يبدأ الإبحار مع "الغربال" في محيط "الكلمة" المضمخة بعبير الصراحة، والموشاة بحروف الصدق، يكتبها بأسلوب "صحفي" واضح ليقرأها الناس وكما مر بنا – كان ( المجتمع المكي) في العقد الخامس من القرن الرابع عشر الهجري ينعم بالأمن والاستقرار، فمنذ دخول الملك عبد العزيز آل سعود مكة عام 1343هـ، بدأت الحياة في انتعاش، مدارس جديدة تبث الروح في جسم التعليم المنهك من سياسة (التتريك) وداء الإهمال، والأدب يمارس دوره في حرية وتنظيم يوجهان مسيرته.
رفعت الحواجز، فانطلقت الأقلام الشابة ترسم ملامح الأدب الجديد، وتعالج عبر الصحافة قضايا المجتمع وهمومه.
ومن بين تلك الأقلام يبرز اسم "محمد سعيد عبد المقصود" ليحتل مكانه في بلاط (الصحافة).. فيشعل ساحتها بمقالاته الجريئة، ويعالج بموضوعية قضايا (حية) يناقشها برؤية عميقة تنظر إلى الحاضر وتستشرف المستقبل.
كتب (افتتاحيات) جريدة أم القرى حين كان رئيساً لتحريرها، ونشر العديد من البحوث والدراسات الأدبية والتاريخية.
ثم نظر إلى إنسان مجتمعه فوجده الأحوج إلى الكتابة له، فالمجتمع زاخر بالعادات والممارسات اليومية التي تحتاج إلى التهذيب، والتثقيف.
والصحافة هي المنبر الذي يتيح له مخاطبة الناس في تحاور لا تنقصه الصراحة، ومثل هذا العمل يحتاج إلى وعي يختزن أكبر قدر من الصور الحية التي تعكس حياة الناس، وإلى فكر ثاقب، يطرح المسائل الحياتية بوضوح، ثم يناقشها ويحللها ويرسم الحلول المناسبة.