شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الشَّيطـان المتنسَّـك
نَدمَ الشيْطانُ عَن أعمالِهِ
ذاتَ يَوْمٍ، وعَنِ الشرَّ ارْعوَى
لم يَعُدْ يُغوي ولا يُغري ولا
يُوقع الأغرارَ في فَخَّ الهَوَى
صارَ مَخْلوقاً رَفيعَ المُسْتوَى
كَفَّ عن إشْعال نيرانِ الوَغَى
والقلا بَيْنَ شُعوبٍ وشُعوبْ
جَذَّ قَرْنَيه، وأخْفَى ذَيْلَهُ
واستَتاب اللهَ غَفَّارَ الذُّنوبْ
فعَفا الله عَنِ الغاوي الكَذوب
وانْزَوَى في جَبَلٍ منْعَزلٍ
لَيْسَ فيه غَيْرَ حِرْمانٍ وجوعْ
يَوْمُه، مِنْ مَطْلع الفَجْر إلى
آخر اللَّيْلِ صَلاةٌ وخُشوعْ
ودُموعٌ تتساقَى مِنْ دُموعْ
وأفاقَ الناسُ يَوْماً، فإذا
كُلُّ شيءٍ صارَ شَيئاً آخرا
لكأنَّ الأرضَ عَنْ دَوْرَتِها
وَقَفَتْ تَسْألُهم عمَّا جَرَى
أصَحيحٌ، أصحيحٌ ما يُرَى؟
أضْحَتِ الدُّنيا بَهاءً خالِصاً
وبِساطاً للتَّصابي والشَّرابْ
ما الـذي حَـلَّ بهـا حـتى غَـدَتْ
جنَّةً تُهْوَى ولَحْناً يُسْتَطاب؟
ما الـذي طَهّرَهـا مِـنْ كـلِّ عـابْ؟
زالَتِ الأحْقادُ مِنْ عالَمِهِمْ
واستَتَبَّ الأمْنُ، والعَدْلُ اسْتَقَامْ
لم يَعُدْ للقوّة الحقُّ، ولا
للحُسام الفَضْـلُ أو فَصْـلُ الكـلامْ
بلْ تساوى الناسُ في ظلَّ السَّلامْ
نَشَرَ الحبُّ عليهم بَنْدَهُ
وامَّحَتْ بَيْنَ الأقاليم الحُدودْ
لم يَعُدْ ثمَّة داعٍ للوَغَى
فلماذا يَحْشَدُ الناسُ الجُنودْ
ولمَ الصاروخ والسَّيْف الحَصوْد؟
لَمْ يَعُدْ للحَرْبِ مَن يُوقدُها
فَعَرا الإفْلاسُ تُجارَ السِّلاحْ
كَسَدْتْ بَعْدَ رَواجٍ سُوقُهُم
وجَرَتْ – في غَيْر ما شاؤوا – الرِّيـاحْ
ودَجا في أُفْقِهم نورُ الصَّباحْ
عادَ للبَيْتِ الذين ارْتَحلوا
واْلتَقَى الأهلُ شُيوخاً وشَبابْ
أمِنَتْ نَعْجتُهم مِنْ ذِئْبهم
وتآخت ذاتُ طَوْقٍ وعُقابْ
وغدا التِّبْر رَخيصاً كالتُّراب
لَمْ يَعُدْ يَقْتُلُ جارٌ جارَهُ
لِجَفاءٍ، أو خِلافٍ عابِرِ
وابنةُ الحيّ مَشَتْ آمنةً
لَمْ تَعُدْ نَهْباً لِوَحْشٍ كاسِرٍ
وغدا المأمورُ صِنْوَ الآمرِ
غَيْرَ أنَّ العَيْشَ لَمْ يَصْفُ لَهُم
فقدِ اسْتَشْرتْ مَـعَ الوَقْـتِ البَطالَـهْ
نِسْبةُ العُمال زادَتْ، فانتَهَتْ
نِسْبَةُ الأجْرِ إلى أسْوأ حالَهْ
كَيْفَ لا يَفْقِدُ فِرْدَوْسٌ جَمالَهْ!
والذين انقَطَعَتْ أرزاقُهم
بانقطاعِ الشرِّ ما بَيْنَ البَشَرْ
أرَّثُوا النِّقْمة، ثم اخْتَبأوا
في كُهوفٍ مِنْ سكوتٍ وحَذَرْ
أو تلَطّوا خَلْفَ أجْذاع الشَّجَر
عمّتِ الشَّكْوى، وكانَتْ أولاً
هَمْسةً أوْ نَبْرةً بَيْن الشِّفاهْ
ربَّنا أنتَ مَلاذٌ لِلأُلى
ضَيّعوا كلَّ ملاذٍ ورَجاءْ
فأنرْ دَرْبَ العَبيد الضُّعَفاءْ
ربَّنا قَدْ ذَبُلَتْ آمالُنا
وسئِمْنا العَيْشَ أرقاماً تَدورْ
لم يَعُدْ فينا طُموحٌ للعُلا
مات في أعماقِنا حتى الشُّعورْ
فابتَعِثْنا مِنْ غيابات القُبور
رُدَّنا شَعْباً بلا رابطةٍ
أوْ شُعوباً تَتَفانَى في الحُروبْ
ولْيَذُدْ كلُ امرىءٍ عنْ حَقَّه
ولْتَشِبَّ النارُ ما بَيْنَ القُلوبْ
لَمْ يُحَقِق ذاته إلاّ الدَّؤوبْ
رُدَّنا شاةً وذِئْباً ضارياً
ولْيَدُمْ ما بَيْنَنَا ذاكَ العِداءْ
هكذا عِشْنا ومِتْنا دائماً
فلماذا جَعَلونا شُركاءْ
في ثَواءٍ وشَرابٍ وغِذاء؟
 
طباعة

تعليق

 القراءات :413  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 530 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج