فِي وَجنَتَيْه طَلاَقَةٌ وتَورّدُ |
وعلى أصابعه خِضاب أسْودُ |
ضاقَتْ بـه الدُنْيا فلَـمْ يَحْفِـلُ بهـا |
شَتّان عبدٌ في الحياة وسَيّدُ |
ضاقَتْ فوسَّعَ بالبشَاشَةِ ضيقَها |
وطَغَتْ فروّضَها فؤادٌ أصْيَدُ |
ما هاضـَت البَلْـوى جَنـاحَ رجائـه |
أوْ شَلَّ هِمَتَهِ الكِفاحُ المُجْهِدُ |
أبداً يُدَنْدِنُ ثَغْرُهُ أغنيةً |
تَحْلو على تكرارِها وتَجدَّدُ |
أيّان جاعَ فزادُه في كِيسِهِ |
نِعْمَ الرفاقُ لفافتانِ ومزوَدُ |
وينامُ حَيْث تَنالُه سِنَةُ الكَرَى |
سِيّانِ لينّةٌ لَدَيْهِ وجَلْمَدُ |
لا يَسْتَقِرُّ به المَكَانُ كأنَّما |
في نَفْسِهِ دُنْيا تَقومُ وتَقْعُدُ |
طَوْراً تَراه في المَحَطةِ جاثماً |
يَسْتَقْبِلُ الغادين أو يَتَصَيَّدُ |
وتَراه طَوْراً في المقاهي حائماً |
كالطَيْر لاحَ لِمُقْلَتَيْه مَوْرِدُ |
يَفْتَنُّ في التَشْويق، فهْوَ بِزَعْمِه |
مِلِكٌ تَدين له النِّعال وتَسْجُدُ |
فِرشَاتُه مِنْ هُدْبِ كلِّ مَليحةٍ |
وطِلاؤه تِبْرٌ أُذِيبَ وعَسْجَدُ |
والخُرْقةُ الصَفْراءُ فُضْلَةُ فَضْلةٍ |
منْ شالِ كِسْـرَى لَـمْ تُدَنّسْهـا يَـدُ |
ويُداعبُ المُتقَاصدين مُراعِياً |
أدبَ الكلام مُجانباً ما يُوجِدُ |
هذا يقولُ له حِذاؤك كالِحٌ |
فاضْحَكْ لَعَلّ هُمومَه تَتَبَدَّدُ |
ويَعَيبُ هذا أنَّ سَيْرَ حذائِهِ |
كالمِقْوَد المَحْبوكِ أو هُوَ مِقْوَدُ |
نُكَتٌ تَصُبّ علـى الكِفَـاح حـَلاوةً |
وتَصدُّ عاديَةَ المِلالِ وتُبْعِدُ |
* * * |
يا ضارِباً في الأرْضِ يَزْرعُ قُوتَه |
عِنْدَ الصَبـاح وفي العَشيّـة يَحْصُـدُ |
لا القَرُّ مَهْمـا اشتـدَّ يُخْمِـدُ عَزْمَـهُ |
يَوماً ولا حَرُّ الظَهيرةِ يُقْعِدُ |
يَهْنيك أنَّك لا تُفكّرُ في غَدٍ |
إنَّ التعاسةَ أن ينغّصَنا الغَدُ |
قُلْ للغَنِيِّ إذا وَقَفْتَ ببابِه |
أنا لَوْ عَلِمْـتَ أعـزُّ منـكَ وأسْعَـدُ |
تَخْشَى الكسَـادَ فـلا تَلَـذُّ بمأكَـلٍ |
وتَخاف عُـدْوانَ اللُّصـوص فتَسْهَـدُ |
أمّا أنا فأنام مِلءَ مَحَاجري |
ويَطيبُ في فَمِـي الرغيـفُ الأسْـودُ |
داري الفَضاءُ وبـابُ داري مُشـرَعٌ |
للطارقين، وكهربائي الفَرْقَدُ |
ماذا أخافُ ورأسمالي عِدّةٌ |
عَجْفاءُ لا يُغْرَى بِها مُتَشَرِّدُ |
وَعَلامَ أخْشَى والنِّعالُ كثيرةٌ |
والشَمْسُ تَلْفَحُ والغمامةُ تَجْلُدُ |
* * * |
يا غامراً بالبِشْرِ أحْذيَةَ الوَرَى |
سَلِمَتْ يَدٌ مِـنْ أُفْقِهـا سَحّـتْ يَـدُ |
لا يَهْمِ فَضْلُكَ في نِطاقٍ ضَيِّقٍ |
إنَّ الكريمَ يجودُ، لا يَتقيّدُ |
بعضُ الوجوهِ وأنـتَ تَعْـرفُ أمرَهـا |
جَفَّ الحَياءُ بها وشاهَ المَشْهَدُ |
فامْسَحْ بِفرشاتَيْك كالِحَ لَوْنِها |
فلعلَّها تَبْيَضُّ أو تَتَجَدَّدُ |