شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ماسـح الأحذيـة
فِي وَجنَتَيْه طَلاَقَةٌ وتَورّدُ
وعلى أصابعه خِضاب أسْودُ
ضاقَتْ بـه الدُنْيا فلَـمْ يَحْفِـلُ بهـا
شَتّان عبدٌ في الحياة وسَيّدُ
ضاقَتْ فوسَّعَ بالبشَاشَةِ ضيقَها
وطَغَتْ فروّضَها فؤادٌ أصْيَدُ
ما هاضـَت البَلْـوى جَنـاحَ رجائـه
أوْ شَلَّ هِمَتَهِ الكِفاحُ المُجْهِدُ
أبداً يُدَنْدِنُ ثَغْرُهُ أغنيةً
تَحْلو على تكرارِها وتَجدَّدُ
أيّان جاعَ فزادُه في كِيسِهِ
نِعْمَ الرفاقُ لفافتانِ ومزوَدُ
وينامُ حَيْث تَنالُه سِنَةُ الكَرَى
سِيّانِ لينّةٌ لَدَيْهِ وجَلْمَدُ
لا يَسْتَقِرُّ به المَكَانُ كأنَّما
في نَفْسِهِ دُنْيا تَقومُ وتَقْعُدُ
طَوْراً تَراه في المَحَطةِ جاثماً
يَسْتَقْبِلُ الغادين أو يَتَصَيَّدُ
وتَراه طَوْراً في المقاهي حائماً
كالطَيْر لاحَ لِمُقْلَتَيْه مَوْرِدُ
يَفْتَنُّ في التَشْويق، فهْوَ بِزَعْمِه
مِلِكٌ تَدين له النِّعال وتَسْجُدُ
فِرشَاتُه مِنْ هُدْبِ كلِّ مَليحةٍ
وطِلاؤه تِبْرٌ أُذِيبَ وعَسْجَدُ
والخُرْقةُ الصَفْراءُ فُضْلَةُ فَضْلةٍ
منْ شالِ كِسْـرَى لَـمْ تُدَنّسْهـا يَـدُ
ويُداعبُ المُتقَاصدين مُراعِياً
أدبَ الكلام مُجانباً ما يُوجِدُ
هذا يقولُ له حِذاؤك كالِحٌ
فاضْحَكْ لَعَلّ هُمومَه تَتَبَدَّدُ
ويَعَيبُ هذا أنَّ سَيْرَ حذائِهِ
كالمِقْوَد المَحْبوكِ أو هُوَ مِقْوَدُ
نُكَتٌ تَصُبّ علـى الكِفَـاح حـَلاوةً
وتَصدُّ عاديَةَ المِلالِ وتُبْعِدُ
* * *
يا ضارِباً في الأرْضِ يَزْرعُ قُوتَه
عِنْدَ الصَبـاح وفي العَشيّـة يَحْصُـدُ
لا القَرُّ مَهْمـا اشتـدَّ يُخْمِـدُ عَزْمَـهُ
يَوماً ولا حَرُّ الظَهيرةِ يُقْعِدُ
يَهْنيك أنَّك لا تُفكّرُ في غَدٍ
إنَّ التعاسةَ أن ينغّصَنا الغَدُ
قُلْ للغَنِيِّ إذا وَقَفْتَ ببابِه
أنا لَوْ عَلِمْـتَ أعـزُّ منـكَ وأسْعَـدُ
تَخْشَى الكسَـادَ فـلا تَلَـذُّ بمأكَـلٍ
وتَخاف عُـدْوانَ اللُّصـوص فتَسْهَـدُ
أمّا أنا فأنام مِلءَ مَحَاجري
ويَطيبُ في فَمِـي الرغيـفُ الأسْـودُ
داري الفَضاءُ وبـابُ داري مُشـرَعٌ
للطارقين، وكهربائي الفَرْقَدُ
ماذا أخافُ ورأسمالي عِدّةٌ
عَجْفاءُ لا يُغْرَى بِها مُتَشَرِّدُ
وَعَلامَ أخْشَى والنِّعالُ كثيرةٌ
والشَمْسُ تَلْفَحُ والغمامةُ تَجْلُدُ
* * *
يا غامراً بالبِشْرِ أحْذيَةَ الوَرَى
سَلِمَتْ يَدٌ مِـنْ أُفْقِهـا سَحّـتْ يَـدُ
لا يَهْمِ فَضْلُكَ في نِطاقٍ ضَيِّقٍ
إنَّ الكريمَ يجودُ، لا يَتقيّدُ
بعضُ الوجوهِ وأنـتَ تَعْـرفُ أمرَهـا
جَفَّ الحَياءُ بها وشاهَ المَشْهَدُ
فامْسَحْ بِفرشاتَيْك كالِحَ لَوْنِها
فلعلَّها تَبْيَضُّ أو تَتَجَدَّدُ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :573  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 586 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.