شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
موسوليني يحتلّ بلاد الحبشة
وهكذا أعلن موسوليني الحرب على الإمبراطور الحبشي هيلاسلاسي، واحتلّ بلاده في معارك كان فيها العلم العصري ينازل الجهل التقليدي، وكانت فيه الحضارة، على تردّدنا في تسميتها بذلك، تمحق التخلّف والقبلية البدائية وتسحقهما، وهكذا كانت البلدان العربية، المحيطة بالحبشة، والإسلامية والإفريقية المتعصّبة تحيط الحبشة بدعواتها وبقلوبها وتمنّياتها وآمالها، ولكن كل هذا لم ينفع ولم يجدِ شيئاً في مصائر الشعوب لا الدعوات ولا البركات ولا الهتافات والعصبيات.
وأتذكّر أننا كنّا في مكة كما كان من حولنا في السعودية والبلدان العربية الأخرى نتتبّع أنباء الحرب هذه في إرهاصاتها الأولى في الثلاثينيات من هذا القرن الميلادي وفيما بعدها من السنوات، ومعنا صحفنا وإذاعاتنا القليلة المحدودة من مصر، نتعصّب للإمبراطور ولبلاده، فالحبشة جارتنا ومأوى الهجرة الإسلامية الأولى من مكة إليها، ولا ننسى كيف استقبل ملك الحبشة يومئذ المهاجرين إلى بلاده من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكرامة والحماية والترحيب، وفتح لهم مجال الاطمئنان في أرضه وبين شعبه، ونصرهم على وفد قريش الملاحق لهم والمتتبّع لرحلتهم والمستقصي لهجرتهم والمحارب لهم، وكيف أفسح لكبير المسلمين سيدنا جعفر بن أبي طالب ابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقربهم إليه وأشبههم به أن يلقي عليه وعلى رجال الكنيسة محاضرة يستمعون فيها أخبار ابن عمّه محمد، فجلس الملك ورؤوس قومه وحملة الإنجيل من علمائه بين يدي جعفر، الذي قرأ عليهم سورة (مريم) كلّها وشرحها لهم، فترجمت للملك ومن حفّوا به، فاستنار بها عقله وخفق لما جاء فيها عن سيّدنا عيسى وعن أمّه قبله، حتى هفا إلى الإسلام فأسلم بعد ذلك، وكانت الحبشة بهذه الوثبة الإسلامية البلد الإفريقي الأوّل الذي تعالى منه الأذان خارج مكّة المكرمة من جزيرة العرب.
وعلى هذه الصلات والعواطف الموغلة الجذور في القدم قامت قيامة العرب المعاصرين ضدّ المعتدين على الإمبراطور وعلى بلاده، برغم ما اقترفه ذلك الإمبراطور وسلفه الإمبراطور (منليك) من محو الإمارات الإسلامية في الحبشة وأريتريا وجيبوتي والصومال، يعينه ويساعده على كل ذلك أولياؤه وأنصاره وحلفاؤه وحماته في أمريكا وأوروبا بأسرها، لا نستثني منهم ملكاً ولا أميراً ولا بلداً ولا شعباً، لا حبًّا في الإمبراطور، ولكن حماية له ولبلاده من المسلمين المحيطين به والموتورين من عمّاله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :566  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 64 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج