط الجماهير معناه التعرض للهلاك المحتم..
(قرع شديد على الباب مسبوق بموسيقى خفيفة نسمع بعدها صوت أحدهم يقول):
أحدهم: يا أبا جندل! يا أبا جندل..
سهيل:أدخل يا هذا.. أدخل..
أحدهم: أنعمتم صباحاً يا ذكوان.. ما وراءك..
ذكوان: هرب ابنك أبو جندل في غفلة الرقباء..
سهيل:(محتداً) الويل للرقباء. سأنزل بهم أشد العقوبة..
مكرز: هيا بنا إلى المكان الذي حبست فيه أبا جندل..
سهيل:إني ألومك أنت يا مكرز. فقد كنت أنت وحويطب تكفلتما بعدم فرار أبي جندل وأنا قبلت كفالتكما ولكنكما لم تحسنا الرقابة..
مكرز: الأمر بسيط يا أبا جندل.. أبو جندل.. سيفر إلى المدينة وسنرسل في طلبه من محمد وسيسلمه محمد عملاً بمعاهدة صلح الحديبية لأنه فر بدون إذن وليه.
سهيل:أرسل في الحال من يطلب من محمد تسليم أبي جندل وإرجاعه إلينا..
مكرز: سأفعل يا أبا جندل. كن مطمئناً فمحمد لن يتأخر في تسليمه إلينا.. لما عرف عنه من محافظته على العهود والمواثيق.
سهيل:هذا صحيح.. صحيح يا مكرز والفضل ما شهدت به الأعداء..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :654  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 19 من 58
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج