كان الشيخ اسكندر العازار من أصحاب العلم والفضل والأدب، وممن اشتهروا بذلك في لبنان، بالإضافة إلى مساهماته في عالم الشعر. بيد أن صديقه الكاتب والأديب بطرس داغر شاء أن يداعبه مداعبة إخوانية، فكتب له هذين البيتين الساخرين:
وعالم لا نفع من علمه
ولم تكن أعماله صالحة
فهو بحكم الفعـل بـين المـلا
كوردة ليس لها رائحة!
لم يكن للشيخ اسكندر أن يترك هذا التحدي يمرّ مرور الكرام أو الّلئام، فحرّر له بدلاً من البيتين ستة أبيات كجواب عليه بذات الوزن والقافية:
أرسل الحب عتاباً طيباً
مرسلات الـورد منـه رائحة
إنما ذا العتب صرح لفتى
جعـل الصـدر رهـين الجارحة
بيننا خبز وملح فلما
تعمـل الطبخـة هـذي مالحة؟
كنت ورداً وله رائحة
نقلتها الحاملات البارحَة
فغدا العطر بحنجور ويا
نعم هاتيـك الأيـادي الصالحة
وضع الوقت عليه ختمه
أين مـن يقـرأ تلك الفاتحة؟
اشترى الشيخ اسكندر العازار ساعة يدويّة ما فتئت حتى أخذت تقصر وتسبق بالدقائق والساعات، فأخذها إلى الساعاتي ليصلحها له، ففعل. ولكنها ما لبثت حتى عادت إلى التأخير والتقديم، فضاق ذرعاً بها كما يحصل لأي واحد منّا في مثل هذا الموقف مع الساعات. ولكن الشيخ لم يكن كأيّ واحد منا يفرغ همّه بمخانقة الساعاتي ولومه وشتمه وضرب الساعة في وجهه، بل كان شاعراً فاستخدم هذا السلاح الرائع في معاتبة الساعاتي قائلاً:
عادت إلى موّالها
من غيـر قطـع الزنبرك
نسيت لخفّة عقلها
مالي من (الخوشبوش) معك
فافرك بحقك أذنها
إذ أنـت سيّـد مـن فرك
والطم بكفّك خدّها
لكن توقّ لي الحنك
إن صلحـت فامـنن عليّ
بها، وإلاّ فهي لك!
كان الساعاتي صديقاً للشيخ وزميلاً، إن لم يكن في قطع الزنبرك، فعلى الأقل في قرض الشعر. فأصلح الساعة وأعادها له مع هذه الأبيات: