شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحرب الثانية بين إيطاليا والحبشة
كانت الحرب الإيطالية الحبشية هي الحرب الثانية بين هاتين الدولتين، وكانت الأولى بينهما قد تمخّضت عن دحر إيطاليا وانكسارها بعد مقاومة ضارية قامت بها القبائل الحبشية، حشدت في كل مكان من مواقع الغزو الإيطالي الأوّل، وبعد سنين من الكرّ والفرّ غلبت الكثرة القبلية الحبشية الحرب العصرية المسلّحة، فعادت إيطاليا تتربّص وتنتظر لفريستها الفرص السانحة لاحتلالها واستعمارها، حتى مضت السنون وتغيّرت الأحوال.
ونذر عهد الفاشية في إيطاليا، وقام موسوليني زعيماً عصرياً جديداً لتلك البلاد بفرقه الاشتراكية التي جنّد لها الشباب والشابات والفتيان وحملها السلاح، وأخذ يعيد الكرّة بالحرب الإعلامية الصاخبة، إن إيطاليا تحتاج إلى متنفّس لكثرة سكانها وضيق مجالها الاقتصادي والحيوي في بلادها، بعد أن جرّدتها حروبها الأولى من كثير من أطرافها، استولت عليها الدول المجاورة لها مثل النمسا وسويسرا وفرنسا، وأخذ موسوليني يتوعّد وينذر بأن تكون لإيطاليا حصّتها من البلدان المجاورة لها، والتي كانت فيها، كمقاطعة سافوي ونيس وكورسيكا وتربيستا والصومال وتونس، وأن على الدول العربية أن تعطيها حصّتها من المستعمرات، وإلاّ فإنها ستستولي عليها بذراعها.
وكانت الحبشة الوجبة الأولى التي فغرت لها أفواه جيشه المحْقُون بالشعارات الفاشية الاشتراكية الملتهبة، فملأه حماساً وصخباً وعتوّاً وشراسة. وأخيراً بدأت قوّاته تبحر من موانىء إيطاليا محمولة على أسطول ضخم من البواخر الحربية ووسائل النقل المختلفة، شحنها كلها بمئات الألوف من الشباب الإيطالي والليبي والصومالي، فأرغت بريطانيا وفرنسا وأزبدت بدعاياتها وحملات عدائها. ولكن موسوليني كان قد عجم عيدانهما وعرف جبنهما وتردّدهما في منازلته، فأشاح بوجهه عنهما وعن غيرهما، وطوت قوّاته المسافات البحرية والبرية عابرة قناة السويس في صخب من الدعاية المدمدمة، وعبرت البحر الأحمر حتى نزلت في ميناء مصوع في المستعمرة الإيطالية أريتريا على سمع العالم وبصره.
واستغاث إمبراطور الحبشة هيلاسلاسي بدولتي بريطانيا وفرنسا اللتين تملكان مستعمرات مجاورة ومحيطة بالحبشة، فلم تجرؤ واحدة منهما على استنفار أسطولها ومنازلته، بل نصحتاه بتقديم شكوى مستعجلة واستغاثة مولولة بدول العالم من على منبر عصبة الأمم يومئذ في جنيف، وهي التي تمخّضت عنها نهاية الحرب العالمية الأولى، ووعد بها الرئيس الدرويش نلسون رئيس الولايات المتحدة الأمريكية يومئذ، الذي ضحك عليه حلفاؤه وأصدقاؤه في تلك الحرب، بريطانيا وفرنسا. فعاقبهما الله في مؤتمر يالطا في نهاية الحرب العالمية الثانية بإقصاء فرنسا عن حضور تقسيم العالم في المؤتمر المذكور، وبتآمر ستالين الصاعقة الباقعة على تشرشل نمر الحرب وضخم الغرب بالضغط على حليفه روزفلت، بأن تكون الحصة العظمى من نصر الحرب لروسيا، وأن تصفّى الامبراطورية البريطانية من الوجود الذي لا تغرب عنه الشمس، تمَّ كل هذا في يالطا في غفلة مختلسة عن تشرشل، انتهزها ستالين وأقنع بها روزفلت وهو على أبواب الآخرة. وخرج ستالين من المولد بالحمّص كله ومع عرائس المولد كلها وهي دول البلقان، وواحدة بواحدة، والبادي أظلم، وتلك الأيام نداولها بين الناس.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :525  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 63 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج