شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ذكرياتي مع الحاج الحسيني في بيروت
وأعود فأكرر أن الحاج أمين الحسيني كان من أعلام الحجاج، ومن أبرز الشخصيات التي لا تغيب عن الأعين في مواسم الحج وفي الجلسات الكثيرة التي التقيت فيها معه، سواء وأنا في الحكومة أو بعد خروجي منها في بيروت، كنت ألتقي به في ندوة يوم الاثنين في منزل صديقه وصديقنا الأستاذ المجاهد أبي الحسن محمد على الطاهر، صاحب جريدة "الشورى" المشهورة المخيفة للاستعمار وأعوانه، يوم كانت تصدر في القاهرة بين الحربين العالميتين الكبريين، فكان الحاج أمين زينة تلك الندوة من رجالات العرب، وما منهم إلا وزير متقاعد أو زعيم مجاهد ترجل عن فرسه، وأخذوا يتجمعون من العراق ومن سورية ومن فلسطين والأردن والمغرب الأدنى الى المغرب الأوسط والأقصى، فكانت دار الأستاذ الطاهر حافلة بهم سواء أكانت في شارع الملكة نازلي في القاهرة مدة ثلث قرن قبل الثورة المصرية، أم في ندوته في داره في مطلع شارع "جان دارك" من رأس بيروت المواجهة لمدخل الجامعة الأمريكية.
يجيء الحاج أمين الى تلك الندوة ومعه تابعه الأنيق "البرقاوي" الذي يصل معه الى باب شقة الأستاذ الطاهر، ثم يعود لينتظره في سيارته التي يختار لها مكاناً غير منظور من مداخل الأزقة الفرعية عن ذلك الشارع، وكما كنا نستمع إليه في أحاديثه بمكة في مواسم الحج كنا نستمع إليه في أحاديثه الجادة الهامة في تلك الندوة، أو في داره ببيروت، فيحدثنا عن أعوام الحرب الخمسة التي قضاها في برلين متردداً منها على روما ثم على بلاد "البوسنة" و "الهرسك"، وهما ولايتان من ولايات جمهورية يوغسلافيا المكونة من ست ولايات اتحادية بينها ثلاث تقريباً لمسلمي تلك البلاد وعددهم نحو ثلاثة ملايين نسمة اليوم.
كان الحاج أمين يحدثنا عن أهوال الحرب العالمية الثانية عندما وقع في أثنائها مسلمو يوغسلافيا بين براثن القوى المتطاحنة يومئذ على الاستيلاء على تلك البلاد، وكيف بعثوا له يوم كان في برلين وفداً مستنجداً به ليعمل على إنقاذهم بواسطة الحكم الألماني يومئذ، الذي قد تم له السيطرة على تلك البلاد، وبقي المسلمون فيها يتخبطون بين القوى المتصارعة والقوميات المعادية، حتى فقدوا عشرات الألوف منهم ذهبوا ضحية الذبح والمشانق بين القوى المتصارعة هناك بين الشيوعية والنازية والقوميات البلقانية الأخرى. وتطول تلك الندوات ونحن نستمع إلى أحاديث ذلك الزعيم بحب واحترام.
هكذا فالحديث عن الحاج أمين الحسيني يجدر بسواي، أن يطيل فيه ما اختصرت، والتاريخ إلى الآن لم ينصفه، كما لم ينصف بلاده ولا قومه، ولا نعلم إذا كان في المستقبل أمل لإنصاف من غمط حقهم من رجالات العرب أم لا.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :578  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 56 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج