شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 40 ـ
مزنة: أماه لقد حان وقت الحديث - هيا تفضلي..
سلمى: حاضر.. إلى أين وصلنا في حديثنا بالأمس؟..
مزنة: وصلنا إلى مقتل المسلمين الستة في حادث بئر الرجيع وشماتة المنافقين اليهود فيما جرى للمسلمين..
سلمى: نعم لقد كانت حادثة بئر الرجيع محك أهل الإيمان الصحيح الذين يرضي الواحد منهم بالقتل ولا تحصد نبيه شوكة..
مزنة: صحيح يا أماه، ولكنها برهنت أيضاً على خسة المنافقين ودناءتهم وكيدهم ومكرهم فلماذا لم يتخلص النبي صلَّى الله عليه وسلم منهم.. من أعدائه في عقر داره.
سلمى: كلام جميل وسليم ما تقولين يا بنيتي.. لقد جاء عمر بن الخطاب بعد حادث أحد يستأذن النبي صلَّى الله عليه وسلم في قتال اليهود والمنافقين بعد أن سفروا عن عدائهم للإسلام والمسلمين، فكان جواب النبي صلَّى الله عليه وسلم له كما قيل:
إن لليهود ذمة علي فلا اقتلهم. والذمة هنا العهد فقد عاهدهم النبي صلَّى الله عليه وسلم كما تعرفين وعندما قال له عمر رضي الله عنه والمنافقون قال:
أو ليسوا يظهرون شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله.
فقال ابن الخطاب: بلى.. ولكنهم امتنعوا عن القتال بجانب المسلمين فبدا بذلك أمرهم - وكشف الله سريرتهم - فقال النبي صلَّى الله عليه وسلم:
لقد نهيت عن قتل من أظهر الشهادة يا عمر..
مزنة: ولا شك أن المنافقين وعلى رأسهم ابن سلول كانوا في نشوة وفرحة بعد حادثة بئر الرجيع..
(نقلة صوتية)..
حكيم: لقد كان حزن النبي صلَّى الله عليه وسلم على من قتل من المسلمين في حادث الرجيع شديداً.. أما المنافقون واليهود فقد أثلجت صدورهم وأشرقت وجوههم بالبهجة والفرحة.. وطفقوا ينشرون أنباء هذه الكارثة ويبلغونها إلى كل مكان..
الحارث: قاتلهم الله..
حكيم: ويا ليتهم اقتصروا على النشر والأخبار فحسب بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك في مكائدهم ومؤامرتهم.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى)..
مسافع: لقد أحكمت الخطة يا بن سلول ونفذها رهط عضل والقارة على وجه يضيع معه طالب الثأر.. ولقد كانت فجيعة المسلمين في من قتلوا وجيعة..
ابن سلول: سيرون من بأسنا أكثر وأكثر والأيام شهيدة.. إنني أرتقب رسول حُيي بن أخطب سيد بني النضير فأدخله حال قدومه.. وأرصد الطرق والمنافذ..
مسافع: أمرك يا بن سلول..
(يذهب - تدخل زوجته فيبتدرها قائلاً)..
ابن سلول: ما جاء بك يا أمة الله في هذا الليل البهيم؟..
الزوجة: إن جراح ابنك عبد الله تمضه وتؤلمه فهلاّ أرسلت في طلب من يعرفون..
ابن سلول: من قال له أن يشترك في معركة أُحد.. لقد نهيته.. ونصحته فلم يُصغ.. وعليه أن يتحمل وزر ما صنعته يداه.
الزوجة: إنه ولدك..
ابن سلول: ولكنه ولد عاق..
الزوجة: وإذا كان كما تقول أنتركه يموت؟
ابن سلول: إذهبي الآن وسأرسل في طلب من يعتني بأمره..
(تذهب ويدخل أحد أتباعه قائلاً)..
التابع: رسول حيي بن أخطب بالباب..
ابن سلول: أدخله حالاً..
الرسول: عم مساءً يا بن سلول..
ابن سلول: عم مساء يا بن جحاش.. ما وراءك؟..
ابن جحاش: لقد أعد حيي للأمر عدته والمهم أن يقتنع محمد بإرسال الحملة إلى نجد بناء على رغبة عامر ملاعب الأسنة فقد علمنا أن محمداً متردد.. يخشى عليهم أهل نجد..
ابن سلول: أبلغ حيياً أن الأمور تسير في صالحنا فليكن مطمئناً من هذه الناحية وعليه أن يمكن أمره مع الجهة المقابلة..
ابن جحاش: حسناً.. سأبلغه.. عم مساءً..
ابن سلول: عم مساءً..
(يخرج ونسمع اصطفاق الباب وابن سلول يقول مخاطباً نفسه)..
سيرى محمد وأصحابه منا الشدائد والأهوال..
ثم يصرخ.. مسافع.. مسافع!..
مسافع: لبيك يا بن سلول..
ابن سلول: أرسل أحد الأطباء لمعالجة ولدي عبد الله من جراحه..
مسافع: سمعاً وطاعة..
حكيم: ولم يمض على حادث الرجيع وقت طويل حتى أتى إلى النبي أبو براء عامر بن مالك ويعرف بملاعب الأسنة - وهو رجل من نجد - مسموع الكلمة في قومه فقال: يا محمد لو بعثت رجالاً من أصحابك إلى أهل نجد فدعوهم إلى أمرك، رجوت أن يستجيبوا لك - فقال رسول الله: إني أخشى عليهم أهل نجد قال أبو براء: أنا لهم جار فابعثهم يدعون الناس إلى أمرك..
زيد: وهل كان أبو براء رجلاً ذا مكانة في قومه.. يأمن على نفسه من أجاره وشمله بحمايته..
حكيم: نعم وكان من فرسان العرب المشهورين.. ولذلك وافق النبي صلَّى الله عليه وسلم صلَّى الله عليه وسلم على إرسال وفد مؤلف من صفوة أصحابه ومن خيرة مثقفيهم وكان عددهم سبعين صحابياً برئاسة المنذر بن عمرو الأنصاري، وعندما وصل الوفد بئر معونة بعث أحد أعضائه بكتاب رسول الله إلى زعيم قبائل بني عامر وديار بني سُليم عامر بن الطفيل وهو ابن أخي ابن براء ملاعب الأسنة..
الحارث: ولا شك أنه قابلهم بالترحاب لأنهم موفدون في جوار عمه ويطلب منه.
حكيم: لم ينظر عامر في الرسالة بل عدا على حاملها فقتله واستصرخ قبائل بني عامر عليهم فرفضوا طلبه فلجأ إلى قبائل رِعْل وعُصية وذَكْوان وهم من بني سُليم فأجابوه إلى ذلك..
زيد: وسارع أصحاب الرسول إلى سيوفهم..
حكيم: واحتدم القتال واستشهد ثمانية وستون منهم ولم ينج إلاّ رجلان فقط هما كعب بن زيد وعمرو بن أمية الضمري..
الحارث: وكيف نجوا من هذه المذبحة؟..
حكيم: جرح كعب فاندس بين القتلى وظن أنه قتيل.. أما عمرو بن أمية فقد كان في سرح القوم ساعة الهجوم على المسلمين فوقع في الأمر فأعتقه عدو الله عامر بن الطفيل..
زيد: إذن هو الذي نقل نبأ الكارثة إلى النبي صلَّى الله عليه وسلم.
حكيم: نعم.. ويروى أن الرسول ما وجد على أحد مثلما وجد على شهداء بئر المعونة.. وقد قتل عمرو بن أمية أثناء عودته إلى المدينة اثنين من رهط عامر بن الطفيل بقصد الثأر لقتلى بئر معونة وهو لا يعلم أن الرسول صلَّى الله عليه وسلم قد أعطاهما أماناً..
الحارث: لا حول ولا قوة إلا بالله..
حكيم: وقد أصبح النبي صلَّى الله عليه وسلم مسؤولاً عن ديتهما لأنهما قتلا وهم في جواره فخرج إلى قباء ثم مال إلى بني النضير مع وفد من كبار أصحابه فيهم أبو بكر وعمر وعلي ليطلب من اليهود كحلفاء معه ومع بني عامر المشاركة في دفع دية ذينك العامريين..
زيد: أستطيع أن أقول نيابة عنك يا حكيم إن اليهود لن يدفعوا شيئاً.. فالمال عندهم أغلى من أرواحهم وأعراضهم..
حكيم: صدقت يا زيد ولكن اليهود في هذه المرة أظهروا الترحيب بالوفد وأبدوا استعدادهم لإجابة الطلب قائلين:
نعم يا أبا القاسم نعينك على ما أحببت، فيما استعنت بنا عليه..
الحارث: شيء غريب.. لا بد وأن هناك هدفاً آخر لليهود من وراء هذا الترحيب وهذا القبول..
حكيم: نعم.. لقد عقدوا اجتماعاً سرياً عاجلاً بينما كان النبي صلَّى الله عليه وسلم جالساً في ظل جدار أحد حصونهم..
(نقلة صوتية)..
حيي: إنكم لن تجدوا محمداً على مثل حاله هذه.. إنه يستروح إلى جنب جدار أحد بيوتكم فمن رجل يعلو على سطح هذا البيت فيلقي عليه صخرة فيقتله ويريحنا منه..
سلام بن مشكم: لا تفعلوا يا قوم.. والله ليخبرن بما هممتم به وأنه لنقض للعهد الذي بيننا وبينه..
عمرو بن جحاش: أي عهد.. إنها فرصة العمر.. أنا لها.. أنا لها.. أنا لها.. إني صاعد لأخلصكم منه..
حكيم: ونزل الوحي على رسول صلَّى الله عليه وسلم فقام من مكانه وقال لأصحابه لا تبرحوا حتى آتيكم.
الحارث: يا للتخلص الرائع الحكيم.. لا شك أن الرسول العظيم قد قدر - في يقين وسرعة - أن اليهود إذا علموا أنه اكتشف مؤامرتهم لا يستبعد أن يغتنموا فرصة وجوده في ديارهم مع قلة من أصحابه فيستعجلوا الفتك به قبل أن يتمكن من العودة سالماً إلى المدينة ولذلك أوهمهم أنه ذاهب لقضاء حاجة.
مزنة: الحمد لله - لقد فوت صلَّى الله عليه وسلم على اليهود فرصة قد تكون من أثمن فرصهم للقضاء عليه..
سلمى: لقد نجى الله نبيه من مؤامرتهم ومنحه فرصة التخلص منهم.
مزنة: وكيف كان ذلك؟..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى)..
حكيم: وقد اعتبر النبي صلَّى الله عليه وسلم ما اعتزم اليهود القيام به من الفتك به غدراً في ديارهم نقضاً للعهد الذي بينه وبينهم فاستدعى إليه محمد بن مسلمة الأنصاري وقال له: ((اذهب إلى يهود بني النضير وقل لهم - إن رسول الله أرسلني إليكم أن أخرجوا من بلادي - لقد نقضتم العهد الذي جعلت لكم بما هممتم به من الغدر))..
وقد أجلتكم عشراً فمن رئي بعد ذلك ضربت عنقه.
الحارث: وماذا كان صدى هذا الإنذار عند اليهود؟..
حكيم: لقد انهار اليهود.. وتجهزوا للرحيل على إبلهم وإبل استأجروها من إحدى القبائل المجاورة - ولكن زعماء النفاق في المدينة وعلى رأسهم عبد الله ابن أُبي بن سلول أرسلوا إليهم يشجعونهم على البقاء - ويطلبون منهم رفض الإنذار والاستعداد لحرب المسلمين وأنهم سيمدونهم بألفي مقاتل وأنهم سيتصرخون يهود بني قريظة وقبائل غطفان لتهب لمساعدتهم..
زيد: ونتيجة لهذه التحريضات والتأكيدات رفضوا الإنذار..
حكيم: نعم لقد أرسلوا للنبي صلَّى الله عليه وسلم من يبلغه رفض الإنذار قائلين:
إنا لا نخرج من ديارنا.. فاصنع ما بدا لك..
(نقلة صوتية)..
أصوات: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر..
(نسمع أصوات ابواق وقعقعة سلاح.. وصهيل خيل.. وهمسات فرسان)..
حكيم: وحاصر المسلمون بني النضير.. وامتنعت قلاعهم على المهاجمين فلجأ النبي صلَّى الله عليه وسلم إلى وسيلة أضعف بها حماسة اليهود للمقاومة..
زيد: وما هي هذه الوسيلة يا حكيم..
حكيم: اليهود مشهورون بعبادة المادة والحرص الشديد على اقتناء الأموال.. وكانوا يملكون من بساتين المدينة ونخيلها أحسنها - فأمر النبي صلَّى الله عليه وسلم بالبدء في قطع نخيل بني النضير وتحريقها.
الحارث: وقد جنّ اليهود حينما رأوا ذلك..
حكيم: نعم إذ أرسل حيي بن أخطب إلى النبي صلَّى الله عليه وسلم يقول: ((كنت تنهي عن الفساد فلم تقطع النخيل، فرفض احتجاجه واستمر المسلمون في التقطيع))..
زيد: ألم يسرع ابن سلول لمساندتهم أو تنجدهم قبائل غطفان؟..
حكيم: لقد انتظروا بدون جدوى وعد المنافقين وقطفان.. ولما اشتد حصار المسلمين لهم وقتل كثير من شجعان بني النضير وبعد حصار دام أكثر من عشرين يوماً قبل اليهود الجلاء على أن يخرجوا من منطقة يثرب جميعها إلى أي مكان يشاؤون وأن يسلموا للمسلمين كل ما يمتلكون من سلاح بكافة أنواعه وأن يحملوا من أموالهم ما تقدر على حمله إبلهم.
الحارث: وأين اتجه اليهود؟..
حكيم: اتجه بعضهم إلى الشام وأكثرهم إلى خيبر ولم يبق إلاّ يهوديان اثنان أسلما هما: يامين ابن عمير ابن عم عمرو بن جحاش الذي وكلت إليه مهمة اغتيال النبي صلَّى الله عليه وسلم كما مر معنا والثاني هو أبو سعد ابن وهب..
مزنة: وقد حفظا بذلك أموالهما وساوى الإسلام بينهما وبين بقية المسلمين..
سلمى: نعم يا بنيتي - لقد اسلما قبل استسلام بني النضير ثم أعلنا إسلامهما فأحرزا أموالهما - وقد تقرب يامين بن عمير إلى الله تعالى بدم ابن عمه عمرو بن جحاش الذي أراد اغتيال الرسول صلَّى الله عليه وسلم.
(خبطة صوتية قوية)..
مزنة: كيف جرى ذلك يا أماه.. قولي..
سلمى: ستعرفين ذلك غداً إن شاء الله.. وسأقص عليك معها حادثة أعظم من هذه وأجل.
مزنة: امري لله يا أماه.. إلى الغد إن شاء الله..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :720  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 40 من 69
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج