شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
والشيخ حسن البنا أيضاً
نترك هذا للمستقبل، فلن يكون الحاج أمين الحسيني الأول ولا الآخر بين من يغمط حقهم وينكر قدرهم، وتنسى أعمالهم، وكان طيب الله ثراه شديد المجاملة لمن يعرف، يتعهده بالزيارة والسؤال، وقد كان يتفضل بزيارتي في بيتي بالرياض وجدة ومكة وفي بيروت، ويستفسر عني بالهاتف دأبه في ذلك معي كدأبه مع أكثر من يعرف، كان من النبل والكرامة في ذروة الرجال.
ومن الشخصيات البارزة التي أدت فريضة الحج؛ مرة أو مرتين في تلك الأيام أيضاً وعرفناها واستمعنا إليها واجتمعنا بها من ألوف المجتمعين والزائرين، الأستاذ العظيم حسن البنا، وهو غني عن التعريف والإشادة. كان يحج في عدد قليل من رجال الإخوان المسلمين، ويحرص أشد الحرص على لقاء الملك عبد العزيز والاجتماع به والتحدث إليه والإصغاء لما يفضي به إليه، وكان ينزل منزلة الكرامة والإكرام من الملك، فيلبي طلبه في الحال، كلما أبدى رغبة في لقاء جلالته، وكانت هذه الشخصية من الشخصيات التي تترك انطباعاً وأثراً جليين في كل من اجتمع بها واستمع إليها.. أو تحدث إليها رحمه الله رحمة واسعة فقد كان من بقية الرجال.
ومن شخصيات الحج التي يتكرر قيامها بأداء فريضة الحج على طول الأعوام في الثلاثينيات من هذا القرن السيد محمد طاهر المجددي، الذي كان وزيراً مفوضاً لبلاده "أفغانستان" يومذاك في مصر، ثم في المملكة العربية السعودية لسنوات عديدة، وكان شخصية إسلامية مهيبة المنظر قوية الشكيمة والمخبر، لعب دوراً بارزاً في حياة "أفغانستان" السياسية، وقاوم الملك "محمد أمان الله خان" يوم تولى العرش ونحا نحو حمل بلاده على الحياة الغربية، فكان الأستاذ المجددي وأسرته من أوائل من قاوم ذلك التيار وخاصمة وألب علماء بلاده عليه سنوات عديدة، حتى جرف أمان الله خان التيار التقليدي، فخرج من بلاده متوجهاً إلى مكة لأداء فريضة الحج. وأتذكر وأنا طالب في مدرسة الفلاح أني قد رأيته يومئذ فور وصوله إلى مكة محرماً ومعه زوجته الملكة "ثريا" ذات الأصل السوري، التي كانت أحد عوامل تألب نساء الأفغان عليها لما أبدته في الرحلة التي قام بها الملك إلى أوروبا من لبس البرنيطة، وغشيان بعض أندية الرقص، فأخذت الاستخبارات الأوروبية التي كانت معادية للملك وعهده صوراً عديدة للملك والملكة في تلك الأوضاع، ثم سربتها إلى الصحافة العالمية والأفغانية وإلى العلماء في "كابل" و "قندهار"، وإلى القبائل الأفغانية شديدة الاعتزاز بقوميتها وإسلامها، فكان من شرر ذلك الحريق الذي أتى على الملك تلك الثورة العارمة ضده فلاذ منها بالفرار.
أتذكر في زيارة الملك تلك أن المصادفة قد أوقفتني، وكنت ماراً تحت بيت آل باناجه في مكة، إذ استلفت نظري الملك "أمان الله خان" في ملابس إحرامه فور وصوله إلى مكة يترجل من السيارة مع الملكة، ثم يرقى درج ذلك البيت مع من كان ينتظره من رجال الحكومة السعودية والمرحبين به من قبلها، حيث ينزل ضيفاً مكرماً على الملك عبد العزيز.
ثم رأيته بعد بضعة أيام من ذلك اليوم يحضر الحفل الموسمي الذي يقيمه الملك عبد العزيز لكبار الحجاج في كل عام، في مساء اليوم السادس من شهر ذي الحجة قبل يوم "عرفات" بثلاثة أيام، وكان في موسم ذلك الحج وفي تلك الجلسة الملكية العالم المصري الشهير محمد الغنيمي التفتازاني.
كانت الصلة بين الملك أمان الله خان ووزيره المفوض الأستاذ محمد طاهر المجددي قوية متسلسلة بين آلهما وآبائهما، لهذا كان الملك أمان الله لا يرد للسيد المجددي طلباً، لأنه كان يحسب له ألف حساب، حتى ثار عليه مع علماء بلاده ورؤساء قبائلها ووجهائها، كما أشرنا إليه.
وهكذا كان المجددي أينما حل وأقام يحرص على الحضور في الحفلات الحكومية والشعبية، فكان له نشاط كبير في القاهرة تظهر صورته في كل أسبوع مع الملك فاروق في سنوات ملكه الأولى، عندما كان يؤدي فريضة الجمعة في مسجد من المساجد.
ثم تظهر صورته في الحفلات والمآدب يتميز بعمامته الأفغانية وجبته الأنيقة ولحيته المميزة، وتنشرها صحف مصر المصورة، حتى أصبح الأفغاني هذا بعمامته الأفغانية والسيد عبد الله علوي الجفري وجيه الجنوب العربي المقيم بمصر يومئذ علامتين مميزتين لحفلات مصر العامة والتي يحضرها الملك فاروق، وكما كان شأن المجددي هذا في مصر فكذلك كان شأنه في الحفلات والمناسبات يوم يكون في مكة في مواسم الحج، يحضر مع الملك عبد العزيز حفلات الموسم بمكة ومنى..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :697  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 57 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.