شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ليلة في سامـر
حَفَلَ النَّديُّ، وطابَ لَيْلُ السَّاهِرِ
وَطَغَى الشَّرابُ على وَقَار السَّامرِ
وبَقيتُ وَحْدي غارِقاً بخَواطِري
أتأمَّلُ الدُّنْيا بطَرْفٍ سادِرِ
وكأنَّما قَرأ الصَّحابُ سَرائري
فتضاحَكوا مِنَّي بلَهْجَة ساخِرِ
لمْ يرْحَموا قَلَقَ الصَّديقِ الحائِرِ
لم يأخُذوا بيد الضعيف القاصِرِ
قالوا اتْرُكوه، فهْو غَلْطةُ شاطِرِ
يَمْشي على عَكْس الزَّمان الدائرِ
ويجولُ بَيْنَ مَخاوفٍ ومَخاطرِ
هُوَ ناسكٌ والنُّسْكُ صَفْقةُ خاسِرِ
هُوَ شاعرٌ… ساءَتْ حَياةُ الشاعِرِ
هُوَ فَيْلسوفٌ في مَلابسِ تاجِرِ
وظَلَلْتُ أجْتَرُّ الحياةَ بخاطِري
أمْسِي مَحَا أمْسِي وهَمَّ بحاضِري
وغَدِي سَيَذْهبُ مثْلَ أمْسي الدّابرِ
أأنَا أنا؟ أمْ طَيْفُ شَكًّ عابِر؟
يَطْوي المسالِكَ في الظَّلام العَاكِرِ
والأرْضُ تَطْويه ولَيْسَ بشاعِر؟…
* * *
مِنْ أينَ جِئْتُ، وكَيْفَ أعْرفُ مَرْقَدِي؟
وعَلامَ يَغْمُرني الظَّلامُ السَّرْمَدِي؟
قَدْ تَعْبَثُ الأرْياحُ بالزَّهْرِ النَّدِي
لكنْ مَتَى يَمْضي الشَّتا يَتَجَدّدِ
أنا حائِرٌ، أنا ضائِعٌ في فَدْفَدِ
مَنْ مُنْجُدي في حَيْرتي، مَنْ مُنْجدي
أنا مُقْعَدٌ، فارثُوا لِحالِ المُقْعَدِ!
كُتِبَ الفَناءُ عَلّيَّ ساعةَ مَوْلِدِي
قَلْبي وعَقْلي في صِراعٍ أنْكَدِ
ويَدي مُقَيّدةٌ، فما جَدْوَى اليدِ؟
ما نفْعُ سَيْفٍ في الوقيعة مُغْمَدِ؟
يا عَقْلُ لا تَأْثمْ ولا تَتَشدَّدِ
أجْهَدْتَني فارْفِقْ بدَمعِ المُجْهَدِ
كَمْ ذا تَرُوح مَعَ الضَّلال وتَغْتَدي
إنَّي اعتَمَدْتُ على القَويَّ الأوْحَدِ
وشَحَذْتُ بالإيمان غَرْبَ مُهَنّدي
وغَسَلْتُ أجفاني بنُور الفَرْقَدِ
وَعَزَمْتُ أقْتَلِعُ الشُّكوكَ وأهتَدِي
وصَرَفْتُ قَلْبيَ للعبادَةِ، فاقْتَدِ…
* * *
وأفَقْتُ مِنْ حُلْمي بقُدْرةِ قادِرِ
فوجَدْتُ أنَّي لَمْ أزَلْ في السَّامرِ
وسَرَى إلى سَمْعي تَضاحُكُ هاذِرِ
قالَ اتْرُكوه، فهْوَ غَلْطة شاطِرِ
هُو ناسِكٌ. والنُّسْكُ دَرْب الشّاكِرِ
هُوَ شاعرٌ… ساءَتْ حَياةُ الشاعِرِ!
فعَذَرْتُه، لكنْ بِقَلْبٍ فائِرِ
وكَرِهْتُ رائحة الشَّرابِ الفاخرِ
وعَلَتْ إلى يُمنايَ ضَجّةُ شاخِرِ
وانبحَّ عَنْ يُسْرايَ صَوْتُ الزامِرِ
فرَجَعْتُ أدْراجي أطيّبُ خاطِرِي
* * *
وأوَيْتُ للبَيْتِ الأغرّ الأسْعَدِ
فوَجَدْتُه بالبِشْر يَطْفَحُ والدَدِ
نَرْجيلتي هذي، وهذا مَقْعَدي
وفِراخُ بَيْتي يَرْقُصون لِمُنْشِدِ
ورفيقَتي والهِرُّ حَوْل المَوْقِدِ
فانسابَ دَمْعي مِنْ جَمالِ المَشْهَدِ
وانْشَقَّ فَجْري بَعْدَ لَيْلٍ أسوَدِ
ورأيْتُني أجْثُو أمام السَّيّدِ (1)
وأقولُ لا تَأخذْ عليَّ تَمَرّدي
إنَّي اهْتَدَيْتُ إلى الطريقِ الأرْشَدِ
وغَسَلْتُ أجفاني بنورِ الفَرْقَدِ!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :429  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 531 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

محمد سعيد عبد المقصود خوجه

[حياته وآثاره: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج