إنها لصورة معجبة مطربة - تذكرنا بما أتفق لنا مشاهدته حتى في ضواحي أم القرى - ومنتزهاتها المتواضعة، فقد عشناها عياناً بياناً في عهد الشباب يوم كان (الحيا لا يغب يوماً في فصول الشتاء والربيع على السواء.. وإني لأتذكر منظراً شهدته في (الرصيفة) وفي (العكيشة) و(الحسينية) عام 1339 هـ لم أر مثله بعدها.
لقد كانت الأرض والجبال مكسوة بالنبات الأخضر اليانع فإذا مر بها النسيم حارت وماجت وكأنما هي الرياض المونقة.. والخمائل المورقة وكانت غاصة بالمياه الغدران.. وكان أفدح ثمن للمشاركة في (القيلة) بما احتوت من مطاعم، ومشارب ومناعم، لا يتجاوز ثلاثة قروش إلى خمسة للمترفين.. أوقية اللحم بقرشين اثنين فهل يصدق الجيل الصاعد ذلك؟ نسأل الله أن يسقينا الغيث وأن يمن علينا بطاعته وشكره وتوفيقه. وقال تعالى: وَألّوِ اسْتَقَامُواْ عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَّآءً غَدَقاً(1) فلنحاسب أنفسنا.. ولنخلص نياتنا لنصدق عزيمتنا على الخير والرشاد.
الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.